طلبة إبن طفيل يضربون عن الدراسة بسبب تردي الأوضاع    مجموعة "العدالة والتنمية" تطلب رأي مجلس المنافسة في مدى احترام الفاعلين في قطاع الدواجن للمنافسة الشريفة    ملكة الأردن رانيا ترد بطرافة على طلب طالب جامعي    وسط إنزال أمني مشدد.. المجلس الجماعي للقنيطرة ينتخب مكتبه الجديد    محاميان مغربيان يطالبان بإعتقال ومحاكمة نتنياهو بتهمة الإبادة الجماعية في غزة    4 ميداليات للمغرب في الأولمبياد العربية للرياضيات    ابتدائية الجديدة تدين المالكي بالحبس والغرامة    اندلاع حريق مهول داخل وحدة صناعية بطنجة    محمد العلالي يؤطر لقاء حول دور الإعلام في التربية بمؤسسة ابن خلدون بالناظور    فرح الفاسي تكشف ل"القناة" تفاصيل إدمانها القمار في "آخر اختيار"    مجلس المستشارين يشرع في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2025    8.5 مليون من المغاربة لا يستفيدون من الحماية الصحية ونسبة تحمل المصاريف لا تتجاوز 50% (الشامي)    السفارة المغربية ببلجيكا والقنصلية العامة بأنفيرس تنظمان حفل استقبال بمناسبة عيد الاستقلال    36 قتيلا و2787 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    سيدات الجيش الملكي تبلغن نهائي أبطال إفريقيا على حساب "مسار" المصري    زيلينسكي يحذر من أن بلاده "ستُهزم" إذا قطعت عنها واشنطن المساعدات العسكرية    إغلاق مئات المدارس بسبب التساقطات الثلجية القوية بالمملكة المتحدة    وقفة احتجاجية بالرباط للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز يدعو لإنهاء تواطؤ بلاده في الإبادة الإسرائيلية بغزة    نائبة أميركية ترفض "متحولة جنسيا" في مراحيض النساء    أستراليا تواجه جذب منصات التواصل الاجتماعي للأطفال    الطريق السريع تزنيت–الداخلة.. شريان تنمية جديد للصحراء المغربية أبهر العالم    بسبب "فضيحة" عقد 62 مليون سنوياً مع فندق.. حماة المال العام يطالبون النيابة العامة بالتحقيق مع الميراوي    رغم الانتصار على الغابون وليسوتو... المنتخب المغربي يتراجع بمركز في الترتيب العالمي        المنتخب الوطني لمواليد 2000 فما فوق يتعادل مع المنتخب الإيفواري في بنجيرفيل    المغرب يصدر سنويا 700 ألف سيارة لأكثر من 70 دولة        الذهب يواصل الارتفاع مع تراجع الدولار    نقابة: إفلاس المقاولات في تزايد وسط توقع بإفلاس أكثر من 16 ألف مقاولة في 2024    كيوسك الأربعاء | المغرب يسير بثبات نحو تأسيس صناعة دفاعية متطورة    الإعلام الإسباني يشيد ب"جنود الصحراء" المغاربة    نقابة تعليمية تطالب بإسقاط الأحكام القضائية ضد أساتذة        اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    أوكرانيا تستخدم صواريخ "أتاكمس" الأمريكية في ضرب الأراضي الروسية..    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    وجبات "السيبيا" ترسل أزيد من عشرة أفراد للمستعجلات في اشتوكة        رئيس الحكومة: الشروع في الإطلاق التدريجي للمنطقة الصناعية محمد السادس "طنجة تيك"    الصحافة الإسبانية تشيد بإبراهيم دياز بعد تسجيله هاتريك مع أسود الأطلس        ليدي غاغا سحبت قبالة واحدة من أفضل عروض الوقت الحقيقي من أي وقت مضى    "اليونسكو" تدرس إدراج الحناء في قائمة التراث الثقافي غير المادي    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب"الأخضر"    وزارة الصحة الروسية تطلق اختبارات سريرية لعلاج جديد لسرطان الدم    حاتم عمور يصدر كليب «بسيكولوغ»    أربع جهات مغربية تفوز بجائزة "سانوفي" للبحث الطبي 2024    الشاعرة الروائية الكندية آن مايكلز تظفر بجائزة "جيلر"    في تأبين السينوغرافيا    ما هي الطريقة الصحيحة لاستعمال "بخاخ الأنف" بنجاعة؟    فريق بحث علمي يربط "اضطراب التوحد" بتلوث الهواء    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة النقاش اللغوي والبيداغوجي
نشر في هسبريس يوم 07 - 09 - 2018

ليس الإشكال في إدراج كلمات متداولة في محيط المتعلم في الكتاب المدرسي، هذا إجراء مقبول واللغات ليست أنساقا جاهزة ومغلقة، بل تتفاعل بينها ومع محيطها الاجتماعي، ومن خلال تدريسها تستجيب للحاجة التربوية ومتغيراتها المعرفية والديداكتيكية، لكن الإشكال والأسئلة الفعلية في نظري التي يطرحها هذا الخيار هي كالأتي:
ما هو الخيار السياسي اللغوي الذي أعتمد في هذا الإجراء، وما هي المقاربة البيداغوجية التي تؤطره ؟ فهل يكفي إدراج بعض المفردات من الدارجة المغربية في كتب وكراسات اللغة العربية لتبسيط تعلم اللغة وتحبيبها للمتعلم، ولخلق ممرات تواصلية بين المدرسة والمحيط الاجتماعي، ولجعل التلاميذ يعتزون بذواتهم وثقافتهم المحلية، إلى غير ذلك من الأهداف التي يتوخاها ويدافع عنها بعض مناصري هذا الإجراء؟ الأمر يبدو أعقد من ذلك لأن هذه الأهداف يصعب تحقيقها من خلال إجراء بسيط وجزئي لا يستند إلى مقاربة بيداغوجية واضحة وشاملة تنطلق من قرار سياسي وقانوني يحدد وظائف اللغات الرسمية والأجنبية والتعابير اللغوية والثقافية المحلية انطلاقا من الدستور، ويستحضر الإطار الإبستيمي والمعرفي لتعلم اللغات ولدور المدرسة في اكتسابها، وتوزيع المواد الدراسية والمجالات والأهداف والكفايات المنتظرة، وبدون ذلك سيصير هذا الخيار مجرد تلفيق لغوي سيكرس مستقبلا على مستوى مخرجاته التربوية والتعليمية للهجانة اللسنية والقيمية ولالتباس الوظائف وتعقد الوضع اللغوي بدلا من توظيفه ومعالجته تربويا وتعليميا بشكل عقلاني يساهم في تنمية اللغات والتعابير اللسنية وتنمية الفرد والمجتمع على حد سواء.
خلال النقاش اللغوي الذي صاحب الدعوة إلى تدريس الدراجة المغربية، كانت هناك دعوة إلى ضرورة مراجعة وتبسيط اللغة العربية حيث نادى بعض اللسانيين والمثقفين بضرورة اعتماد لغة وسيطة عبر إعادة النظر في المتن النحوي المعقد والتركيز على القواعد الأساسية والتواصلية للغة. لكن تحقيق هذا التبسيط هل يمكن أن يتم من خلال إدراج بعض المفردات والعبارات الدارجة، أم أنه يتطلب اشتغالا لسنيا وتهييئيا ومعجميا كبيرا على اللغة العربية، ومقاربة ديداكتيكية شاملة؟
من المعلوم أن اللغات والمعاجم تتطور وتزداد وتنقص حسب الحاجة الاجتماعية والتداول، تستحدث مفردات وتستدمج أخرى كما يمكن أن تعزل كلمات وعبارات وتحد من شيوعها وانتشارها وتقوي حظوظ أخرى، لأن اللغة كائن حي وليست معطى جاهزا ونهائيا ومتعاليا عن الإنسان والمجتمع، تتنفس وتتغذى وتنمو وتكبر وتضعف أو تنقرض حسب الشروط المحيطة بها والحاجة الاجتماعية إليها. والسؤال الآخر الذي يطرحه هذا الإجراء سواء على "الدارجيين" أو "الفصحويين" وعلى البيداغوجيين، وهو سؤال معجمي على اللسانيين أن يجيبوا عنه في أقرب وقت لأن هذه المفردات ستلج المعجم المدرسي واللغوي، هو: ما هو الأصل الإتمولوجي لهده المفردات وكيف ستعرف في المعاجم؟
ثم لماذا يتم التغاضي عن الحضور الكبير للدراجة كلغة التواصل الشفاهي وتدريس عدة مواد تعليمية، ويثار النقاش والانتقادات بمجرد ما تصير مكتوبة ومقروءة؟ فمن المعلوم أن جل الأساتذة والتلاميذ وفي كل الأسلاك التعليمية يتواصلون خلال تدريس المواد بالدارجة، بما فيها حصص اللغة العربية والتربية الإسلامية ذاتها، والرياضيات والفيزياء والمواد التقنية والصناعية والاقتصاد وحتى الفرنسية أحيانا، فيما يمكن أن نسميه نوعا من ميتالغة التدريس، لكن لا يقبلون أن تصير هذه المفردات والعبارات المنطوقة والمتداولة مكتوبة ومقروءة؟ ثم ألا يكفي بيداغوجيا وتواصليا أن تحتفظ الدراجة بهذا الوضع الميتالغوي في تدريس بعض المواد دون الحاجة إلى منحها وضعا كتابيا لأن الأمر يتطلب التهيئة اللسنية والمعجمية والإطار الديداكتيكي الملائم؟
بما أن اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية يجب أن تحظيا بمكانتهما الأساسية في المنهاج الدراسي في انتظار الإنصاف الفعلي للأمازيغية وتعميم تدريسها ومنهاجها كما العربية، وبما أن اللغات الأجنبية تحظى باستقلاليتها كمواد دراسية ولغات التدريس أحيانا، فلماذا لا تخصص مادة دراسية للتعابير اللسنية والثقافية المحلية على مستوى البرامج، تعتمد فيها الألسن الجهوية، الدراجة والحسانية ...، ويدرس فيها المتعلمون نصوصا تراثية والفنون المحلية وغيرها، بدلا من إدراجها بشكل جزئي وربما هجين في مادة اللغة العربية؟
لاشك أن الإجابة عن هذه الأسئلة وأخرى عالقة يمكن أن تساهم في وضع تصور سياسي وقانوني ثم بيداغوجي لمعالجة الوضع اللغوي واستثماره انطلاقا من الحسم في وظائف هذه اللغات وبما يساهم في تنميتها والتعابير اللسنية والثقافية المحلية وفي تحقيق العديد من الأهداف المنتظرة من ذلك على مستوى المنظومة التربوية والعملية التنموية، أما إجراء إدراج كلمات من قبيل :بغرير، البريوات، الشربيل..." في كراسات اللغة العربية، وجل الردود المثارة، فتؤكد أننا لازلنا نتخبط ونعجز عن الحسم في سياسة لغوية متوازنة والإطار القانوني والبيداغوجي الذي يمكن أن يحرر ويصرف ممكنها التنموي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.