أكد الملك محمد السادس أن المغرب سيعمل على الاستثمار في شراكات اقتصادية ناجعة ومنتجة للثروة مع مختلف الدول والتجمعات الاقتصادية، بما فيها الاتحاد الأوروبي، مستدركا: "إلا أننا لن نقبل بأي شراكة تمس بوحدتنا الترابية". وأضاف العاهل المغربي في خطاب الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء: "إننا حريصون على أن تعود فوائد هذه الشراكات بالنفع المباشر، أولا وقبل كل شيء، على ساكنة الصحراء المغربية، وأن تؤثر إيجابيا في تحسين ظروف عيشهم، في ظل الحرية والكرامة داخل وطنهم". وأورد العاهل المغربي أن تنزيل الجهوية المتقدمة يساهم في انبثاق نخبة سياسية حقيقية تمثل ديمقراطيا وفعليا سكان الصحراء، وتمكنهم من حقهم في التدبير الذاتي لشؤونهم المحلية، وتحقيق التنمية المندمجة، في مناخ من الحرية والاستقرار. المحلل السياسي حليم المذكوري يرى أن "ذكر الاتحاد الأوروبي بالاسم في خطاب الملك يمكن فهمه كتقييم بعدي للخلافات التي رافقت اتفاقية الشراكة الاقتصادية التي أصدرت المحكمة الأوروبية في حقها حكما ينص على أنها لا تشمل الأقاليم الصحراوية التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي كمنطقة متنازع عليها، بينما المغاربة يعتبرونها جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي؛ وبالتالي فإن أي اتفاقية يعقدها المغرب مع الخارج لا بد وأن تشمل الأقاليم الصحراوية". ويضيف المحلل المقيم في هولندا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "يمكن قراءة هذه الإشارة كتحذير للاتحاد من أن المغرب لن يتساهل في المستقبل عندما يتعلق الأمر بأقاليمه الجنوبية حين تمديد الاتفاقيات الحالية أو عقد اتفاقيات جديدة"، مبينا أن "موقف المغرب هذا أملته المواقف الأوروبية السابقة التي كان فيها إجحاف له". وتبعا لذلك فإنه رغم الاتفاقيات المشتركة كانت الصادرات المغربية الفلاحية تتعرض لمضايقات جمركية كلما ارتفع الإنتاج الفلاحي الأوروبي الذي يتضايق بمنافسة المنتجات المغربية، بينما صادرات الأسماك لا تتعرض لأي مضايقات، ولا يتساءل أي أحد من أي جهة مغربية تأتي، والسبب بكل بساطة قلة هذا المنتوج في الاتحاد الأوروبي، حيث تفرض قيود صارمة على الصيادين، ما يرغمهم على البحث عن بدائل أخرى، حسب المحلل ذاته. ويعتبر المذكوري أن هذا الوضع يحتم على الاتحاد الأوروبي والمغرب معا أن يعملا كل ما في وسعهما للحفاظ على علاقاتهما الجيدة؛ "فالاتحاد يستورد ثلث صادرات المغرب، كما تبلغ حصته ما يقارب الخمسين في المائة من مجمل واردات المملكة". ويسترسل الخبير الهولندي: "ليست المبادلات التجارية وحدها أساس العلاقات الجيدة بين المغرب والاتحاد، فموقع المغرب الجغرافي يجعل منه حليفا جيوسياسيا مهما كمطل على جبل طارق الذي ستزداد قيمته الجيوسياسة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. كما يعتبر المغرب شريكا مهما لأوروبا في قضايا أمنية حيوية، كمحاربة الإرهاب وإيقاف موجات الهجرة الإفريقية في اتجاه شمال المتوسط". "لكل هذه الأسباب لن يجازف الشريكان بعلاقاتهما متعددة الأبعاد، خاصة أن المغرب في بحث مستمر عن تحسين علاقاته مع الدول الإفريقية عموما وجيرانه المباشرين خصوصا"، يردف المذكوري، وزاد: "وهذا سيقلل بدون شك من اعتماد المغرب على أوروبا التي ستجد نفسها مرغمة على تلبية بعض مطالبه حتى لا تخسره كشريك مهم لها؛ ليس فقط على مستوى التبادل التجاري وإنما على مستويات أخرى بنفس الأهمية أو أكثر أهمية حتى".