التاريخ، الواقعية، المرحلة الكولونيالية بشرق المغرب، ثلاث تيمات اشتغل عليها الروائيون العرب من خلال «خيط الروح» للكاتب والروائي المغربي مبارك ربيع، «خاتون بغداد» للروائي العراقي شاكر نوري، و»الورد والشيطان» للروائي الشاب المغربي المغترب بهولندا مصطفى الحمداوي ، وكانت محور لقاء نظم على هامش الدورة 23 لمعرض الدولي لنشر والكتاب أول أمس الثلاثاء في محور «أدباء عرب يتحدثون عن نصوصهم الجديدة»، سيره الناقد والروائي الحبيب الدايم ربي. خيط الروح: سقف الواقع أعلى اعتبر الروائي والأكاديمي مبارك ربيع أن الحديث عن أية تجربة روائية، ومنها روايته الاخيرة «خيط الروح» ، موكول للنقاد والقراء، مفضلا طرح قضايا أخرى تدخل في إطار الرؤية الروائية ومدى تطابقها بشكل ممنهج مع الواقع ، معتبرا أن النقاد يقيمون أعماله الروائية ضمن الواقعية الروائية، رغم أنه لا يمكن الجزم بوجود واقعية واحدة في ظل تعدد التصورات ما بين واقعية روائية، وأخرى فيزيائية أو موضوعاتية أو اجتماعية، وهي تصورات تخلق واقعا قد يكون قائما على أساس المعرفة الانسانية من محاكاة ومطابقة، أو قد تتجاوز الواقع أو تقف دونه ليبقى الواقع في نهاية المطاف أبلغ من أي تعبير عنه، مؤكدا على أن لكل كاتب واقعيته، التي تتنوع بتنوع أعماله الروائية.. الواقعية ربطها الروائي مبارك ربيع بمنسوب الحرية الذي يتمتع به الكاتب وسط إكراهات موضوعية وذاتية لحظة الكتابة، مشيرا الى انها هناك لحظات فاصلة تعتبر مجسدات لحريته ومماريته لهذه الحرية وهي اختيار الشخصيات والمشاهد والبدايات والنهايات أي أنه يكون أمام ممكنات لا نهائية لكنه ايضا امام إكراهات اجتماعية وسياسية أو صادرة عنه شخصيا، و عليه أن يعبر عنها روائيا. وفي حديثه عن روايته الأخيرة «خيط الروح» ، وقف ربيع على تعدد مستويات السرد واللغة، مشيرا الى أن هناك من اعتبرها على مستوى اللغة مدونة معجمية تجمع بين أسلوب لغوي عتيق يصاحب أسلوبا شاعريا كما أن هناك من وقف على الوثائق العلمية التي تتخلل أحداثها ما يؤكد أن الرواية فن أدبي شامل، فيما وقف البعض على معطى التراث، مشير ا إلى أنه لا يقيم مسافة بينه وبين التراث، لكن ليس كمشروع علمي، معتبرا أن الرواية تحفل بالأسئلة وتترك الفضاء للتبادل بين المؤلف والقارئ. «خاتون بغداد» وسؤال التاريخ في تقديمه المقتضب لروايته «خاتون بغداد» والصادرة عن دار «سطور» ببغداد، اعتبر الروائي والمترجم العراقي شاكر نوري ان الرواية التاسعة في ريبرتواره الروائي، تعيد الاعتبار لامرأة استثنائية شكلت جزءا من تاريخ العراق بل ساهمت في تأسيس العراق الحديث، وهي العالمة الآثار والمترجمة البريطانية جيرترود بيل. كما أكد أن الكتابة عن هذه الرواية هي كتابة عن 100 سنة من تاريخ المجتمع العراقي، مضيفا أن مهمة الروائي هي تحريك التاريخ «عندما يسكن التاريخ على الروائيين أن يحركوه». فهي من أسس المتحف العراقي الذي يضم 3000 قطعة أثرية والمكتبة الوطنية العراقية كما أنها من أسس النظام الملكي وكان له الدور الاكبر في تنصيب الملك فيصل بن الحسين عام 1921، معتبرا أن روايته «خاتون بغداد» ورغم اعتمادها على الوثائق إلا أنه لا يمكن اعتبارها رواية وثائقية، فالروائي ليس خادما للتاريخ، وإنما « يضع المصباح الكشاف للتاريخ ليضيء الحاضر «حسب تعبيره، مؤكدا على أن إعادة قراءة تاريخ هذه السيدة بمثابة إبحار في تاريخ العراق وملابسات الاحتلال البريطاني له، باعتبارها كانت مستشارة لقائد الاحتلال البريطاني برسي كوكس ما وسع من دائرة الشكوك حول هويتها ووظيفتها بين من اعتبرها مستشرقة، وبين من اعتبرها جاسوسة هي التي قدمت الى العراق محملة بهزائمها وانتكاساتها العاطفية بعد مقتل حبيبيها السابقين. ست شخصيات روائية متخيلة للكتابة عن شخصية حقيقية، منصور حارس المقبرة، فرناندو المحقق، فرضتها الحياة القصيرة التي عاشتها جيرترود بيل(1868-1926)، وهي الحياة التي قد تقودها الرواية الى التلفزيون في مشروع قيد النظر. هكذا تسافر الرواية، التي تعد أول عمل روائي لهذه السيدة، بين الخيال والسيرة والتاريخ والعاطفة، لتطوح بنا في لجة سؤال التاريخ وضرورة إعادة كتابته من جديد، وهو المشروع الذي يشتغل عليه شاكر نوري حاليا . «الورد والشيطان» إرث الاستقلال عن الاستعمار بين الدريوش تلك القرية الصغيرة النائمة بين جبال الريف وبين هولندا، تتجمع خيوط رواية مصطفى الحمداوي المقيم بهولندا» الورد والشيطان»، بين زمنين وأشخاص رحلو لكن امتدت ظلالهم في الوجود. في الرواية، ينزع الحكي الوجوه عن الظواهر السلبية التي ورثها سكان الدريوش عن الاستعمار، ينزعها قطعة قطعة، بحاناتها ومخدراتها ومواخيرها ومتسوليها، ويعري معها سوءة الأعراف والتقاليد المرتبطة بمفهوم الشرف و التي لا تخلف إلا الضحايا تلو الضحايا ليس أولهم والدة بطل الرواية الطفل المتمرد والرافض للمجتمع ولن يكون آخرهم ضحايا هذا البطل، السبعة، الذي انزوى في فترة من حياته الى مغارة كي يعيد أنتاج الضحايا في مجتمع لا ينتج الا المآسي. الروية الصادرة عن دار إفريقيا الشرق بالدار البيضاء، رواية تستحضر الامكنة والأشخاص، رواية عن تاريخ مدينة دريوش ما بعد الاستقلال، تعكس بقايا رموز الاستعمار الإسباني، كالكنيسة والسينما العتيقة، وقلعة العسكر.