"أنا لست عاهرة ... والسيدا جعل مني امرأة حرة" ، تقول أم عيد، التي تعايشت مع فيروس مرض فقدان المناعة المكتسبة- السيدا. تعيش أم عيد بمنطقة هوارة في نواحي مدينة أكاديرجنوب المغرب، لم تخف مرضها عن عائلتها واختارت المواجهة بعدما اكتشفت أن الفيروس انتقل إليها من زوجها. "لا أريد أن أبكي ولا أن أكون ضحية" عاشت أم عيد مرحلة صعبة لاسيما بعد ما اكتشفت أن الفيروس انتقل إلى ابنتها خلال فترة الحمل، وتقول "كنت أسال الأطباء حينها هل ستعيش ابنتي، كنت أفكر في مستقبلها". وتضيف ل DW عربية "أخبرت الجميع أننا مصابتان بفيروس السيدا وزوجي لا يزال على قيد الحياة". أشارت أم عيد إلى أن أغلب الزوجات اللاتي يتكتمن على إصابتهن، يُتهمن بعد وفاة أزوجاهن بممارسة الدعارة، معتبرة أن عائلة الزوج تلوم الزوجة وتنفي إصابة الزوج بالفيروس خوفا على سمعة العائلة .لكنها رفضت ذلك وتحدت العائلة ونظرة المجتمع السلبية للنساء المصابات بالسيدا، وتقول "لا أريد أن أبكي ولا أن أكون ضحية". " فيروس السيدا جعل مني امرأة قوية" ترعرعت أم عيد في أسرة محافظة ترفض تعليم الفتيات واشتغالهن، ولكن إصابتها بالفيروس جعلتها تتحرر من سلطة العائلة، وتشير إلى أنه "بعد وفاة زوجي بسبب السيدا عام 2004، أدركت أنه يجب أن أخرج من البيت للبحث عن وسيلة لكسب لقمة العيش...وأني بحاجة لأن أكون مستقلة". نجحت أم عيد في الحصول على دبلومين في الخياطة والحلاقة وهي مصابة بالسيدا الذي منها "امرأة قوية وتمكنت بفضل دعم جمعية محاربة السيدا في تارودانت من إقامة مشروعي للحلاقة وتزيين العرائس... وأطمح إلى توسيعه وتطويره". ولدت وهي تحمل الفيروس "تقبلت الفيروس وليس لدي أي مشكل ومتعايشة معه" تقول سمية (18 عاما) ابنة أم عيد، وتضيف "ساعدتني والدتي على تقبل المرض، منذ طفولتي...ليس لدي مشكل مع أقاربي وأصدقائي، الجميع يتقبلني". تعرب سمية عن استيائها من وصم المجتمع المغربي للمصابات بالسيدا وتقول في حديثها لDW عربية "ينبغي أن يتوقف المجتمع عن وصم النساء المصابات واتهامهن بممارسة الدعارة. هل أنا امتهنت الجنس، لقد ولدت حاملة للفيروس". تختلف قصة أم العيد عن عدد كبير من النساء المغربيات المصابات بالفيروس، اللواتي فضلن التكتم على المرض. ماجدة (اسم مستعار) شابة مغربية تبلغ 36 عاما انتقل إليها وإلى طفلها السيدا عبر زوجها، تقول "توفي زوجي بسبب الفيروس، وبعدما اكتشفت عائلته أني مصابة بالسيدا، طردوني وحتى عائلتي نبذتني". الاتهام بممارسة الدعارة بعد نبذ عائلتها لها، تخشى ماجدة أن يكتشف زملاؤها في العمل وجيرانها إصابتها بالفيروس، وتقول لDW عربية "أصبحت أعيش في خوف مستمر، لا أستطيع أن أعيش حياة عادية". وتضيف أن عائلة زوجها وعائلتها "تلومني وتتهمني بممارسة الدعارة، لا أحد يساندني ". كما أن ماجدة تخشى أن تخبر طفلها البالغ 7 سنوات بأنه مصاب . تعيش ماجدة في عزلة عن الجميع وتختم حديثها مع DW عربية قائلة وعيناها اغرورقتا بالدموع "أخاف من أن أموت وأترك طفلي لوحده، لا يوجد من يدعمه". هذا وقد كشفت دراسة حديثة أنجزتها وزارة الصحة المغربية عن إصابة نحو ألف شخص سنويا بمرض السيدا في المغرب، وأوضحت الدراسة أن 700 شخص يفارقون الحياة بشكل سنوي بسبب الإصابة بهذا الفيروس . كما أبرزت الدراسة أن 70 في المائة من النساء المصابات بالمرض، انتقل الفيروس إليهن عن طريق أزواجهن. عدم تفاعل الحكومة وعن جهود المجتمع المدني لدعم المصابين بالسيدا، يقول مصطفى أغريس رئيس جمعية محاربة السيدا فرع تارودانت في تصريحه ل DW عربية "إن الجمعية توفر للمصابين الدواء وتعمل على توعيتهم ودعمهم لإنشاء مشاريع صغرى خاصة بهم لتحقيق الاستقلالية المادية والاندماج في المجتمع". ويضيف بأن "الحكومة لا تتفاعل مع برامج الجمعية بشكل ايجابي، للحد من انتشار الفيروس بالمغرب". ويعزو رضى امحاسني المختص في علم النفس، النظرة السلبية للمجتمع المغربي للمصابين السيدا إلى علاقة هذا الفيروس بالجنس الذي لا يزال يعتبر "تابو" لدى المجتمع. ولفت امحاسني في حديثه لDW عربية إلى أن "هناك ثقافة المقاومة لدى المجتمع لبرامج التوعية، الناجمة عن غياب الثقافة الجنسية، وإن نسبة كبيرة من الشباب تتفاعل مع حملات التوعية الموسمية للفيروس بالسخرية أو التجاهل ". وأضاف امحاسني أن "من أسباب انتشار الفيروس إقامة علاقات جنسية غير محمية مع أطراف متعددة. والاعتقاد السائد لدى البعض أن الواقي الذكري يحرم من المتعة الجنسية، برغم من معرفتهم بوجود خطورة على صحتهم وصحة شركائهم". ولمواجهة تزايد عدد الإصابات بالفيروس يدعو امحاسني "إلى ضرورة تخصيص الإعلام العمومي حيزا من برامجه للتوعية بالمرض، وعدم الاكتفاء بالحملات الموسمية، وإدراج الثقافة الجنسية في المناهج الدراسية، والتوعية المستمرة في المؤسسات العمومية لتصحيح الأفكار الخاطئة للمجتمع عن السيدا". * ينشر بموجب اتفاقية شراكة مع DW عربية