بعد فَشَلِهَا في إقْنَاعِ المواطنين المغاربة بالعُدولِ عن مقاطعة بعض المنتجات الاستهلاكية، اختارت الحكومة أن تخاطب المغاربة من جديد، داعية إياهم إلى التخلي عن هذه الحملة، لما لها من تأثيرات على مستوى مناخ الاستثمار والاقتصاد الوطني. وبعد مرور خمسة أسابيع على انطلاق حملة المقاطعة، وما خلفته من تداعيات كبيرة، مسّت بالأساس الشركات التي شملتها الحملة، دعت الحكومة المغاربة إلى تقدير دقة الموقف والعمل على تفادي المزيد من الضرر للفلاحين والقطاع الفلاحي، والاستثمار الوطني عموما. كما ناشد لحسين الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، الذي حل ضيفا على النشرة الإخبارية بالقناة الأولى، المغاربة بالتخلي عن فكرة مقاطعة حليب "سنطرال". وكان لافتاً تبني الحكومة المغربية لخطابٍ استعطافي للدفع بالمغاربة إلى التخلي عن المقاطعة، التي ألحقت خسائر فادحة، بعدما تحدثت عن تأثيرات هذه الحملة على الفلاحين والعمال، داعية المغاربة إلى "التفكير في مصير هؤلاء بعد قرار تسريحهم". المحلل السياسي عمر الشرقاوي اعتبر أن جزءًا من تبريرات حكومة العثماني الداعية إلى توقيف حملة المقاطعة بعد دخولها الأسبوع الخامس معقولاً، خاصة فيما يتعلق بمناخ الاستثمار في المغرب وصعوبات المقاولة"، قبل أن يستدرك: "لكن على العثماني أن يُمارِسَ اختصاصاته وأن يَتَجَاوَزَ قاموس التسويف، الذي بات متجاوزاً اليوم"، مورداً أن "المشهد اليوم بات مخيفاً، وأصبح مكلفاً ويحتاج ردود فعل سريعة من الحكومة، سواء فيما يتعلق بحماية المستهلك أو في الجانب الذي يخص المقاولة والاستثمار". وأورد الأستاذ الجامعي قائلاً: "الحكومة تركت المستهلك وحيداً في مواجهة "شجع" الشركات، مكتفيةً بخرجات استعطافية وكأنها تمارس نوع من الوساطة العائلية؛ لأن الأمر لا يتعلق بصراع بين الأب وابنه، وإنما بين مستهلك وصاحب منتوج، وبالتالي على الحكومة، التي تبنت اقتصاد السوق، أن تنظر في مطالب المغاربة". وأكمل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "نحن أمام أعطابٍ خلّفتها حكومة بنكيران بخصوص تحرير الأسعار، وجزء منها بدأ يظهر اليوم مخلفاً ردود فعل قوية وموجة استنكار عارمة". واستبعد المحلل السياسي أن يَحْمِلَ هذا الخطاب العاطفي أيّ مستجد فيما يخص مسار المقاطعة؛ وقال "أي مبادرة من هذا القبيل سيكون مآلها الفشل، باستثناء المبادرات الملموسة التي يُمكنها أن تُحقق بعض مطالب المقاطعين بشكل ملموس، خاصة في مجال الأسعار". وقال: "استجداء العطف لا يمكنه أن يُغيِّر من مسار المقاطعة؛ لأنها بلغت مراحل متقدمة يصعب أن تؤثر عليها الحكومة"، وأضاف: "هذه الأخيرة مُلزمة باتخاذ قرارات ليس فقط لحماية المستهلك وإنما لضمان سير المقاولات لأنه لا يمكن أن نتقدم بدون استثمار". وزاد المتحدث ذاته: "المستهلك يعتبر دافع ضرائب لا يمكنه أن يقبل بموجة غلاء الأسعار، كما أنه لا يمكن إلحاق الضرر بعدد من الفلاحين والعمال".