قال عبد القادر الشاوي، الروائي والناقد المغربي، إن عدد الروايات المغربية المكتوبة باللغة العربية لم يتجاوز 950 رواية إلى حدود سنة 2015، مضيفا أنه لا يمكن أن يكون قد تجاوز عددها في السنة الجارية ألفي وثلاثين رواية، في حين أن فرنسا وإسبانيا تشهدان في الدخول الأدبي إصدار ما يتراوح بين 500 و600 رواية جديدة. وذكّر الشاوي، في سياق تقديمه وتوقيعه روايته الجديدة "بستان السيدة" مساء الجمعة بمكتبة الألفية الثالثة بالعاصمة الرباط، بأن تاريخ الأدب المغربي الحديث لا يتجاوز سبعة عقود، وأن أول رواية مغربية هي "الزاوية"، التي ترجع إلى سنة 1942، وأن زمنا مرّ بعدها قبل نشر رواية أخرى في نهاية خمسينيات القرن الماضي، لتظل فترات نشر الروايات متباعدة إلى حدود الفترة الذهبية في أواسط التسعينيات، التي عرفت صدور ما يتراوح بين 20 و35 رواية سنويا. وتحدّث كاتب "كان وأخواتها" عن عدد روايات محمد عز الدين التازي التي تبلغ 24 رواية، في حين لا يتجاوز إنتاج الكتاب المكرّسين الآخرين 15 رواية، فيما تبلغ نسبة الروايات الأولى التي لم ينشر كاتبوها بعدها روايات أخرى 65 بالمائة من مجموع الإنتاجات الروائية المغربية. وأشار الشاوي إلى تعقيد بنية النشر بالمغرب واختلافها بين النشر على حساب شخصي، والنشر على حساب دور النشر ونشر الهواة، مع تأكيده على أن الإيداع القانوني أصبح أكثر تنظيما ولا يمكنه أن يعطي أكثر من هذه الوضعية. ووصف الشاوي حال الرواية بالمغرب قائلا: "إنها لا تزال تبحث عن نفسها"، مستحضرا اتجاهات الروايات المغربية الأخيرة نحو التاريخ أو المجتمع أو الفكر المجرد نسبيا أو أوضاع حياتية معينة لأفراد وسياقات، في ظل غياب تيمة مهيمنة؛ مثل سياق الرواية المصرية، ونجيب محفوظ على وجه الخصوص، الذي تتميّز فيه كل مرحلة بخصائصها المشتركة التي تنبئ عن الإبداع الروائي فيها. ونفى الشاوي، الذي كان معتقلا سياسيا في فترة سنوات الرصاص، قدرته على التحرّر من هذه التجربة "مهما كان عمره العقلي والزمني"، وزاد مستشْكلا إمكانية ذلك "وهو قد دخل السجن في سن 22 وخرج منه وهو "شيباني" في الأربعينات من عمره". وقدّم الشاوي روايته الجديدة "بستان السيدة" على أنها توهم القارئ بعلاقة حميمية مستحيلة، إذ تتحدّث عن امرأة غير موجودة في الواقع، بل توجد بتعدّدها؛ فهي شخصية متناقضة انتقلت من مجال إلى آخر على المستوى العقدي، وعاشت تبعية وشبه عبودية بين الانطلاق والتحرّر على المستوى العاطفي، كما عاشت بين الاندماج وعدم الاندماج، لتمثّل بذلك المقابل الأنثوي لشخصية ذكورية تعيش حياة من الطبيعة نفسها. والانتحار، الذي تتحدّث عنه الرواية، حسب كاتبها، لا يعدو كونه انتحارا رمزيا يظهر التناقض الذي يحمله إنهاء الحياة لأنه يمثّل نهاية لا مخرجا، ولأن الاختلاف لا يمكنه أن يؤدي إلى الاستحالة التي لا يستطاع معها تحقيق المصير. ويرجع تاريخ كتابة هذه الرواية إلى سنة 2007، ونُشرت بعد مراجعتها، رغم أن الكاتب لم يغيَّر فيها الكثير، لأن قدرَ الكاتب الأدبيَّ هو أن يكتب الرواية بهذه الطريقة التي فيها "نوع من التمحّن"، وفي عمقها بحث متصل ومتواصل عن الموضوعات والأساليب والشخوص، يقول الشاوي، الذي وعد بنشر رواية أخرى في السنوات المقبلة تتحدث عن انقلاب في التشيلي، التي كان سفيرا للمملكة بها، ويرد فيها ذكر عمل فني لفَريد بلكاهية، التشكيلي المغربي، ستهرُبُ به إحدى الشخصيات، وتتحدّث عنه روايتُه "رغم أنه لم يره يوما".