خطوة جديدة قد تكرس التباعد بين بلدان المنطقة المغاربية أقدمت عليها الجارة الشرقية الجزائر، بعد إعلانها عزمها تسييج 6 آلاف كيلومتر من حدودها، وتعزيز المراقبة العسكرية على مستوى الجنوب والشرق والغرب، ومع المغرب وليبيا على وجه الخصوص، وذلك عبر الاعتماد على مئات الأبراج ونقاط ووسائل المراقبة، والرادارات، في الليل والنهار، حسب ما نقلته مصادر إعلامية مقربة من قصر "المرداية". الخطوات الجديدة التي تأتي في أعقاب الدعوة الملكية، ومبادرة اجتماع وزراء خارجية بلدان الاتحاد المغاربي، جددت الاتهامات إلى المغرب بارتفاع وتيرة التهريب في مناطقه، مشيرة إلى تنامي تسلل الجماعات الإرهابية في بقية الحدود، وهو دفعها إلى ما أسمته "التفكير الجدي في خطوات أخرى من شأنها الحيلولة دون وقوع مفاجآت بشكل خاص، خصوصا بعد تكرر حالات تسلل محدودة لمهربين وإرهابيين ومهربي مهاجرين سريين". وأضافت المصادر ذاتها أن "الجهات المختصة نشرت أبراج مراقبة محصنة على طول الحدود، جهزت بنقاط مراقبة ليلية وكاميرات مراقبة ليلية تشتغل بنظام الأشعة تحت الحمراء على مدار الساعة؛ فضلا عن خندق على طول الحدود"، مشددة على أن السياج "من شأنه تخفيض محاولات التسلل، وضبط عمليات التهريب المنتشرة بكثرة". وفي هذا الصدد قال عبد الرحمان المكاوي، الخبير العسكري والإستراتيجي، إن "الإجراء الجزائري بمثابة جواب آخر على المبادرة الملكية المنادية بفتح الحدود"، مشيرا إلى أن الجزائر سبق أن أقامت سياجا إلكترونيا يرصد كل التحركات على مستوى الحدود المغربية والليبية والتونسية، كما اقتنت أنظمة قمرية للتشويش على القمر الصناعي "محمد السادس أ" و"محمد السادس ب". وأوضح المكاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الإجراء يؤكد عزم الجزائر على الهروب إلى الأمام، إذ تَعتبر العلاقة مع المغرب محور كل الصراعات التي تشهدها رقعة الحكم"، لافتا إلى أن "المبادرة الملكية أحدث شرخا لأول مرة في السياسة الجزائرية، وذلك باعتراف من الساسة الجزائريين، إذ تحولت إلى موضوع نقاش جماعي لدى الشعب الجزائري". وأردف الخبير العسكري بأن "دعوة الجزائر وزراء خارجية البلدان المغاربية إلى الاجتماع هي محاولة من أجل الالتفاف على المبادرة المغربية، وجاءت نتيجة ضغط الاتحاد الإفريقي على قصر المرداية، إذ تتواجد 8 مجموعات اقتصادية في القارة الإفريقية، تشتغل 7 منها، في حين يظل الاتحاد المغاربي حبيس الفشل والجمود". واستبعد المتحدث أن "يكون لمسألة التسييج أثر على قمة وزراء الخارجية؛ فالكل يعلم أن تونس وموريتانيا تساندان بشكل غير مباشر الدعوة الجزائرية، لكن ليبيا قد تسجل تحفظها على الأمر"، مؤكدا أن "الجزائر وكعادتها ستحاول الهيمنة على مجريات اللقاء المقبل".