وكأن المغرب يعيش تحت قنابل اجتماعية موقوتة؛ فلا يكاد يمر شهر دون أن تزهق أرواح مغاربة أبرياء حتم عليهم القدر أن يعيشوا في بيوت ومساكن عشوائية شبيهة بقبور الموت، دون أن تحرك وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والسكنى وسياسة المدينة، التي يقودها عبد الأحد الفاسي الفهري، ساكناً. فقبل أيام بمدينة الدارالبيضاء، مع أولى التساقطات المطرية، عاد شبح انهيار المنازل ليقض مضجع البيضاويين بعد انهيار منزلين، حيث تم انتشال جثتي أم طاعنة في السن وابنتها، بينما نجت الحفيدة الشابة من الموت بأعجوبة، حيث تم انتشالها من تحت الركام بعد ساعات من البحث والتنقيب، وهو مشهد مرعب يتكرر في مدن كثيرة، حاصداً مئات الأرواح والضحايا، ومخلفا خسائر لا تعد ولا تحصى. نقطة سوداء أخرى تنضاف إلى سجل الوزير "التقدمي" تتعلق بحصيلة تنفيذ المشروع الملكي الطموح "مدن دون صفيح"، الذي يهدف إلى اجتثاث الأحياء العشوائية بالمغرب، إذ أن فشل القطاع الوصي في إقناع ساكنة "الكاريانات" و"البراريك" بترك هذه المناطق حوّلها إلى خزان احتجاجي مثل ما وقع في "كاريان حسيبو" بعمالة عين السبع بالبيضاء، و"دوار الكرعة" بالرباط، الذي اعترض سكانه موكبا ملكيا في سابقة هي الأولى من نوعها. وأقر المسؤول الحكومي، في اجتماع رسمي سابق، بأنه رغم المليارات التي تخصصها الدولة المغربية، فإن النتائج لم تكن في مستوى التطلعات لمحاربة السكن الصفيحي ومشكل المباني الآيلة للسقوط. كما أن الحلول التي يتم اقتراحها بعد هدم هذه البؤر السوداء يرفضها السكان لأنه يتم رميهم في مناطق بعيدة عن المركز. ويبدو أن الشعارات الاجتماعية التي يرفعها حزب وزير الإسكان، والتي يؤكد رفيقه محمد نبيل بنعبد الله أنها عامل محدد في بقائه في الحكومة أو مغادرتها، تظل في واد وإنجازات عبد الأحد الفاسي الفهري في واد آخر. وفي انتظار أن يُحس خريج المدرسة العليا للتجارة بباريس بالوضعية الكارثية لآلاف الأسر المغربية، التي تحلم فقط بسكن لائق في عصر المغرب الحديث، ينزل هذا "المناضل الشيوعي" إلى درك النازلين في بورصة هسبريس إلى حين.