الإرهاب لا دين ولا جنسية له، لكنه في المغرب، على الأقل، بات له عنوان وصفة، فجل الانتحاريين، الذين كانوا وراء العمليات الإرهابية، التي ضربت الدارالبيضاء في السنوات الأخيرة، ينتمون إلى كاريان السكويلة، بحي سيدي مومن، في ضواحي العاصمة الاقتصاديةوتجمع بينهم صفات مشتركة عديدة، أبرزها الفقر والأمية، والإحساس بالتهميش. فمن أكواخ هذا الحي الصفيحي، خرج محمد منطالا ومحمد رشيدي وأيوب الرايدي، الذين قادوا العمليات الإرهابية الفاشلة بحي الفرح، يوم 10 أبريل2007، ومن الكاريان نفسه خرج عبد الفتاح الرايدي، الشقيق الأكبر لأيوب الرايدي، الذي كان فجر نفسه السنة نفسها بمقهى للأنترنيت بسيدي مومن. كما أن يوسف الخودري، المتورط بدوره في تفجير مقهى الانترنت ليوم 11 مارس 2007، نشأ وترعرع بالكاريان ذاته. وهؤلاء الشباب جلهم لم يتجاوزوا خلال دراستهم، فصول الإعدادي، ومنهم من غادر المدرسة قبل الحصول على الشهادة الابتدائية، مثل يوسف الخودري وأيوب الرايدي. في هذا الحي الهامشي للعاصمة الاقتصادية، كان يقيم، أيضا، فوج "الكاميكاز" الأول، الذي زرع الموت والرعب بين المواطنين خلال أحداث 16 ماي لسنة 2003. ومنذ هذا التاريخ الأسود بات اسم كاريان "السكويلة" محط اهتمام وسائل الإعلام المحلية والأجنبية. ومن المفارقات العجيبة أن الحي يحمل اسما نبيلا وهو "السكويلة"، الذي يعني "المدرسة" باللغة الإسبانية. يمتد هذا الكاريان على مساحة حوالي ألف متر مربع، ويقطنه، حسب إفادات السكان، قرابة 12 ألف مواطن (6 آلاف وفق الوثائق الرسمية). يعتبر الكاريان المذكور من أقدم الأحياء الصفيحية بالدارالبيضاء، إذ جرى إنشاؤه، في بداية القرن الماضي، من أجل إسكان الوافدين من بوادي الشاوية للاشتغال في ميناء الدارالبيضاء ومعامل شركة السكر والشاي بالمدينة. وسمي ب "السكويلة" نسبة إلى وجوده قرب مؤسسة تعليمية يهودية كانت توجد بالمنطقة قبل أن تُهدم بداية الثمانينات، وتحل محلها شركة لصنع آلالات التجهيز المنزلي. يقول السكان في هذا الحي الصفيحي أنهم سئموا أن يكونوا محل ريبة منذ 16 ماي 2003. بعد مرور سنوات على هذه الأحداث، مازالت أكواخ الكاريان القصديرية قائمة على خريطة سيدي مومن، رغم المجهودات، التي تقوم بها السلطات المحلية من أجل إعادة إيواء قاطني الكاريانات. ويشمل برنامج إعادة هيكلة دوار السكويلة في شموليته، إعادة إسكان 2000 أسرة، اختيروا من بين سكان أزقة الدوار، بعد دراسة ميدانية، من أجل فسح المجال لتجهيزه بالبنيات التحتية، وتمكين الأسر المتبقية به من سكن لائق. ورغم الحالة الفقر والتهميش، التي يوجد عليها هذا الحي القصديري، فإن سكان كاريان السكويلة يصرون على أن يكونوا في قلب العالم. فهم يرتبطون بشبكة الانترنيت بواسطة "سيبير كافي"، يوجد قرب مدرسة الحنصالي، وهو الوحيد بالكاريان، في حين يقضي الشباب العاطل بالحي وقته في السفر عبر قنوات التلفزيون العالمية، التي يوفرها جهاز البّارابول المعلق على سطح جل البراريك.