عقد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، جلسة عمل مع رئيس البرلمان الألماني (البوندستاغ)، Schäuble Wolfgang، اليوم الاثنين بمقر البوندستاغ، بحضور خالد لحسيني القائم بأعمال سفارة المملكة المغربية بجمهورية ألمانيا الفيدرالية. وجاء في بلاغ توصلت به هسبريس أن الحبيب المالكي تقدّم في البداية بالشكر لرئيس البوندستاغ على تخصيص هذا الاستقبال، وأكد على القواسم المشتركة التي تجمع المملكة المغربية بجمهورية ألمانيا الفيدرالية، و"أساسا تشبثهما بقيم ميثاق الأممالمتحدة التي ترتكز على مبادئ السلم والسلام والتضامن العالمي". وأضاف المالكي، حسب البلاغ ذاته، أن "العلاقات السياسية بين البلدين جيدة، وهناك تعاون متزايد فِي المجال الاقتصادي يمكن أن يتقوى أكثر خلال السنوات المقبلة". كما ذكّر بأن "المغرب احتضن سنة 2016 القمة المناخية الكوب 22 وعمل على ترجمة توصيات القمة باتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية، وفتح ورشا مستقبليا مهما جدا يتعلق بالطاقات المتجددة النظيفة، رغم الصعوبات التي تتعلق بالتمويل، بمشاركة شركات كبرى، منها شركات ألمانية، وهو توجه مشترك بين البلدين يتمثل في الاهتمام أكثر بمستقبل الكرة الأرضيّة وبالأجيال اللاحقة". وأشاد رئيس مجلس النواب ب"السياسة الجريئة التي تنهجها المستشارة الألمانية في مجال الهجرة، وبالجرأة والحكمة الكبيرتين في التعامل مع الظاهرة رغم الكلفة السياسية الداخلية". وأوضح أن "المغرب بدوره اتخذ قرارات جريئة بالانفتاح على المهاجرين، خاصة المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، حيث سوى وضعية مجموعة كبيرة منهم"، مشيرا إلى أن الملك محمد السادس يعطي أولية كبيرة لهذا الملف. وفي السياق ذاته، دعا المالكي إلى "شراكة ثلاثية الأبعاد تشمل المغرب وألمانيا وإفريقيا"، مشيرا إلى أن "المغرب يعتبر المستثمر الأول بغرب إفريقيا، وهو بمثابة بوابة ومنطقة عبور للمنطقة". وأوضح المالكي أن "مشكل الهجرة أصبح مصدرا للاستغلال في جوانب متعددة، وبالتالي فإن معالجته تقتضي معالجة الجذور بتوفير شروط الاستقرار والسلم والوحدة لعدد من البلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط". ونوه بمبادرة المستشارة إنجيلا ميركل "طريق الوحدة والاستثمار بإفريقيا"، مضيفا "أنها مبادرة جيدة لها بعد مستقبلي". وقال إن "ترؤس ألمانيا والمغرب لجنة الهجرة مؤشر إيجابي على محورية الدولتين في هذا الملف، وقرار الأممالمتحدة بتنظيم المنتدى الأممي بمراكش حول الهجرة نهاية السنة الحالية معطى أساسي ومهم من أجل التوافق حول ميثاق أممي سيساعد على تسهيل معالجة الظاهرة بترتيب الواجبات والأدوار والالتزامات". وأضاف أن "البرلمان المغربي سيحتضن من جهته لقاء لممثلي شعوب العالم، بتنسيق مع الاتحاد البرلماني الدولي، من أجل تعميق النقاش واقتراح البدائل". فيما استغل الحبيب المالكي المناسبة لتوجيه دعوة إلى Wolfgang Schäuble من أجل الحضور والمشاركة. وعلى صعيد آخر، أكد المالكي أن "وضع الشريك المتقدم الذي يمتاز به المغرب في شراكته الفريدة مع الاتحاد الأوربي ووفاء المملكة بكل التزاماتها تجعل مسطرة تجديد اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحي بين الطرفين مسألة أوتوماتيكية"، مشيرا إلى أن نوابا أوروبيين زاروا المغرب وأكدوا في تقريرهم وفاء المغرب بكل التزامات هذه الاتفاقية. كما شكر دعم النواب الألمان بالبرلمان الأوروبي للاتفاقيتين، ودعا إلى مواصلة دعم البرلمان الألماني لهذه الاتفاقية، والعمل على تطويرها لصالح المتعاقدين. وبخصوص موضوع الوحدة الترابية للمملكة المغربية، أكد رئيس مجلس النواب أن "المعطيات والوقائع تؤكد أن عالم اليوم يتجه نحو المجهول، وأن هناك ملفات دولية أصبحت مستعصية على الحل وأصلها هو النزاعات المباشرة وغير المباشرة التي تمس وحدة البلدان ووحدة شعوبها، ولألمانيا تجربة مريرة في هذا المجال، لكنها استطاعت بفضل حكمتها أن تتجاوز الفرقة والتشتت وتعود إلى الوحدة باعتبارها حلا لا خيار دونه أثبت الواقع والتاريخ رجاحته". وبمناسبة ترؤس جمهورية ألمانيا الفيدرالية مجلس الأمن في دورة أبريل 2019، "ثمن رئيس مجلس النواب موقف ألمانيا بخصوص قضية الصحراء المغربية، ودعا إلى الاسترشاد بالتجربة الوحدوية المتقدمة لألمانيا، مما سيساعد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة على توفير شروط جديدة وعملية لحل هذا المشكل من أجل التوجه نحو الاندماج الإقليمي على أساس التضامن ووحدة الدول لصالح شعوب المنطقة، وهو ما يطمح إليه المغرب، الذي لا يذخر جهدا في سبيل تحقيقه على أساس الحوار"، يضيف البلاغ. وعلى المستوى البرلماني، أعرب المالكي عن حرصه "على مواصلة التنسيق بين المجلسين عن طريق الاستفادة الثنائية من تبادل زيارات البرلمانيين من مجموعتي الصداقة بالبلدين". كما اقترح على نظيره الألماني "عقد منتدى برلماني مغربي ألماني كل سنتين من أجل تعميق النقاش وصياغة بدائل في مجموعة من القضايا التي تمثل مصدر اهتمامهما". من جهته، عبر Wolfgang Schäuble عن سعادته باستقبال الوفد المغربي، واعتبر ذلك فرصة جيدة من أجل تبادل الآراء والمقاربات حول الوضع الإقليمي بإفريقيا وبمنطقة شمال القارة على الخصوص، وبحث آفاق التعاون بين برلماني البلدين. وأكد بالمناسبة قناعته بضرورة تطوير العلاقات الثنائية بين جمهورية ألمانيا الفيدرالية والمملكة المغربية، واعتبرها خيارا استراتيجيا لتحقيق مصالحهما المشتركة، خاصة "أنه خلال الأعوام الماضية شكل البحر الأبيض المتوسط قاسما للاهتمام المشترك، ومن خلال تنظيم ألمانيا قمة العشرين تم التأكيد على الاهتمام بإفريقيا، والمغرب يحظى بمكانة أساسية في المنطقة". وبخصوص ملف الهجرة أكد Wolfgang Schäuble أن ألمانيا تتابع هذا الملف باهتمام كبير، وأنها "اتخذت إجراءات متقدمة من أجل ضمان استقطاب وقبول عدد من الأجانب بسبب ظروف الحرب ومشاكل التنمية، رغم الصعوبات السياسية الداخلية، لكن هذه الإجراءات لها حدود ولا يمكن أن تظل مطلقة". وأضاف أنه يتفق تماما مع مقاربة الحبيب المالكي، "باعتبار الظاهرة معقدة، وإذا كانت هناك رغبة لمعالجتها فإنه وجب معالجة الجذور والمسببات، التي ترتبط أساسا بتوفير الأمن والاستقرار وظروف تنمية لائقة بالدول التي تعد مصدرا للهجرة". وبخصوص تجديد اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحي بين الاتحاد الأوربي والمملكة المغربية، أوضح Wolfgang Schäuble أنه "بكل واقعية إذا أردنا مواصلة التعاون والتنمية يجب أن نتقدم إلى الأمام وألا نعود إلى الخلف، وعلى الاتحاد الأوربي أن يتحمل مسؤوليته في هذا الأمر وأن يعمل على تجديد الاتفاقيتين". وأكد رئيس البوندستاغ الألماني "مواصلة دعم النواب الألمان والأوربيين تصويتهم ودعمهم اللازمين لتجديد الاتفاقيتين، وأنه لا سبيل للتراجع في هذا الأمر، وأنه إذا حققنا تعاونا متقدما في كل هذه القضايا بشكل جيد سنحقق تقدما كبيرا، وعلى الاتحاد الأوربي أن يقدم الدعم، وأن يكون واضحا في سياساته التي يجب أن تكون ذات مصداقية إذا أردنا مواصلة التعاون وتحقيق التنمية الحقيقية لدول إفريقيا، خاصة شمال إفريقيا، رغم استغلال الموضوع في اتجاهات متعددة". وبخصوص قضية الصحراء المغربية أكدWolfgang Schäuble أن التجربة الألمانية المريرة علمتهم أن الحوار متعدد الأطراف والتشبث بالأمل يكونان مفيدين وصائبين في العديد من الملفات حتى تلك المعقدة، مشيرا إلى أن جدار برلين خير مثال على ذلك. وأكد عزم ألمانيا، من خلال ترؤسها مجلس الأمن، الدفع بمسلسل الحوار بإدماج كل الأطراف المعنية بشكل مباشر لمساعدة المبعوث الأممي كوهلر على إيجاد حل متوافق عليه لتسوية الملف والتفرغ لقضايا التنمية والاندماج الإقليمي للمنطقة. وفي الأخير عبّر المسؤول الألماني، يضيف البلاغ ذاته، "عن سعادته واقتناعه بمستوى الحوار الثنائي وجديته، الذي جمعه بالحبيب المالكي. كما شكر رئيس مجلس النواب على دعوته للمشاركة في ندوة الهجرة التي سينظمها البرلمان المغربي بتنسيق مع الاتحاد البرلماني الدولي، ورحب بتطوير العلاقات الثنائية بين المجلسين على أساس إدماج ممثلي مجموعتي الصداقة البرلمانية"، مضيفا أنه يظل منفتحا على تعزيز الحوار الثنائي.