زوجات لم يخطر ببالهن أن حلمهن بالاستقرار الأسري وشعورهن بالأمان مع الزوج سيتحول إلى كابوس يجثم على أنفاسهن ويهدد حياتهن، بعدما صار الشريك الذي يفترض فيه حمايتهن مصدر عدوى. فهؤلاء الزوجات وجدن أنفسهن في مواجهة أمراض جنسية خطيرة بسبب علاقات أزواجهن الجنسية غير المحمية، ليتجرعن مرارة المعاناة الجسدية والنفسية بالإضافة إلى نظرة المجتمع التي تحمل في طياتها الوصم والعار والإقصاء الاجتماعي. كانت تتصرف بطريقة عادية جدا، تتبادل أطراف الحديث مع بعض النسوة، لا تبدو عليها أي علامات للمرض، من خلال بنيتها الجسدية القوية، وجسدها المكتنز، كانت تخفي ألمها ومشاعر الحسرة في دواخلها، محاولة التعايش مع مرضها الذي يرفضه المجتمع والذي ينظر إلى صاحبه نظرة المتهم. لم تجن شيئا، ولم تبحث عن المرض، وإنما اكتشفته صدفة، حينما دخل زوجها إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية، تطلبت إجراء تحليل الدم، ليتم اكتشاف حمله لفيروس السيدا، ليطلب منها الطبيب إجراء تحاليل للدم من أجل معرفة ما إذا كانت مصابة أيضا أم لا. أصابها بالعدوى ثم رحل عن الدنيا اكتشفت «فاطمة» أنها مصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة، وكانت صدمتها قوية، جعلتها تشعر بالدوار لتقع أرضا، ويتم تقديم الإسعافات المناسبة لها، قبل أن يتم عرضها على طبيب نفسي، ليساعدها على تقبل الوضع، والبدء في رحلة العلاج وتناول الدواء الثلاثي. كانت تعيش مشاكل مع أخواتها ووالدتها، مما أدى بها إلى الهرب من البيت، والتوجه صوب مدينة أكادير، من أجل البحث عن عمل، تعيش منه بعد أن ضاقت بها سبل الحياة، فتوجهت للعمل بإحدى الضيعات الفلاحية، واستأجرت شقة مع بعض زميلاتها في الضيعة. مرت الشهور وتعرفت فاطمة على رجل كان يشتغل سائق شاحنة في نفس الضيعة، حيث دخلت معه في علاقة عاطفية، بعد أن انتقلت للعيش معه في نفس البيت الذي يقطن به، قبل أن يتزوج بها، لم تكن فاطمة تعتقد أن زوجها يمكن أن يكون مصابا بهذا المرض. كانت فاطمة تعلم بمغامرات زوجها الجنسية، إلا أنها كانت تستبعد أن يصاب بمثل هذا المرض، لذلك لم تفكر يوما في القيام بأية تحاليل، خاصة أنه لم تكن تظهر عليه أية أعراض، أو مضاعفات تجعلها تشكك في إصابته. بالرغم من علمها بانتقال العدوى إليها من زوجها، وتأزم حالتها النفسية جراء هذا الأمر إلا أنها لم تتخل عنه في محنته المرضية، وأصرت على البقاء معه، وبدء رحلة العلاج معا، لأنها تعيش وحيدة بعد أن زادت القطيعة بينها وبين أسرتها. توفي زوج فاطمة بعد مرور سنتين من اكتشاف المرض، نظرا لعدم امتثاله لتعليمات الأطباء، وظهور المضاعفات عليه، لكنها لم تستسلم، وداومت على تناول الدواء في وقته المحدد، وإجراء التحاليل بين الفينة والأخرى، وهي الآن تعيش حياة عادية وتتعايش مع مرضها، مادام الناس لا يعرفون أنها مصابة بداء فقدان المناعة المكتسب. طلقت نفسها بعد فوات الأوان كانت تأمل أن يكون زوجها مصدر أمان لها، بدل أن يكون سبب الخطر الذي يهدد حياتها، ويحول كل أحلامها الوردية إلى كابوس. تحطمت كل أمانيها على صخرة الصدمة والمفاجأة، بعد علمها بإصابتها بالعدوى من زوجها بفيروس السيدا. عاشت أياما صعبة فقدت فيها الإدراك والوعي بكل ما يدور حولها، لم يكن من السهل عليها تقبل خيانة زوجها لها، وإصابتها بمرض مخيف لم يكن لها ذنب فيه إلا أن زوجها أصيب به في إحدى مغامراته الطائشة، وحتى زوجها لم تكن لديه الشجاعة الكافية لإخبارها بالأمر. تزوجت خديجة زواجا تقليديا، لكنها كانت راضية رغم ما كانت تعانيه من آلام خيانة زوجها لها، وكانت تقول إنها علاقات عابرة سيعود بعدها إلى أحضانها، بعد أن يعود إلى رشده، إلا أن الزوج لم يعد إلى رشده إلا بعد أن تلوث دمه بفيروس السيدا. علم الزوج بإصابته بالمرض، لكنه لم يجرؤ على إخبار زوجته بما حل به خوفا من أن تتركه، أو تفضحه أمام أفراد عائلته، إلا أن أنانيته كانت سببا في مرض زوجته وإصابتها بعدوى الفيروس القاتل، الذي سيدمر صحتها وحياتها فيما بعد. الصدفة وحدها كانت كفيلة بفضح الزوج الخائن، حينما ذهبت الزوجة للتبرع بالدم في إحدى مراكز التبرع، لرغبتها في مساعدة المرضى على الحصول على الدم، إلا أنها اصطدمت بالحقيقة المرة التي لم تكن تنتظرها، ولم تخطر ببالها في يوم من الأيام، حينما تم إخبارها بأن دمها ملوث بفيروس داء فقدان المناعة المكتسب. كانت الصدمة قوية على خديجة ولم تستطع تحملها، فخارت قواها ولم تعد قدماها تقوى على حمل جسدها، فتمت تهدئتها، وتوجيهها نحو المركز الاستشفائي ابن رشد لمتابعة حالتها مع أطباء متخصصين في المجال، والاستفادة من العلاج هناك، كما تم إخبارها بضرورة إجراء التحاليل من طرف زوجها وأطفالها، للتأكد من نظافة دمائهم من الفيروس. تاهت خديجة عن طريق العودة إلى البيت، وهي غارقة في التفكير في الطريقة التي انتقلت بها العدوى لجسدها، وكيف يمكن أن تخبر زوجها الذي لن يصدق عدم خيانتها له، وإخلاصها لعلاقتها الزوجية، ومصير أبنائها وحياتها الأسرية. استجمعت خديجة شجاعتها وقررت إخبار زوجها بحقيقة إصابتها بمرض السيدا، من أجل حثه على إجراء التحاليل الضرورية، لتكتشف مفاجأة أخرى عندما اعترف لها زوجها بأنه هو السبب في إصابتها بالعدوى، بعد مغامرة جنسية عابرة مع إحدى عمالات الجنس، لكنه أكد لها أنه لم يكن يعلم بالأمر في وقته لذلك لم يتخذ الاحتياطات الضرورية لكي يجنبها العدوى. ثار غضب الزوجة وأصبح كل تفكيرها في أطفالها الذين لا ذنب لهم، وأخذتهم إلى المختبر لإجراء الفحوصات الضرورية، لكن النتائج كانت مفرحة بالنسبة إليها، لأن أبناءها لم يصابو بالمرض، فالزوج أصيب بعد ولادة أطفاله. بعد تأكدها من سلامة أطفالها قررت طلب الطلاق من زوجها، لأنها لم تستطع مسامحته على المرض الذي ألم بها بسببه، ولا نسيان خيانته التي كانت السبب في تدميرها وتدمير أسرتها، لتبدأ رحلة العلاج بعد حصولها على الحرية، لكنها بقيت تحمل وصمة العار والمرض في جسدها والذي سيذكرها به دائما، ويجعله ذكرى سيئة في ذاكرتها. «ما نسمحش ليه..» تكون الأمراض المنقولة جنسيا في معظم الحالات الخيط الذي يقود الزوجات إلى اكتشاف خيانات الشريك، وذلك عندما تجد هؤلاء الزوجات أنفسهن مصابات بهذا النوع من الأمراض، بعدما انتقلت إليهن العدوى عن طريق الأزواج. وضع ينطبق على نبيلة التي عانت كثيرا جراء الاتهاب الكبدي الذي انتقل إليها عن طريق زوجها السابق. «ما نسمحش ليه هو سبب مرضي»، تقول بنبرة يعتصرها الألم. فقد وجدت صعوبة كبيرة في التحدث عن ظروف مرضها، الذي لم يكن السبب في تحطيم الصورة الجميلة التي رسمتها لشريك حياتها فقط، بل في تجرعها مرارة الخوف طيلة فترة الحمل من احتمال انتقال المرض إلى مولودها. لم تشك الزوجة الثلاثينية يوما في سلوك زوجها، ولم تتصور أنه قد يلجأ إلى خيانتها، خاصة أن زواجهما تم بعد قصة حب دامت سنوات، لكنها ستتلقى الصفعة التي ستوقظها من أحلامها الوردية في الوقت الذي كانت تنتظر فيه بفارغ الصبر قدوم أول مولود سيكون ثمرة تلك العلاقة. وحدها الصدفة ستقودها إلى اكتشاف الحقيقة التي حاول الزوج إخفاءها، وذلك عندما ستعثر بين أغراض الأخير على نتائج تحاليل طبية اعتقدت أنها لا تحمل في طياتها أي أمر مقلق، لكنها سرعان ما ستدرك غير ذلك عندما ستكتشف من خلال تلك التحاليل أن زوجها مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي. قررت نبيلة التي بالكاد تجاوزت صدمتها الأولى مواجهة زوجها بالأمر، واستفساره عن سبب إخفائه حقيقة مرضه وظروف إصابته به، لتتلقى صدمة جديدة أشد وطأة، عندما سيخبرها بأنه أصيب بالعدوى بعد لقاء جنسي جمعه بإحدى عاملات الجنس، وبأن المرض قد يكون انتقل إليها أيضا وإلى الجنين الذي تحمله داخل أحشائها. اصطدمت نبيلة أيضا برفض زوجها التكفل أيضا بمصاريف علاجها بعد ثبوت إصابتها بالمرض، حيث تذرع بكونه يمر بضائقة مالية وطلب منها اقتراض المال من أحد أفراد عائلتها، وهو ما لم تستطع الزوجة تحمله، لتقرر طلب الطلاق وتغادر البيت من أجل الاحتماء بوالديها في تلك الفترة العصيبة. انحصر هم نبيلة في عدم انتقال المرض إلى طفلها، فرغم تطمينات الطبيب لها خلال فترة الحمل، وتأكيده بأنه سيتم اتخاذ التدابير اللازمة أثناء الولادة كي لا ينتقل المرض إلى مولودها، لن تتلاشى مخاوف الأم إلا بعد أن تضع مولودها وتتأكد من سلامته من ذلك المرض. نقل عدوى السيلان إلى زوجته كان الحرمان العاطفي الذي يعاني منه عبد الله داخل بيت الزوجية الذي ينحصر فيه اهتمام الزوجة على طفليهما السبب وراء لجوئه إلى ربط علاقات جنسية مع نساء أخريات، بعيدا عن أنظار زوجته، خاصة أن طبيعة عمله تفرض عليه السفر والتنقل بشكل دائم داخل المغرب وخارجه. «كان هذا الخيار يبدو لي أقل ضررا»، يقول عبد الله الذي كان يدرك صعوبة اللجوء إلى خيار الطلاق، لكونه أبا لطفلين، ما جعله يفضل أن يتحجج دوما بالعمل، كي يتنقل بين عدد من المدن المغربية خاصة السياحية منها، بحثا عن شريكة جديدة تتقاسم معه متعته المؤقتة، في ثقة تامة بأنه سيعثر على مراده لأن الملاهي الليلية حسب الزوج تكون ممتلئة عن آخرها. لا ينكر عبد الله أن الندم كان يسيطر عليه بعد كل مغامرة جنسية، لأنه يرى فيها خيانة لزوجته، لكنه بالرغم من ذلك كان يجد نفسه عاجزا عن مقاومة جرعات الإثارة والإغراء في تلك العلاقات الجنسية العابرة. لم يكن الزوج الأربعيني يحرص على استعمال الواقي الذكري عند كل اتصال جنسي، اعتقادا منه بأن جميع النساء اللواتي يقع اختياره عليهن لا يعانين من أي مرض من شأنه أن ينتقل إليه عن طريق الممارسة الجنسية. سرعان ما بدأت ثقة عبد الله في حسن اختياره لشريكاته تتلاشى بعدما بدأ يشعر بأعراض مرضية لم يسبق له أن عانى منها، حيث صار يحس بحرقة عند التبول، كما يلاحظ نزول إفرازات صفراء اللون، ما جعله يسارع إلى زيارة الطبيب، بعدما سيطر عليه الخوف من أن يكون مصابا بمرض خطير. بعد خضوع عبد الله للفحص والتحاليل الطبية تبين أنه أصيب بمرض السيلان بسبب علاقاته الجنسية غير الآمنة، لكن مخاوف الزوج لم تتلاشى، خاصة أن الطبيب أكد له بأنه من الضروري أن يخضع كذلك للفحص الخاص بالسيدا، لأنه يعتبر أكثر عرضة من غيره لالتقاط عدوى داء فقدان المناعة المكتسب، إذا ما مارس الجنس مع شخص مصاب بهذا المرض. «كنت مضطرا لإخبار زوجتي بالحقيقة كي تخضع بدورها للفحوصات والتحاليل»، يقول عبد الله، مؤكدا أن ذلك لم يكن بالأمر الهين عليه، خاصة أن الاعترافات الصادمة التي خرجت من فمه شكلت صدمة قوية بالنسبة للزوجة، التي أشهرت في وجهه بطاقة الطلاق، بعدما علمت بخيانته المتكررة لها. استفاد عبد الله وزوجته من علاج مكثف عن طريق بعض المضادات الحيوية التي كانت كفيلة بالقضاء على المرض والتخلص من أعراضه، لكن الزوج لم يستطع أن يتجاوز بعد شفائه الإحساس بتأنيب الضمير لكونه عرض حياته وحياة زوجته وأم ابنيه للخطر من أجل إرضاء نزوة عابرة. كانت إصابته بمرض السيلان بمثابة جرس الإنذار الذي نبه عبد الله إلى خطورة العلاقات الجنسية التي يقيمها والعواقب التي قد تترتب عنها، وجعله يصارع لاستعادة حب زوجته وثقتها به، بعدما اختار طريق الوفاء وقرر الامتناع عن إقامة أي علاقات جنسية مع نساء أخريات. مدمن ينقل السيدا إلى شريكته يختلف الوضع بالنسبة إلى عماد فهو لم يصب بداء فقدان المناعة المكتسب عن طريق الاتصال الجنسي، بل كان الإدمان سبب انضمامه إلى فئة المصابين بهذا الداء، قبل أن يتسبب في انتقاله إلى شريكته غير الشرعية. كان الرجل الثلاثيني العاطل الذي ينتمي إلى أسرة يرزح أفرادها تحت وطأة الفقر، يجهل بطرق انتقال داء السيدا، وانضاف إلى جهله بأي معلومة حول المرض إدمانه على المخدرات الذي جعله غير واع بكل ما يدور حوله. كانت حقنة «هيروين» ملوثة بدم صديقه المصاب بالسيدا كافية لنقل العدوى إليه، لكن عماد لم يكن يعلم شيئا عن مرض صديقه، كما لم يفكر في يوم من الأيام بإجراء التحليل الخاص بالسيدا. مرت أشهر عديدة قبل أن يكتشف عماد إصابته بالسيدا، حيث ظل يعاني من الإسهال وارتفاع الحرارة، كما صار الإحساس بالتعب ملازما له، إلى أن قادته معاناته إلى إجراء تحاليل طبية بعدما فشلت كل الأدوية التي كان يتناولها بناءا على نصائح المقربين في تخليصه من تلك الأعراض. كانت صدمة عماد قوية بعد اكتشافه إصابته بالمرض، وبأن عليه أن يخبر شريكته وكل من جمعته بهن علاقة جنسية بمرضه ويطلب منهن إجراء تحليل السيدا. لم تتحمل الشريكة حسب عماد خبر إصابتها بالمرض، حيث حملته المسؤولية على ذلك، لكنها سرعان ما استسلمت للأمر الواقع، لينطلقا سويا في رحلة علاج، على أمل التصدي لأعراض المرض قبل أن تنخر جسديهما. مجيدة أبوالخيرات/ شادية وغزو