في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية وتغير موازين القوى التجارية، أكد أندرياس يان، الرئيس الدولي للاتحاد الفدرالي الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة، على رغبة ألمانيا في تأسيس تحالف اقتصادي استراتيجي جديد مع المغرب، نظرا لمكانته الجغرافية والتجارية الاستراتيجية كبوابة للقارة الإفريقية. جاء ذلك خلال مشاركته في "يوم مستقبل المقاولة الصغرى والمتوسطة" الذي نظم بالعاصمة برلين، بمبادرة من الاتحاد، وبحضور وفد مغربي رفيع يمثل مؤسسات اقتصادية واستثمارية وطنية. وأشار المسؤول الألماني إلى أن ألمانيا، بصفتها القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، باتت مطالبة بالبحث عن شركاء جدد وأسواق بديلة، خاصة بعد المتغيرات التجارية العالمية والرسوم الجمركية التي فرضتها الولاياتالمتحدة. وفي هذا السياق، يبرز المغرب كخيار استراتيجي، بفضل استقراره السياسي والاقتصادي ومكانته الإقليمية. وأوضح يان أن المغرب أصبح منصة حيوية لا غنى عنها للولوج إلى الأسواق الإفريقية، داعيا إلى بدء "حقبة جديدة من التعاون الألماني-الإفريقي" يكون المغرب في قلبها، لتسهيل تمركز الشركات الألمانية في القارة. وأكد أن الاتحاد الفدرالي الألماني يولي اهتماما خاصا بالمملكة في عدد من القطاعات الواعدة، أبرزها الطاقات المتجددة، والماء والتطهير، وصناعة الآلات وقطاع السيارات، لافتاً إلى الفرص الكبرى التي يتيحها المغرب، خاصة في ظل استعداده لاحتضان كأس العالم 2030. وفي خطوة تؤكد على جدية هذا التوجه، افتتح الاتحاد الفدرالي الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة مكتبا له في الرباط، بهدف تقوية الروابط الاقتصادية بين البلدين، وتعزيز فرص الشراكة الثنائية. وأعرب يان عن أمله في أن يسهم هذا المكتب في إطلاق مبادرات اقتصادية جديدة وتشجيع انخراط أوسع للمقاولات الألمانية في السوق المغربية. كما أعلن أن الاتحاد يخطط لتنظيم بعثات اقتصادية ألمانية إلى المغرب، والعمل على بلورة مشاريع مشتركة طويلة الأمد، مع التفكير في تنظيم نسخة قادمة من "يوم مستقبل المقاولة الصغرى والمتوسطة" فوق التراب المغربي. الوفد المغربي المشارك في الحدث، والذي ضم ممثلين عن الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، وصندوق الإيداع والتدبير، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، عقد سلسلة من الاجتماعات مع فاعلين صناعيين وسياسيين ألمان، تم خلالها التنويه بالإصلاحات الاقتصادية التي حققتها المملكة، وبحث سبل تعميق الشراكة بين الطرفين. كما شكل رواق "Morocco Now" المخصص للترويج للاستثمار بالمغرب، منصة حوار جمعت فاعلين مؤسساتيين مغاربة بعدد من المقاولات الألمانية الراغبة في التعرف على فرص الاستثمار بالمغرب والاستفادة من الميثاق الجديد للاستثمار. جدير بالذكر أن الاتحاد الفدرالي الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة، الذي يحتفل هذا العام بذكراه الخمسين، يضم أكثر من 900 ألف مقاولة تنشط في مختلف القطاعات، ويمتلك أكثر من 300 مكتب في ألمانيا و80 مكتباً عبر العالم، من بينها مكتب المغرب. ويهدف هذا الاتحاد إلى تعزيز تنافسية واستدامة المقاولات الصغرى والمتوسطة الألمانية، وفتح آفاق تعاون دولي من خلال شراكات مبتكرة.