افتتحت مساء أمس الثلاثاء ببرلين فعاليات الاحتفال بالذكرى الخمسين للتوقيع على اتفاقية هجرة المغاربة إلى ألمانيا التي تنظمها شبكة الكفاءات المغربية الألمانية تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وذلك بحضور شخصيات مغربية وألمانية وعدد من أفراد الجالية. واعتبر الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج، عبد اللطيف معزوز، في كلمة افتتاح هذه الفعاليات المنظمة بتعاون مع الوزارة ، الاحتفال لحظة تاريخية يمتزج فيها الماضي بالحاضر والمستقبل عبر حضور ممثلين عن الأجيال المتعاقبة للجالية المغربية، مبرزا أن هؤلاء شيدوا ومازالوا جسور التقارب بين المغرب وألمانيا. ونوه بالرعيل الأول الذين تحملوا مشاق الاغتراب وتحدوا العوائق اللغوية والثقافية ومتاعب العمل في مناجم وحقول في ظروف صعبة ليساهموا بسواعدهم في بناء صرح الحضارة الألمانية المعاصرة. وأكد أن ألمانيا فتحت ذراعيها لهؤلاء المهاجرين وعملت ما في وسعها لتشعرهم أنهم كسائر أبنائها معاملة إياهم باحترام ، حريصة على تكوينهم وتكوين أبنائهم وعلى اندماجهم، معتبرا أن المهاجرين يشكلون دعامة لتنمية ألمانيا ويساهمون في تنمية المناطق التي ينحدرون منها بالمغرب عبر مشاريع تطوير البنيات التحتية والأنشطة المدرة للدخل وغيرها. وأبرز معزوز أن هؤلاء المغاربة يشكلون أيضا عنصرا قائم الذات بل ورافعة اساسية لازالت لم توظف بعد بما فيه الكفاية لتوطيد تعاون المغرب مع المانيا . وأشار إلى أن الهجرة المغربية لألمانيا أخذت منذ بداية القرن الحالي وجها آخر بمجيء العديد من حاملي الشهادات العليا والباحثين في مجالات العلوم الدقيقة الذين تستقطبهم مغريات سوق الشغل الألمانية، داعيا المسؤولين الألمان إلى ضرورة التفكير التشاركي في مقاربة جدية وعملية لظاهرة هجرة الكفاءات تكون مربحة لكل الأطراف. وأضاف أن المغرب شرع في منهجية لتعبئة الكفاءات المهاجرة تتوخى التعرف عليها ودعم تنظيمها ضمن شبكات مهيكلة تسهل التخاطب معها ثم اطلاعها على حاجيات القطاعات وإتاحة الفرصة لها للمساهمة فيها هذا إلى جانب فتح بوابة "مغربكم" لاستكشاف كل الطاقات الموجودة عبر العالم وربط الصلة معها للاستفادة من خبراتها. ومن جانبها، اعتبرت السيدة كورنيليا غيشتر ممثلة الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ، في كلمتها أنه قبل سنة لم يكن احد يتوقع أن يحدث هذا التلاقي الذي نجح عبر تكريس تلاقع ثقافي مهم بين البلدين، مشيرة إلى أن التوقيع منذ نصف قرن على اتفاقية لجلب العمالة المغربية شكلت بداية لتعاون اقتصادي متميز بين البلدين. وأضافت غيشتر أن بعد مضي هذا الوقت أصبح تعداد المغاربة في ألمانيا يناهز 180 ألف يتمتع أغلبهم بمؤهلات ثقافية عالية منهم 700 مهندسا يدرسون في مؤسسات ألمانية، فأصبحوا جزءا من المجتمع الألماني ويساهمون في تنميته، معتبرة أن اندماجهم في المجتمع الألماني نموذج يحتدى به . وذكرت أن الجيل الأول من المهاجرين كان له الفضل في توفير فرص للجيلين الثاني والثالث وفتح الطريق لتحقيق أهدافهم مشيرة إلى أن هؤلاء المهاجرين كما يدعمون التطور في ألمانيا فهم يدعمونهم في بلدهم الأم ليس عبر التحويلات المالية بل بالأفكار والمشاريع. وأبرزت الدور الذي تعلبه الوكالة في تقديم الاستشارات والمساعدات المالية لإنجاز عدد من المشاريع لفائدة المهاجرين وفي المغرب خاصة في الوسط القروي فيما تعتزم الوكالة إقامة تعاون بين الجامعات الألمانية والمغربية. أما غونتر نوكه مفوض الحكومة الألمانية المكلف بأفريقيا فبعد أن نقل تحية المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل للحضور، اعتبر ان المهاجرون يساهمون في جعل الهجرة ظاهرة مربحة لكل الأطراف مشيرا إلى أن التوقيع على اتفاقية الهجرة الأولى شكلت خطوة لإحداث تغيرات في المانيا. وأوضح أن بلاده استطاعت في الستينيات والسبعينيات تعويض الخسائر البشرية عبر استقدام العمالة من المغرب وغيره وساهموا في جعل ألمانيا بلدا مفتوحا معربا بهذا الخصوص عن امتنانه للمغاربة والمغربيات. ومن جهتها قالت صوريا موقيت رئيسة الشبكة إن المهاجرين الذين حلوا ضيوفا من أجل العمل فأصبحوا مواطنين في ألمانيا ساهموا في خلق الانجاز الاقتصادي بشجاعتهم بعد أن تركوا وطنهم واسرهم ، إلى جانب من هاجروا من أجل الدراسة الذين تحدوا الصعاب وتمكنوا من تحقيق النجاح. وأوضحت أن الشبكة وضعت هدفا أساسيا امامها يكمن في تعزيز البحث ودعم جªود التنمية المستدامة بالمغرب عبر مشاريع في مختلف القطاعات، ودعم سياسة الªجرة والاندماج في ألمانيا لما فيه مصلحة الجالية المغربية، وتعزيز الدور الذي تلعبه والذي يتجاوز التحويلات المالية . وتخلل هذا حفل افتتاح الفعاليات المنظمة بتعاون مع السفارة المغربية ببرلين ،تقديم شهادات للرعيل الأول من المهاجرين، إلى جانب تقديم وصلات موسيقية شاركت فيها ثلاث فنانات مغربيات مريم السابا وحياة الشاوي ومليكة رياض اللواتي أتحفن الجمهور بمقطوعات من الفن الأوبيرالي رفقة عازف البيانو فولفغانغ كولن إلى جانب تقديم وصلة "حجاية مغربية " رفقة الحكواتي المغربي ادريس الجاي.