على مدى يومين كاملين، كانت قاعة المحاضرات بآداب بنمسيك بالدارالبيضاء غاصة بنقاد وباحثين من مدن الدارالبيضاء والرباط وفاس ومكناس وأسفي وطنجة وسطات والقنيطرة والجديدة ومدن جامعية أخرى إلى جانب طلبة الدراسات العليا والدكتوراه، وعدد آخر من المبدعين المغاربة. وكذلك الوفد الجزائري ممثلا بعز الدين جلاوجي و محمد زتيلي وعبد الحميد هيمة وشادية شقروش وآمال منصور والناقدة السورية مها خير بك. وذلك لحضور ومتابعة الندوة العلمية التي نظمها مختبر السرديات بتنسيق مع رابطة أهل القلم بسطيف الجزائرية، وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، والماستر المتخصص الإشهار والتواصل .. يومي 15 و16 نونبر 2007 في موضوع الرواية الجزائرية: الذات والتاريخ والحلم. النص بين التاريخ والفن افتتحت الندوة برئاسة عبد القادر كنكاي نائب العميد المكلف بالشؤون العلمية، الذي ألقى كلمة بالمناسبة وضع فيها هذا اللقاء في إطاره الثقافي والعلمي، وقد تساوق ذلك مع كلمتي(رئيس رابطة أهل القلم) وشعيب حليفي(رئيس مختبر السرديات)، الذين أكدا على الاستمرار في خلق شروط ثقافية، تمكن الثقافة المغاربية من تبوأ مكانتها الطبيعية في المغارب. تمحورت الجلسة العلمية الأولى حول: النص ، الحقيقة ، التاريخ، وقد كانت برئاسة نور الدين دنياجي وتدخل فيها أحمد بوحسن في موضوع (الروائي والتاريخي في رواية " كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد ) مستهلا ورقته بقراءة ركزت على التقنية المعتمدة في بناء هذه الرواية، والعلاقة الشفافة بين السرد الروائي والسرد التاريخي، ثم على دور هذا النوع من السرد الروائي في توسيع دائرة الوعي بأهمية التاريخ. فهي تقنية مركبة لما فيها من تداخل بين السرد الروائي والسرد التاريخي، وشبه متوازية لما فيها من عرض غير متكافئ لبعض اللحظات الدالة في حياة الأمير عبد القادر، وبعض اللحظات الحرجة من حياة الأسقف مونسنيور ديبوش، صديق الأمير، الذي سيتولى مهمة سردية أساسية في الرواية. أما العلاقة بين السرد الروائي والسرد التاريخي فتتميز بشفافية خاصة، حيث يبدو التاريخ "الواقعي" شفافاً خلف لعبة السرد. وقد حاول الكاتب فيه أن يقلص المسافة الفنية بين السرد التاريخي والتخييل السردي. ويتمثل ذلك في محاولة المحافظة، ما أمكن، على كل وسائل الصناعة الفنية التاريخية؛ من حيث النصوص- الوثيقة، أو التتابع الخطي التاريخي، أو المحافظة على الإشارات التاريخية الدالة المختلفة. وفي ذلك ما يؤكد ويوهم في نفس الوقت بواقعية السرد وإيهاميته. ثم تمثل توسيع دائرة الوعي بحاضرية التاريخ عندما سمح السرد الروائي بالكشف عما لم يتحدث عنه السرد التاريخي؛ فأخضع المسلمات التاريخية للمساءلة، وكذلك بعض السلوكات البطولية، وغيرها من القناعات التاريخية الكثيرة الموروثة، أو تلك الملتصقة بالذات أو بالآخر. (احمد بوحسن هو ناقد وباحث، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب محمد الخامس بالرباط، دكتوراه الدولة في الآداب، يدرس المناهج النقدية، صدرت له مجموعة من الدراسات منها: الخطاب النقدي عند طه حسين، العرب وتاريخ الأدب، كما ترجم عدة أعمال منها: تكوين الخطاب السردي العربي، ونظرية الأدب الفهم القراءة التأويل...) شعيب حليفي في المداخلة الثانية ( تخييل الحقيقة في السرد الروائي)، تحدث بأن بحثه ينزع إلى تقديم مقاربة تهم الرواية المغاربية عموما، والرواية الجزائرية تحديدا من خلال رواية (بخور السراب ) لبشير مفتي،وذلك عبر التمهيد بأسئلة علاقات التخييل بالحياة والحقيقة باعتبار العناصر المشكلة للحكاية هي نسيج للإحالات المتعددة على كافة الخطابات، البارزة والخفية، والتي يكون الروائي أمامها بين اختيارات من بينها: تأكيد ونقل تلك الخطابات الاحالية ضمن شكل فني حكائي مقنع ، وبذلك فانه لا يضيف شيئا للحكاية. أو نقض الرؤى والخطابات السائدة المهيمنة والمتحكمة في توجيه الأفكار وتنميطها، وذلك بتقديم رؤية /رؤى أخرى في سياق إنتاج خطاب ثقافي وجمالي ضمن جنس الرواية، لأن التخييل، سواء في علاقته بالذات أو بغيرها، هو تلك المساحة الخلاقة التي لا تكرر، وإنما تبدع وتشكل، بمعنى من المعاني، تعديلا ونقدا وتكييفا عبر الحكاية ورؤاها اللامحدودة. في محور تأويلي قارب الباحث كيفية عمل رواية ( بخور السراب) على تخييل اليومي بتناقضاته وخطاباته، وبالتالي صوغ خطاب حكائي حول العطب دون استنساخ الخطابات الأخرى. ففي( بخور السراب) ظلت المرجعية البانية لأنوية الدلالة مرتبطة بمجازات وصور بلاغية تحيل على هوية الوطن، والصراع الذي يحرك أحداثه ولرسم هذه الدلالات توسل الراوي بالسرد وتقنياته عبر بناء حكايات تحركها شخوص مختلفة ومتناقضة ومتحولة ، تحيا الظاهر والباطن وتعيش السياسي والديني، الحياد والانخراط.حيث التفاعل مع كل تحول تعكسه ملفوظات الخطابات وتنوع المعجم والإحالات والرموز وتدبيرات أخرى من الراوي في إطار بناء عالم العلاقات المؤدي إلى التباس في الحياة والموت وما بينهما . بخور السراب هي صورة بلاغية لشكل التواصل ودرجات توتره ، وأيضا رسم للتخفي وتبادل الأدوار بين ما هو حقيقي ومحتمل... وهي أهم الجروح التي تحملها شخصيات الرواية بين النفسي والتاريخي والذاتي تعمل الرواية على الحفر فيها وفي ما ينجم من تعفن أو أمل في الشفاء. وتختتم هذه لمداخلة أسئلتها بالبحث في الإضافات الممكنة على مستوى الرؤية والتقاط التحولات الثابتة والطارئة في السياقين العام والخاص والتي تفرز عدة إعاقات وأعطاب واختناقات جعلت من الواقع بدلالاته وحقائقه المتبدلة باستمرار، مرجعا طاغيا وسط رهافة التخييل. (شعيب حليفي ناقد وباحث، أستاذ التعليم العالي بآداب بنمسيك بالدارالبيضاء . دكتوراه الدولة في الآداب 1999 يدرس السرد والآداب الإفريقية. من مؤلفاته: شعرية الرواية الفانتاستيكية. الرحلة في الأدب العربي.هوية العلامات. ومن أعماله الروائية: مساء الشوق، زمن الشاوية، رائحة الجنة، مجازفات البيزنطي.) وقرأ عبد الفتاح الحجمري ورقة في موضوع (الوطن في الجيب: قراءة في رواية " حمائم الشفق " لجيلالي خلاّص) عارضا لبنية الضمائر التي تتحكم وتوجه الرواية، تتقاطع فيها سيرة مدينة وإنسان بوحشية مزعجة أحيانا، وبلين مشتهى أحيانا أخرى. وفي الأفق تبدو الأرض قاحلة والعيون حالمة، وكلاهما ينبئان بحالة حرب وتوتر مروع للأماكن والضمائر. الرواية تعبر عن كل حالات الضجر وهي تصور السارد أثناء حرب خاطفة وهي بداية ونهاية الرواية مما خلق نوعا من التاريخ الخاص والهوية و نوعا من التطابق انطلاقا من الضد / المختلف. عماد الرواية وحكايتها، إذن، حالات التباس بين الكائن والممكن والمرجوّ، بين المدوّي والمثير والهائج والمفزع . (عبد الفتاح الحجمري ناقد وباحث. أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب بنمسيك. دكتوراه الدولة في الآداب 1999 .يدرس الرواية والآداب المقارنة.من مؤلفاته: عتبات النص: البنية والدلالة، شركة الرابطة، 1996- الحكاية والمتخيل المجلس الأعلى للثقافة . القاهرة . 1997. - الخطاب الروائي العربي. المدارس. البيضاء. 2002) عبد اللطيف محفوظ تدخل في موضوع( العوالم الممكنة في رواية الشاذ لربيعة مراح) وقد عمل في مستهل قراءته لرواية " الشاذ" لربيعة مراح، على توضيح مفهوم العوالم الممكنة كما صاغه ووظفه أمبرتو إيكو في كتبه "القارئ في الحكاية" و"السيميائيات وفلسقة اللغة". و"حدود التأويل". بناء على ذلك سعى إلى توضيح أن العالم الممكن، بصفة عامة، هو بناء ثقافي، حيث الخصائص هي التي تتآلف وتتقاطع لتميز الأفراد. وهذه الأفراد هي إما ضرورية أو طارئة عرضية. وأن العالم الممكن لا ينفلت أبدا من الخضوع للعالم الفعلي، لأن هذا الأخير وحده يسمح بتشييد عوالمنا الممكنة. وبما أن العالم الفعلي – الذي هو بناء ثقافي – يشكل جزءا من النسق التصوري لفرد ما، فإن ردود أفعال المحايدين تجاه العالم الممكن تنقسم إلى قسمين: قسم يتفق مع مواقفه الافتراضية، وقسم لا يتفق معها. ولذلك فإن ارتباطه بعالم ممكن ما، هو فعل إيديولوجي. وذلك ما حاولت المداخلة توضيحه بخصوص السارد بوصفه فردا محايدا. كما عرضت لشكل تمظهر العوالم الممكنة المرتبطة بالعوالم السردية وسيميائيات النص، والتي هي عالم الحكاية، وعالم القارئ النموذجي؛ والعوالم الممكنة المشكلة من قبل الشخصيات. (عبد اللطيف محفوظ ناقد وباحث. أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب بنمسيك. دكتوراه الدولة في الاداب 1999 .يدرس الرواية والقصة والسيميائيات.من مؤلفاته: وظيفة الوصف في الرواية، وآليات إنتاج النص الروائي، - المعنى وفرضيات الإنتاج.) تمثل الهوية وأشكال التخييل في الجلسة الزوالية والتي ترأسها محمد زتيلي وكانت في محور السرد وتمثل الهوية ، تدخل بوشعيب الساوري في موضوع( تمثلات الهوية والآخر في الرواية الجزائرية)حيث قارب موضوعه معتبرا أن الحديث عن موضوع مثل "تمثل الهوية والآخر في الرواية الجزائرية" يقود إلى استحضار سياقين بارزين كان لهما الأثر الأكبر عليها، وساهما بشكل كبير في تشكل صورة كل من الذات والآخر. وهما سياق الثورة والشهداء المرتبط بالفترة الاستعمارية وما بعدها، وسياق الإرهاب الذي يحيل على تسعينيات القرن الماضي تلك العشرية السوداء. ستنعكس هذه المتغيرات على تمثل الرواية الجزائرية لكل من الأنا والآخر. من ثمة تصير مفاهيم الهوية والآخر نسبية ومتغيرة وملتبسة بهذين السياقين. وللاقتراب من هذا المنطلق تناول الباحث ثلاثة نصوص روائية وهي: لروائي من الجيل السبعيني وقد صام عن الكتابة الروائية وعاد إليها بعد عقود وهو محمد زتيلي من خلال روايته عصافير النهر الكبير، وروائيين ينتميان إلى الجيل الحالي، لكنهما يختلفان على مستوى المنطلقات الفكرية والتطلعات الجمالية، هما حسيبة موساوي في روايتها حلم على الضفاف وعمارة لخوص في روايته كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك. ويرجع اختيار هذه الروايات - كما يقول الباحث- إلى ملاءمتها للمنطلقات المنهجية، إذ تعالج كلها تيمة الذات في علاقتها بالآخر، من خلال تجربة الهجرة والعودة إلى الوطن. وأبرز أيضا كيف تناولت الروايات الثلاث مفهومي الهوية والآخر باعتبارها نتيجة تفاعل أصحابها وتمثلهم للسياقين المذكورين أعلاه. مع ربط ذلك بخصوصيات الكتابة الروائية عند كل واحد من الروائيين الثلاث، كل ذلك في علاقة بخصوصية الكتابة الروائية الجزائرية عموما. وتلتقي الروايات الثلاث في أن هجرة أصحابها كانت اضطرارية ولم تكن اختيارا لأصحابها، كما أنهم وجدوا صعوبة في العودة إلى الوطن. لكنها تختلف في تمثل الآخر والهوية. ففي الوقت الذي عكست فيه رواية حلم على الضفاف تصورا منغلقا للهوية محكوما بالصراع والمواجهة مع الآخر البعيد المتميز عن الذات المسؤول عن تمزق الهوية في الغربة خارج الوطن. نجد رواية عصافير النهر الكبير تبرز تصدع الهوية داخل الوطن، لكن ليس بسبب خارجي وإنما المسؤول هو آخر منبثق من الهوية بعد الاستقلال. في حين أن رواية كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك تدعو إلى هوية منفتحة موسعة تدعو إلى التخلص من الذاكرة وتجاوز الانتماءات الضيقة بعد الوعي بتمزق الهوية داخل الوطن. (بوشعيب الساوري باحث في السرد العربي ومهتم بالفلسفة، حاصل على دكتوراه في الأدب العربي. صدر له كتاب( الرحلة والنسق دراسة في إنتاج النص الرحلي رحلة ابن فضلان نموذجا) عن دار الثقافة المغرب 2007، وكتاب (رهانات روائية قراءات في الرواية المغربية) عن دار النشر جذور2007 وله كذلك كتاب قيد الطبع وهو النص والسياق دراسة لرسالة التوابع والزوابع.) فتيحة بناني في الورقة الثانية، قاربت موضوع( شرخ الهوية أو محو الأجناس في رواية نينا بوراوي) أبرزت في مداخلتها ، والتي ألقتها باللغة الفرنسية، كيف تفضح البنية غير المتوازنة في الرواية الذاتية لنينا بوراوي في روايتها ( المسترجلة) عالما وهميا تبحث فيه الساردة عن هوية ممحوة المراجع والثوابت.فقد ولدت بمدينة رين في فرنسا وترعرعت بعدة مدن بالجزائر قبل أن ترحل إلى سويسرا في سن الرابع عشرة من عمرها... كل هذه التنقلات الجغرافية خلقت خدشا في نمو شخصية لم يكتمل بناؤها بعد..لهذا تجد المراهقة كيانها مبعثرا بين ضفتين لا تلتقيان: إفريقيا، أوربا، الجزائروفرنسا، هنا هناك، الذاكرة النسيان، الأنثى الذكر، الشباب الشيخوخة، الحاضر والماضي . غير أن الشخصية الراشدة تجعل من كل هذا المزيج ثراء تريد الانتماء به إلى بني الإنسانية.. لا للغة معينة أو لجهة بذاتها أو لثقافة خاصة. يبقى السؤال الأهم لماذا تجدي الكتابة الأدبية ؟ (فتيحة بناني بناني أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب بنمسيك، حاصلة على دكتوراه الدولة في الأدب الفرنسي - 2005 تدرس الأدب المغاربي المكتوب بالفرنسية، الثقافة والمجتمعات الفرانكفونية، الاستشراق والاستعراب، لها عدة دراسات ومشاركات في عدة ندوات.) وتدخل أحمد فرشوخ بورقة نقدية بعنوان ( الرد بالكتابة ، قراءة في رواية الرماد الذي غسل الماء لعز الدين جلاوجي ) وقارب الرواية، انطلاقا من وعي نقدي مركب يقرن إنتاج الأدبية بالسياق الثقافي. ومن ثم دراسة العلاقة الحوارية بين فعل التخييل وتشكيل الهوية في محاولة لكسر النموذج الغربي. ذلك أن الرواية الجزائرية دافعت عن وجودها تجاه الآخر من خلال ما يسمى بجمالية المقاومة، لذلك فهي ما تزال بحاجة لمزيد البحث قصد استخلاص قوتها الفنية والأخلاقية والمعرفية بعيدا عن معايير النظرية المتمركزة. ضمن هذا السياق إذن، يركز البحث على العناصر المشخصة للوعي الفني في رواية جلاوجي من جهة ومدى استفادتها من النموذج الروائي الغربي والرد عليه، في آن واحد، مما يفتح المجال أمام مقاربة نقدية طباقية تدمج البعد الاستطيقي ضمن المنظومة الثقافية والتاريخية والإيديولوجية،. ومن هنا طموح البحث لتحرير التحليل من النظرة الاختزالية التي تنظر إلى الرواية بعيدا عن تكوينها التناصي المتصل بتطويع الجنس الأدبي الوافد وتلوينه بتقاليد سردية ومحلية:الأمر الذي يعتبر بمثابة رد بواسطة الكتابة على المركز الثقافي والأدبي،وبالتالي بمثابة تقويض للفرضيات التي كانت تاريخيا تشكل أدب الثقافة المستعمرة . ومن هنا يتيح البحث المجال لطرح أسئلة جديدة من قبيل:.كيف تعيد الرواية الجزائرية في نماذجها الناضجة تعيين اللغة والزمان والمكان؟ كيف تتمثل السرد والتاريخ والرؤية والقيم؟ ما طبيعة نظرتها إلى الواقع و كيف تنظر إلى المعرفة والمعنى؟؟ بل وما طبيعة إدراكها للأدب ذاته؟؟ وكيف كسرت مقولة النوع؟ كيف تناولت الحقيقة والسلطة؟ كيف استعادت الأعراف الأدبية والتقاليد الشفهية؟ بل وكيف تمكنت من الارتياب في مفهوم العالمية الذي اعتبر الأداة النقدية الأوربية المهيمنة لتعيين الثقافات والآداب العليا والدنيا؟ وبالموازاة كيف يمكن للنقد استيعاب طبيعة تكوينها الخاص؟ وما سبيل تطوير نظرته من الداخل لأجل قراءة ما لم يقرأ واستكشاف عناصر الاختلاف؟ (أحمد فرشوخ كاتب وناقد وباحث له دكتوراة في الاداب، له عدة إصدارات وهي: صورة الطفل في القصة المغربية القصيرة( 1995)، جمالية النص الروائي(1996)، حياة النص( 2004)، تجديد درس الأدب(2005)، تأويل النص الروائي(2006) فضلا عن مؤلفات جماعية ودراسات منشورة في الملاحق والمجلات والمواقع الاليكترونية.) إدريس الخضراوي قرأ مداخلته بعنوان( البطاقة السحرية: التاريخ وسرد الهوية ) وتطرق في مداخلته التي قاربت رواية محمد ساري (البطاقة السحرية ) عناصر مترافدة أفضت بالكثير من كتاب الجزائر خاصة، والعالم العربي عامة، إلى الكتابة عن التاريخ سرديا. فالتجربة الاستعمارية القريبة التي تعرضت لها هذه الرقعة الجغرافية ولا تزال تداعياتها الصعبة تلاحق الكثير من أقطارها شكلت بالنسبة للكاتب العربي حقلا فكريا وشعوريا غنيا يمكنه من إعادة ترميم بياضات هذه المرحلة الحديثة وكتابة تاريخها المتحرر من إكراهات السلطة على الحقيقة. وهنا نفكر،يقول الباحث ، في سلطة المستعمر التي مكنته من تقديم سردية تخصه، وتشوه الكثير من ملامح الشعوب التي احتلها، وكذلك سلطة الدولة العربية الحديثة التي لم تكف هي الأخرى عن تقديم التاريخ الذي يلائم مصالحها ويحفظ امتدادها بين شعوبها. هذا السياق المتوتر هو الذي حرض الكاتب الجزائري على العودة للتاريخ، وإعادة تقديم وقائعه متسلحا بالسرد، مانحا صوتا للسردية التي غيبتها السلطة أو غمرها نفوذ الأقوياء. بهذا المعنى تضطلع الرواية الجزائرية الحديثة، وهي تأخذ على عاتقها هذه المسألة الصعبة، بمهمة إنسانية وثقافية ملتزمة يتأكد من خلالها أن السرد هو عين الأمة، والمعبر عن وجودها الحضاري. لكن هذه الرواية ليست تاريخية بما أنها تكتب التاريخ وتلاحق ظلاله الملقاة على واقعنا المعاصر، فقد لاحظ الناقد سعيد يقطين، وكذلك عبد الرحمن منيف، بأن هذه الحساسية البارزة في المشهد الروائي العربي، تحرر الرواية من هذا التصنيف، لأن ما تكتبه لا يزال يلقي بظلاله على معيشنا، ولا زلنا نحتك بتداعياته، اجتماعيا وسياسيا وثقافيا. ونتصور أن رواية البطاقة السحرية للكاتب الجزائري محمد ساري تندرج ضمن الكثير من هذه الأعمال السردية الحديثة التي تنجز قراءة مكثفة للتاريخ الجزائري الحديث، وتحفر بقوة في أعماقه لتكشف عن أسئلة سلطة راهنة وزمن عصي عن التحديد. (إدريس الخضراوي باحث وناقد له دكتوراه في الآداب له عدة مساهمات ومشاركات في عدة ندوات وقد نشر العديد من المقالات بعدة منابر عربية.له كتابان قيد الطبع وهما : الذات والآخر في مرآة التمثيل الأدبي.الدراسات الثقافية والأدب). وستعرف الجلسة الثالثة – الزوالية، والتي ترأستها دة/ مها خير بك مناقشات جديدة للمتن الروائي الجزائري ويتدخل عبد الرحمن غانمي في موضوع (مخاضات الحكي بين الفزع والفراغ) محللا نصوص (البارانويا) لسعيد مقدم و(بيت من جماجم ) لشهرزاد زاغر ثم رواية ( قدم الحكمة ) لرشيدة خوازم، مبرزا انزياحات في الكتابة عبر التشخيص في مسارب الذوات والعوالم التي تنزع نحو الاحتجاج وإدانة الواقع والوجود الملتهب والمسيج بعلائق قهرية، وضمن هذه الفضاءات يتنامى مخاض الحكي المنشطر على ذاته والمسرف في ملاحقة الأنا الغائصة في متاهات ومصادفات الأشياء والشخوص. كل هذا يتم وفق تجليات متباينة من نص لآخر، حتى وإن كانت النصوص مسكونة بهواجس الحكي الحاضن للقلق ومعنى الخواء والسعي نحو ترميم المحطم والاستئناس سرديا وتخييليا ب" القضايا" السردية الموحشة الموغلة في سبر أيقونات الفراغ الذي تنشئه حكايات وأحداث مفزعة مولدة للتفجع والحلم المجهض والهوية الطافية على أكثر من أتون ساخن، وهي تواجه الفزع والخراب والمجهول، في ضوء علاقة الذات بمحيطها وحاضرها المثقل بوخزاته وانكساراته، وبذلك يأتي الحكي في شكل مخاض وإعادة تشكيل عالم مختلف بناء على مسارات الحكي، وما يمكن أن ينبثق عنه من دلالات تتيح للمعنى أن يتشكل في ضوء حكي الفزع والفراغ. (عبد الرحمن غانمي باحث وناقد له دكتوراه الدولة في الآداب 2005، وأستاذ جامعي يدرس السرد والمناهج والثقافة الشعبية والسوسيولوجيا والانتربولوجيا باحث له عدة دراسات ومشاركات في عدة ندوات ومؤلفات جاهزة للإصدار، يصدر كل سبت مقالا في الرأي )جريدة الصحراء المغربية(. وجاءت ورقة محمد احمد المصطفي لتدرس (من الأسطورة إلى الخيال العلمي: مسارفي الشاطئ المتوحش لمحمد ديب) فتطرقت مداخلته، والتي ألقاها بالفرنسية، إلى العالم الروائي لمحمد ديب من خلال روايته ( مسار على الشاطئ المتوحش ) وذلك من خلال النظر إليها عبر تمهيد أولي يرصد الرواية المغاربية المكتوبة باللغة الفرنسية وموقعها والإضافات المجددة التي ساهمت بها. ثم الرواية الجزائرية وتحققات الإبداع فيها . في المحور الموالي، قدم الباحث مقاربة للرواية المجسدة لتوالد الأفكار والصور وتنوعها ضمن سياق مأخوذ بالحيرة والعجيب والتيه والاغتراب.... إنه نص يمتص أشكال وتقنيات متعددة منها الأسطوري والخرافي والفانتاستيكي عبورا إلى الخيال العلمي للتعبير عن شكل فني يحفر ويشكل دلالات تسير في اتجاه البحث عن الذات وعن الهوية. (المصطفي باحث متخصص في الخيال العلمي في الآداب العالمية. أستاذ الأدب الفرنسي بحامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء – كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك.يحضر دكتوراه الدولة بنفس الجامعة في موضوع الخيال العلمي في الأدب العربي.له مساهمات وطنية ودولية.) المداخلة الأخيرة في اليوم الأول ألقاها محمد أمنصور حول ( سلطة الحكاية في أعمال محمد مفلاح) حيث استهل ورقته بكون الروائي" محمد مفلاح" يكتب ما يمكن أن نصطلح على تسميته ب" الرواية الواقعية التشويقية" معتمدا في ذلك على سرد الأحداث بلغة شفافة تهيمن عليها الإحالة المرجعية على الجزائر وأوضاعها الاجتماعية والسياسية والنقابية. فالطابع الحدثي الوقائعي الذي تتعاقب بمقتضاه الأفعال السردية يجعل من الخلفية التاريخية والاجتماعية والسياسية والنقابية مداخل لخلق عوالم روائية تتصارع فيها مصائر الشخصيات الروائية ذات النفس الواقعي الاجتماعي. في روايتي" الكافية والوشام" والوساوس الغريبة يلاحظ هيمنة تيمات العشق والجريمة والكتابة..إلخ، وهي الموضوعات التي يتم اختبارها انطلاقا من شخصيات روائية تبنى وفق إيقاع متسارع في السرد قوامه الحذف والتكثيف والاختزال. ثمة، أيضا، ما يشبه الحبكة البوليسية على مستوى البناء الروائي في روايتي محمد مفلاح بالنظر إلى الحضور المكثف لموضوعة الجريمة في صلب السيرورة الحدثية، مقرونة بعنصري الإلغاز الإثارة، وهي مميزات تدرج رواية محمد مفلاح ضمن مفهوم الأدب الروائي التشويقي القائم على التواصل مع أوسع شرائح القراء بعيدا عن أية حذلقة إنشائية أو نخبوية متعالية. (محمد أمنصور أستاذ التعليم العالي بجامعة المولى اسماعيل بمكناس، يدرس الرواية والأشكال السردية وقد صدرت له مجموعة من الأعمال الأدبية والنقدية؛ في القصة: النسر والألواح(2000) والقيامة الآن(2001) وفي الرواية المؤتفكة(2004) ودموع بخوس(قيد الطبع) وفي النقد الأدبي: خرائط التجريب الروائي(1999) استراتيجيات التجريب(2006) التجريب الروائي عند نجيب محفوظ (2006) محكي القراءة(2007) شهوة القصص (قيد الطبع). تخييل الذات في الرواية الجزائرية في اليوم الثاني من الندوة تدخل محمد غرناط بورقة نقدية حول ( الشخصية النسوية في ثلاثية أحلام مستغانمي) مركزا على المحاور الأساسية التالية ׃ سؤال الكتابة و سلطة السرد ثم العلاقات المعقدة و اللغة و الجسد. في المحور الأول تناول علاقة المرأة بالكتابة، وبصفة خاصة بالجنس الروائي كشكل تعبيري اختارته الكاتبة لتشخيص ذوات وأحداث وأسئلة تشغل فكرها ومخيلتها وهي تحاول التقاط تفاصيل الكينونة وتجاوز العوائق لإعادة بناء تاريخ الذات والوطن، وإنتاج نص تؤسس فضاءاته وشخوصه بعيدا عن أي سلطة مادية أو رمزية. أما المحور الثاني فبسط للشخصية النسوية الساردة. وما تتميزبه من تمظهرات متعددة، فهي مؤلفة وشخصية محورية وساردة منظمة للمحكي.وهذا يثير قضية أخرى تتعلق بحضور العناصر السير ذاتية التي دعمت هيمنة صوت المؤلفة الساردة مما جعل منها شخصية محورية و وظيفية والمحكي يمر عبر وعيها. أما المحور الثالث فجاء حول قضية علاقة الشخصية النسوية بالمكونات الأخرى الروائية. فيما كان المحور الرابع يهم قضية اللغة والجسد من منظور إخضاع اللغة لشروط الأنوثة في سياق استعادة حق الكلام و تجاوز السائد المغلق. وهنا تعزز المرأة موقعها بامتلاك لغة تعكس تجاربها النفسية والاجتماعية ضمن العلاقات الظاهرة والخفية بالجسد كما يعكسه الوعي القائم والممكن من خلال مختلف مظاهر و تحولات الوقائع و الأحداث. (محمد غرناط أستاذ جامعي كلية الآداب عين الشق، له دكتوراه الدولة في الآداب، قاص وروائي، صدرت له عدة أعمال إبداعية: سفر في أودية ملغومة(قصص 1978)، الصابة والجراد(قصص 1988)، داء الذئب(قصص 1996)، متاع الأبكم(2001)، الحزام الكبير(قصص 2003)، دوائر الساحل(رواية 2006)، هدنة غير معلنة(قصص 2007). وتلت مداخلة محمد غرناط ورقة لطيفة لبصير: المحكي الذاتي وصنع الرواية الأسرية في رواية " بحر الصمت" لياسمينة صالح ، وقد وضحت كيف أن السارد "سي السعيد"، يسترجع عبر محكي ذاتي تنافري الماضي الذي عاشه من خلال قرية صغيرة تدعى"براناس"، والتي عاشت تحت نير الاستعمار الفرنسي، وأمام الأحداث التي مرت، يستعيد السارد بنوع من الفجيعة علاقته بابنته التي أبعدتها الحرب عنه، كما أنه يعيد نسج حكايات مرت في الزمن وينظر إليها عبر المسافة، ويرى أن الثورة بقدر ما تخلق أناسا شرفاء، فإنها تخلق أيضا الشخصيات القذرة التي يراها في كل شيء، الأبناء غير الشرعيين الذين يعتبرون من مخلفات الاستعمار أيضا. مع انتقاد كبير للذات. ( لطيفة لبصير، أستاذة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك، حاصلة على دكتوراه الدولة في الآداب، صدر لها مجموعتان قصصيتان :"رغبة فقط" و"ضفائر"، ترجمت بعض نصوصها إلى الاسبانية والألمانية). جمال بوطيب تدخل في موضوع (الاستعارة الجسدية: الذات والآخر والتاريخ في الرواية الجزائرية) ينطلق جمال بوطيب من ملاحظة مثيرة في أعمال واسيني الأعرج وهي حضور ثنائية الذات / الجسد، لاسيما أن الروائي يختار لمتونه السردية ذاتا / جسدا واحدا هو الذات الجزائرية، عبر مختلف تمظهراتها التاريخية المسجلة لمراحل زمنية متعاقبة من تاريخ الجزائر الحديثة. ففي سيدة المقام مثلا يظل الهاجس الأوحد للرواية فيها بينما تكون المدينة استعارة métaphore للجسد القاتل . إذ يقدمها الروائي على أنها " متقبل" لفعلي الإجهاز والتصحير المنفذين من طرف بني كلبون وحراس النوايا تنفيذا بالتعاقب. ويظهر هذا البرنامج الاستعاري الجسدي الذي يعتمده الكاتب عبر سنن" المتقبل– المنفذ " ، أيضا في روايته " وقع الأحذية الخشنة "، لكن هذه المرة من خلال ازدواجية المنفذ في حالات الفعل ومن خلال تحوله إلى متقبل في حالات تلقي الفعل. ف " ليلى " تسند إليها وظيفة التنفيذ في علاقتها مع السارد أو البطل تنفيذا استعاريا. بينما يكتفي العاشق بتلقي الخطاب البلاغي الجسدي وتقبله محاولا فك سننه، وحين يعجز عن فكه واقعيا يفكه استعاريا. إن جسد" ليلى "الذات المنفذة المزدوجة يتحول إلى ذات متقبلة مرة؛ في حالة إيجاب، ،وأخرى في حالة سلب، فيكون متقبلا في حالة إيجاب في علاقته مع السارد، ومتقبلا في حالة سلب في علاقة مريم بزوجها . كما يشير إلى أن الرقص والموت، باعتبارهما ملمحين جسديين للذات، يسيطران على أعمال واسيني الأعرج الروائية، وقد حللهما من خلال عمل روائي واحد هو " سيدة المقام " الذي يظهر بجلاء علاقتهما التضادية ، معتبرا أن الرقص هو ملمح بلاغة كلامية والموت ملمح بلاغة صمت. أما أهم محاور الاشتغال في هذه المداخلة فهي: في نقد السيرة، الذات الجمعية والجسد الخاص، الجسد المرجعي، تفحيل الجسد الأنثوي، الجسد المستعار، الرقص والموت، الوعي الجسدي، الوعي بالجسد في علاقته بالذات، الوعي بالجسد في علاقته بالآخر، الوعي الآخر بالجسد. (جمال بوطيب كاتب وباحث وأستاذ جامعي له دكتوراه في الآداب له عدة إصدارات وهي : الحكاية تأبى أن تكتمل (قصص) – مطبعة سنيب – وجدة 1993. برتقالة للزواج !! برتقالة للطلاق !! (قصص) دار النشر الجسور 1996. مقام الارتجاف - (قصص) – مطبعة فضالة – المحمدية 1999 . زخة...ويبتدئ الشتاء (قصص) منشورات اتحاد كتاب المغرب 2001 . سوق النساء (رواية)2006 الجسد السردي (دراسة) 2006 جور الغياب : ديوان من صمتوا. منشورات المركز ا الوطني للإبداع المسرحي والسينمائي 2007- السردي والشعري: مساءلات نصية(دراسة) -منشورات الديوان 2007. ا وراق الوجد الخفية (شعر) دار ما بعد الحداثة 2007 –فصوص الصبا (قصص) دار الحرف 2007.) وقرأ إبراهيم الحجري( رواية "تيميمون":أزمة الذات- أزمة الواقع الاجتماعي) والتي صنفها تنتمي ضمن الأعمال الروائية التي تنصرف إلى النبش في تفاصيل الذات المأزومة بحثا عن سر اللعنة الراسخة في الأعماق، وهي روايات ذاتية، في غالبيتها، تنزع نحو تشريح الذات، في جانب معين من خصوصيتها، تماما كما تفعل السير الذاتية، لكن بشكل أفظع أحيانا. ولعل رغبة الروائي الأكيدة في القبض على عوالمه المجردة الداخلية تجعلها يسلك هذا المسلك في رفع الحجب عن شخوصه وتشخيص مكامن الخلل في ذواتها الخبيئة التي تشكل بؤر توتر عميقة تؤثر على مسار هذه الشخوص في علاقاتها المتشعبة بالحياة، فيكون المعبر الأصلح بالنسبة إليه هو تقشير ذاته القريبة منه، أو جعل الشخصية الرئيسية تحل في شخصيته هو لتكون أقرب إليه، وليستطيع تحويل عصارة آلامها إلى كائنات مرئية. إنه ببساطة حينما يحول ذاته إلى شخصية يفسح ما أمكن لصور الآخرين وهم يعاركون واقعهم ومآسيهم بأن تلوذ بظله هنيهة حتى يمكنه القبض عليها ويستمع إلى جراحاتها التي تتأبى على فضحها. انطلاقا من هذه الفلسفة يركب رشيد بوجدرة صهوة متخيله الذاتي، ليعابث قسوة الواقع، وينشر على حبل الغسيل أمراض الذات وهي تهادن هذا الواقع أو تتمرد عليه بطرقها المتعددة. إن هذه الرواية الذاتية بقدر ما هي بوح جريح، فهي أيضا إعلان عن سخط ضد الوضعية السياسية والاجتماعية التي تعيش عليها بلاد المليون شهيد، ومثلما هي قاسية على الذات فهي قاسية أيضا على العالم بما في ذلك القارئ نفسه. (إبراهيم الحجري ناقد وقاص وباحث وأستاذ بالثانوي له عدة مشاركات ومساهمات في عدة ندوات وله عدة مقالات منشورة في عدة منابر وطنية وعربية.من أعماله: بعنوان "أبواب موصدة" (مجموعة قصصية ) عن دار القرويين،الدارالبيضاء، 2000. أسارير الوجع العشيق، (شعر )2007، آفاق التجريب وتحولات المعنى في القصيدة المغربية الراهنة"،2007 .) وحول ( رؤية الذات في الرواية الجزائرية"امرأة بلا ملامح " لكمال بركاني و "ذاك الحنين " للحبيب السائح) تدخل أحمد بلاطي ممهدا بالحديث عن كون الرواية الحديثة قد أنهت المفهوم الكلاسكي للذات باعتبارها كلية متجانسة، فنقلت تشظياتها وانكساراتها؛ بفعل تشظي العالم الخارجي وشكانيته المفرطة. وإذا كانت الرواية الحديثة تسعى إلى هدم العالم و خلخلة تماسكه، فإنها تلغي الموضوع الذي بدونه لا تتحدد الذات. وهذا ما يؤدي بالروائي إلى التعويض عن هذه الخسارة، بتقنيات أخرى تعيد بناء العالم وترميمه، كي تبدو الذات في الوقت نفسه متماسكة؛ فباستعمال الأقنعة واللعب بالضمائر، والإيهام بالواقعي، والإيغال في استدعاء لغة الأحلام، يعيد القارئ بناء الذات نفسها وإعادة تشكيلها، انطلاقا من استراتيجيات التماثل والتقابل والتجاور. - فكيف تبنى الذات في غياب الموضوع الواضح والمحدد في الرواية؟ - ماهي التصورات والرؤية التي تحكم بناء الذات في الرواية؟ وماهي تجليات الذات؟ (أحمد بلاطي باحث يحضر يهيئ الدكتوراه في الآداب، ناقد له عدة دراسات ومساهمات ومشاركات في عدة ندوات.) عبد الرحيم مؤدن تدخل في الجلسة الموالية التي ترأستها نادية شقروش، بموضوع (الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء:سرد الكشف والاكتشاف)مذكرا بأنه لا يمكن فصل- والكاتب يصرح بذلك بوضوح تام- هذه الرواية عن روايتين سابقتين للكاتب هما: الشمعة والدهاليز والولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي. ثلاثية روائية تشترك في الكشف والاكتشاف: كشف الذات(الولي) واكتشاف العالم المحيط به، في الماضي والحاضر والمستقبل، خاصة أن نزول ظاهرة الخسوف الكلي على العالم العربي والإسلامي، سمح للولي بالتساؤل عما جرى، والدعاء طلبا للطف والرحمة- أو من جهة ثانية- رغبة في تشديد العقاب بحثا عن بديل طاهر ينسحب على الإنسان والزمان والمكان. في الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء نلمس الطرائق(الأساليب) السردية التالية: أ- أسلوب كراماتي يساير شخصية الولي الحاضر الغائب. الحاضر في كل زمان ومكان. زمنا: هو أني"قرون وقرون ولكن لا يعلم في أي زمن هو الآن."(الرواية، ص.19) ومكانا:"يذرع العالم العربي من المحيط إلى الخليج غاديا بسرعة البرق ويضرب في عمق التاريخ نازلا صاعدا كالكرة المتقاذفة بجاذبية قوية، وبنفس السرعة."(الرواية، ص.21.) والكرامة كما هو متداول، لا تأتمر بأوامر المنطق، بل إن منطقها هو تعارضها مع العادي والطبيعي، ومتحها من الخارج، مما ولد عجائبية السرد والشخصية والحدث، فضلا عن المكونات السردية الأخرى. ب- أسلوب الروبورتاج الصحفي والعالم في الرواية شاشة كبيرة- معجما وخطابا اعلاميا، ساهم في بناء النص من خلال خصائص محدودة(التكثيف، التقريرية، أو المباشرة...) منحته إيقاعا مميزا(السرعة والقدرة على الانتقال من موضوع إلى آخر...) وتحولات في الحدث والدلالة. ج- أسلوب السرد الكلاسيكي، وفي يختفي السارد وراء زاوية النظر التي تسمح بمسح بانورامي للعالم العربي ووالإسلامي، دون ان يمنع ذلك من وجود محطلت تبئيرية كانت تعود بين الفينة والخرى، غلى الولي من جهة، وتقف من جهة اخرى، عند ظواهر محددة(فلسطين، العراق، النفط، الوحدة اففريقية، اللغة العربية، الأمازيغية....) وعبر الأساليب السردية الثلاثة تحلقت خصائص سردية أخرى من سحرية وسجال...انتشرت في النص بأبعاد مختلفة. (عبد الرحيم مؤدن ناقد وباحث وقاص، أستاذ التعليم العالي،دكتوراه الدولة في الآداب. اصدر مجموعة من الأعمال في النقد الأدبي : الشكل القصصي في جزأين، معجم مصطلحات القصة المغربية، أدبية الرحلة، الرحلة في الأدب المغربي، الرحلة المغربية في القرن التاسع عشر مستويات السرد. وفي مجال القصة نجد اللعنة والكلمات، تلك قصة أخرى، أزهار الصمت، حذاء بثلاث أرجل، في مجال أدب الأطفال نجد: رحلة ابن بطوطة الجديدة...) وفي ورقة لحسن احمامة حول (الراهن الجزائري روائيا) درس الباحث رواية دم الغزال لمرزاق بقطاش وجرس الدخول إلى الحصة لعبد الله خمار. وعبرهما رصد تفاعل الفني والسياسي من خلال الكتابة الروائية على اعتبار أن الرواية الجزائرية المعاصرة لم تنزح عن الإطار الإيديولوجي ونقد الواقع الجزائري الراهن وإبراز تناقضاته ومفارقاته. وهو الأمر الذي قاد لحسن احمامة إلى إدراج الروايتين في ما سماه بالواقعية النقدية التي ترصد تناقصات الواقع ومفارقاته. مع الإشارة إلى اختلاف الروايتين من حيث البناء الفني فرواية دم الغزال رواية تنزع نحو التجريب اما رواية جرس الدخول إلى الحصة فهي رواية تقليدية من حيث البناء. (لحسن احمامة ناقد ومترجم له عدة أعمال وهي: التخييل القصصي: الشعرية المعاصرة ، تأليف: ريمون شلوميت - كنعان، دار الثقافة، البيضاء، 1995./ اللسانيات والرواية، تأليف: روجر فاولر، دار الثقافة، البيضاء، 1997./ شعرية الفضاء الروائي ، تأليف: كيسنر، إفريقيا الشرق، الدارالبيضاء، 2003./ القارئ وسياقات النص(تأليف)، منشورات دار الثقافة، الدارالبيضاء، 2007.) سعيد زيدون قدم قراءة في رواية الهجمة لياسمينة خضرا والتي تستمد الرواية وقائع أحداثها من قصة طبيب جراح فلسطيني، الدكتور أمين جعفري، يعيش مع زوجته الفلسطينية سهام في تل أبيب. يحمل أمين جعفري الجنسية الاسرائلية ويشتغل في مستشفى بنفس المدينة. أمين يحب عمله إلى درجة لا تتصور، وزملاؤه وأصدقاؤه يكنون له كل الاحترام والإعجاب. رغم العنف وما يجري في الأراضي المحتلة فالدكتور أمين يمثل رمزا ناجحا للاندماج في المجتمع الإسرائيلي. كل شئ كان على ما يرام إلى أن فجر انتحاري نفسه في مطعم من مطاعم تل أبيب. بعد ذلك شهد المستشفى حركة غير اعتيادية وبدل أمين كل مجهوداته في إسعاف ضحايا الانفجار. من سوء حظ الدكتور عثر على جثة زوجته ممزقة وسط الجثث الأخرى. بعد ذلك أشارت الشرطة بأصابع الاتهام إلى سهام زوجة الدكتور كالمسؤولة الأولى عن الانفجار.حققت الشرطة مع أمين لتخلي سبيله فيما بعد. وهنا تبدأ رحلة الدكتور في البحث عن الحقيقة .لماذا اختارت زوجته هذه الطريق علما بأنها حسب نظره تعيش حياة سعيدة لا ينقصها أي شئ. في أسلوب سردي وصفي دقيق تتطرق الرواية إلى مواضيع أو محاور مهمة كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الاندماج، الإرهاب، الذل، الشرف، الخيانة، التطرف والاعتدال .... كل هذا من خلال شخصيات نسجها الكاتب مزجت بين اليهود والعرب، المتطرف والمعتدل، الشباب والشيوخ...... (سعيد زيدون أستاذ جامعي بشعبة اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بن مسيك، باحث مهتم بالأدب المغربي له عدة دراسات ومشاركات في عدة ندوات.) وفي نفس سياق القراءة قدمت مريم حريزي مقاربة لرواية (نجم الجزائر) لعزيز شواكي والتي يروي فيها رحلة مزيان أو موسى الشاب القبائلي نحو نجم الجزائر نحو النجومية العالمية،في أسلوب وصفي متميز يرصد عبره من خلال أعين و صوت موسى جزائر التسعينيات من القرن الماضي. بخطى حثيثة يسير موسى نحو شهرة محلية تؤمن له الاستقرار المادي والعاطفي، في حين تتزوج من قريبها وتتفجر أحدات سياسية و اقتصادية تعصف باحتهم موسى، و يضيع في عالم الخمر و المخدرات. تتوالى الأحداث وتصبح أكثر تعقيدا لتجعل من موسى عاشق الغناء إلى' نجم 'من نوع آخر. لا تخلو قصة 'نجم الجزائر' من مفارقات ومحاور وهموم تتعدى حدود البلد الواحد لما فيها من تعبير عن هموم وطموحات وأحلام واحباطات الشباب في الدول العربية عامة، وفي شمال إفريقيا على وجه الخصوص (مريم حريزي أستاذة جامعية بشعبة اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بن مسيك، باحثة مهتمة بالأدب المغربي لها عدة دراسات ومشاركات في عدة ندوات.) وقد اختتمت الندوة بمائدة مستديرة أطرها الناقد نور الدين صدوق بورقة نقدية عرض فيها لأهم التيارات الفنية في الرواية الجزائرية وكذا الروائيين بمختلف تجاربهم وحساسياتهم الفنية. ثم تدخل بعد ذلك الوفد الجزائري والمغربي وتم الإعلان عن عقد لقاء الرواية المغربية بعيون جزائرية في ماي 2008 بسطيف الجزائرية كما اتفقوا على نشر أشعال الملتقى بالمغرب والجزائر، كما أعلن عزالدين جلاوجي عن جائزة الرواية المغاربية التي ترعاها رابطة أهل القلم ويشارك فيها الروائيون الجزائريون والمغاربة. واختتمت الندوة يوم السبت بدعوة عشاء على شرف الوفد الجزائري والجهات المنظمة من طرف مركز ابن بطوطة للدراسات العلمية والاستراتيجية.