من ردهات الأممالمتحدة، اختارَ سيريل رامافوسا، الرئيس الجنوب إفريقي، وضْع مزيد من الحصى في حذاء الدبلوماسية المغربية، بعدما دعا دول المعمور إلى دعم "شعب الصحراء الغربية" في سعيه إلى "الاستقلال"؛ بل ووصل به الأمر إلى حد "المساواة بين جبهة البوليساريو والشعب الفلسطيني"، وفق تعبيره. دافع الرئيس الجنوب إفريقي، في كلمته التي ألقاها على منبر الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مرة أخرى، عن جبهة البوليساريو الانفصالية، ودعا المجتمع الدولي إلى دعم "حق الشعب الصحراء الغربية في تقرير المصير"، ضارباً عرض الحائط كل المحاولات الدبلوماسية للتقريب بين الرباط وبريتوريا، بعد عشر سنوات من القطيعة. وكان المغرب وجنوب إفريقيا قد اتفقا، خلال قمة الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي نهاية نونبر 2017 بأبيدجان، على العمل معا من أجل "مستقبل واعد". وفي هذا الإطار، تقرر "تعيين سفيرين من مستوى عال بكل من الرباط وبريتوريا"؛ لكن يبدو أن الطريق ما زالت بعيدة أمام توحيد وجهات نظر البلدين، خاصة في موضوع الصحراء. هسبريس سألت هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية والأمن، حولَ استمرار معاداة دول القارة السمراء لمصالح المغرب على الرغم من عودته إلى الاتحاد الإفريقي، فأجاب بأنَّ "عودة المغرب إلى الحاضنة الإفريقية لا يمكن اعتبارها مفتاح كسب جميع الأطراف إلى جانب المغرب في ملف الصحراء؛ فهناك دول لها مواقف تقليدية اتجاه الملف وتكون تلك المواقف عادة مبنية على مغالطات سياسية أو حسابات جيواستراتيجية بعيدة كل البعد عن الحقائق التاريخية والميدانية للملف". وأردف معتضد في المنحى ذاته أن "محور الجزائر -جنوب إفريقيا يسعى إلى لفت المزيد من الأنظار واستغلال أشغال الجمعية العامة للدفاع عن أطروحة مبنية على حسابات اقتصادية أو التزامات شخصية بعيدة عن الحقائق السياسية والقانونية للملف، بما في ذلك عدالة القضية من المنظور التاريخي". وتبعاً لذلك، فإنه من الناحية الدبلوماسية، يضيف الباحث المغربي المقيم في كندا، فهذه الدول على وعي تام بأن الظرفية الحالية لملف الصحراء المعروض على أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في الوقت الذي ينتظر فيه أن يناقش مجلس الأمن الدولي تقرير المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء شهر أكتوبر المقبل، يجب استثمارها زمنيا للتأثير على بعض الأطراف واستمالة مواقف يمكن التلاعب بها لصالح أطروحة تفتقد لأساسيات الأعراف الدولية والحقائق التاريخية". وفي تقدير الباحث ذاته، فإنَّ "التجاذبات السياسية والمناورات الدبلوماسية الإفريقية بخصوص ملف الصحراء، بعيدا من أن نختزلها في صراع بين أطراف إِفريقية بدون ربط ذلك بمناطق التأثير الجيوسياسي على المستوى الدولي". "فبالإضافة إلى اليقظة التي يجب على المغرب أن يتحلى بها داخل المنصة الإفريقية للاحتفاظ على التوازنات والحقائق القانونية بشأن ملف الصحراء، فعليه أن يعمل جاهدا ألا يدرج ملف الصحراء إلا على طاولة مجلس الأمن وبعيدا عن لجن أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة"، في منظور معتضد.