سجلت العلاقات المغربية الألمانية خلال سنة 2013، دفعة قوية من خلال التوقيع على "إعلان الرباط" الذي حدد معالم تطوير هذه العلاقات على المستويين الاقتصادي والثقافي، وكذا الاحتفال بمرور 50 سنة على هجرة المغاربة إلى الديار الألمانية. شكل "إعلان الرباط"، الذي ينص على تعزيز الاتصالات الثنائية على المستويين الاقتصادي والثقافي، وتكثيف التعاون بين البلدين في مجالات الديمقراطية ودولة الحق والقانون وحماية حقوق الإنسان، جسرا جديدا لتعزيز الحوار السياسي بين حكومتي البلدين. ويسعى البلدان من خلال هذا الحوار إلى الدفع بعجلة التعاون الاقتصادي والاستثمار في مجالات أبرزها قطاع الطاقة المتجددة بفضل الإمكانيات الطبيعية الريحية والشمسية التي يوفرها المغرب والخبرات الواسعة التي تتميز بها ألمانيا،إضافة إلى قطاعات أخرى واعدة. وعبرت الحكومة الألمانية من خلال هذا الإعلان الذي دخل حيز التنفيذ، عن إرادتها القوية في دعم الإصلاحات التي باشرها المغرب على مختلف المستويات، واستعدادها الكامل لمواكبتها لاسيما في مجالات الديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان، وكذا تعزيز دور المجتمع المدني عبر المؤسسات السياسية الألمانية. وأكدت الحكومة الألمانية أيضا أن مسلسل الإصلاح الذي اعتمده المغرب ينبغي أن يحظى بدعم متواصل من قبل الاتحاد الأوروبي، حتى يتسنى تحقيق أهداف الشراكة مع المملكة ضمن فضاء اقتصادي مشترك. كما شددت على ضرورة تعزيز التعاون السياسي والاندماج الاقتصادي بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي من أجل ضمان الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب. وأشادت الحكومة الألمانية بهذا الخصوص بالدور الهام الذي يواصل المغرب الاضطلاع به لتعزيز الاستقرار والأمن والتنمية المستدامة في منطقة شمال إفريقيا. وفي ما يتعلق بالقضية الوطنية، جددت برلين دعمها للمفاوضات الجارية تحت إشراف الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي وسلمي ودائم ومقبول للنزاع حول الصحراء. وينضاف تجديد برلين لموقفها بخصوص قضية الصحراء، إلى رفض البرلمان الألماني (البوندستاغ)، في أبريل الماضي، مقترحا تقدم به حزبان معارضان في البرلمان السابق، يدعو إلى تغيير طبيعة مهمة بعثة (المينورسو) لتشمل مجال حقوق الإنسان حيث صوت البرلمان الألماني، برفض هذا المقترح ، من خلال الأغلبية التي تزعمتها المستشارة أنغيلا ميركل. ولم تكن هذه الخطوات الوحيدة التي عززت سجل العلاقات بين الرباطوبرلين، بل كان أيضا الاحتفال على امتداد السنة وفي مختلف مناطق ألمانيا، بمرور نصف قرن على هجرة المغاربة إلى ألمانيا بموجب اتفاق أبرم بين البلدين، محطة هامة للوقوف على ما قدمته الجالية المغربية من قيمة مضافة لهذه العلاقات. وتميز الاحتفال بتظاهرات متعددة ثقافية وفنية وموسيقية نظمتها كل من شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا، ومنظمة الخدمات الاجتماعية والإرشادات، وجمعيات مغربية ألمانية، بتعاون مع سفارة المملكة ببرلين ومجلس الجالية المغربية في الخارج ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج، ووزارة الثقافة والوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، وعدد من المؤسسات الألمانية. وسلطت اللقاءات والندوات التي شملها البرنامج وشارك فيها مسؤولون مغاربة وألمان، سواء في ألمانيا أو بالمغرب، الضوء على عدد من القضايا التي تهم المهاجرين المغاربة، كالاندماج والدور الذي يضطلعون به في ألمانيا، ومدى إسهامهم في التطور الجاري بوطنهم الأم وببلد الاستقبال. كما أبرزت هذه اللقاءات أهم المحطات التي طبعت تاريخ الهجرة المغربية إلى ألمانيا، وقضايا اجتماعية وسياسية ترتبط بالمهاجرين خاصة المغاربة وبالأنشطة التي يمارسونها ودورهم في المجتمع الألماني. وحرص المنظمون لهذه الاحتفالات على تكريم عدد من المهاجرين من الرعيل الأول تقديرا لما قدموه في سبيل توطيد أواصر الصداقة والتعاون بين المغرب وألمانيا، ولما حققوه من نجاحات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وفي تكوين جيل يتقلد أغلب أبنائه اليوم مناصب عاليا في مختلف التخصصات العلمية والسياسية والثقافية. وقد اكتسى الاحتفال بخمسين سنة على هجرة المغاربة الى ألمانيا، أهمية كبرى لدى الجالية المغربية في هذا البلد حيث عرفت أكثر بها وبدورها إلى جانب باقي الجنسيات، وبإسهاماتها في بناء وتقدم الاقتصاد الألماني بشهادة مسؤولين ألمان حكوميين وسياسيين وباحثين جامعيين.