قال حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، إن العلاقات التي تجمع بين المغرب وإسبانيا "أكبر من مجرد تبادل مشاعر التقدير والاحترام التي يفرضها الجوار الجغرافي، بل هي علاقات تؤطرها الثقة المتبادلة والطموح المشترك والفعل الملموس بين مختلف الفاعلين في بلدين صديقين؛ وهو الفعل الذي تغذيه ذاكرة تاريخية مشتركة، وعمق حضاري وثقافي متقاسم". وأضاف بنشماش، الذي كان يتحدث اليوم الخميس في افتتاح الدورة الرابعة من المنتدى البرلماني الإسباني المغربي بمدريد، أن مواجهة المخاطر الأمنية المتسارعة "تتطلب تعاونا أكبر وأوثق أكثر من أي وقت مضى، إذ أصبح الإرهاب ظاهرة عابرة للقارات، قادرة على استقطاب وتجنيد أشخاص من مختلف العواصم العالمية؛ وهو ما يحتم علينا جميعا ضرورة التنسيق الدقيق للجهود لمواجهة هذه الظاهرة المعقدة". بنشماش أورد في كلمته أن مكافحة الإرهاب والتصدي لجذوره وتجفيف منابعه "تحتاج إلى بناء دول قوية، إذ إن الدولة الهشة والكيانات الانفصالية والمجالات الترابية غير المراقبة تظل مصدر تهديد وإنتاج للتطرف؛ فتحالف الإرهاب مع نزعات الانفصال هو الخطر الأكبر، وعندما ينضاف إلى ذلك الاتجار بالسلاح والبشر والمخدرات فإن الأمر يتعلق بخطر أكبر ومضاعف يسعى إلى تقويض الاستقرار وإضعاف الدول وكل ما راكمناه من بناء مؤسساتي". كما اعتبر المتحدث أن المملكة المغربية تتوفر على كل المقومات لتكون شريكا فريدا وجديرا بالثقة، "بفضل الأوراش الكبرى التي باشرها المغرب تحت رعاية الملك محمد السادس، خاصة في مجالات حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وتدبير ملف الهجرة الذي يعتبر المغرب نموذجا واستثناء في محيطه القاري في تعامله مع هذه الظاهرة العابرة للحدود، من خلال سياسته الوطنية لمعالجة مشاكل الهجرة". التجربة التي تجمع البلدين في مجال التعاون على مختلف المستويات اعتبرها بنشماش في معرض حديثه "باعثة على الارتياح"، مضيفا: "انعقاد المنتدى في نسخته الرابعة دليل على النضج والثقة والالتزام الذي يؤطر علاقاتنا البرلمانية اليوم"، وداعيا في الآن ذاته إلى "إنشاء آلية خاصة بتتبع ونشر خلاصات وتوصيات هذا المنتدى وكل ما يرتبط بالنسخ الثلاث السابقة، من أجل الرقي بعملنا إلى مستوى إضافة نوعية في موروثنا الثقافي وتعاوننا المشترك". الارتقاء بهذا التعاون المشترك عزاه المتحدث إلى أن البلدين "يتقاسمان عبر التاريخ تراثا ثقافيا وحضاريا غنيا شكل لا شك النواة الصلبة لصمود العلاقات أمام كل الصعوبات والتحولات التي فرضتها بعض المتغيرات في بعض الفترات من هذه العلاقات الثنائية ذات الجذور الممتدة عميقا في التاريخ". موقع البلدين الجغرافي بالتحديد، يضيف رئيس مجلس المستشارين، "أعتقد أنه كفيل بجعل البلدين قاطرة للتعاون متعدد الأطراف في محيطهما الجهوي والقاري؛ فالمغرب طالما تشبث بعمقه الإفريقي والمتوسطي، وبالغنى اللغوي الذي توفره اللغتان العربية والأمازيغية، وبتنوع ثقافاته التي تعتبر الإسبانية جزءا منها، على اعتبار أن المغرب هو الدولة المغاربية والإفريقية والإسلامية الوحيدة التي يقارب عدد الناطقين بالاسبانية فيها 7 ملايين، وباعتبار الجارة إسبانيا رائدة في مجال التعاون الايبيرو لاتيني". وختم بنشماش كلمته من خلال تقديم عرض على المنتدى البرلماني، تمثل في فكرة إنشاء منتدى برلماني إفريقي إيبيرو لاتيني، موردا أن البرلمان المغربي قطع أشواطا كبيرة رفقة البرلمانات الوطنية والتجمعات البرلمانية الجهوية والقارية بكل من إفريقيا وأمريكا اللاتينية، في مسار إرساء المنتدى المقترح، وزاد: "أعتقد أن مستوى الشراكة التي تجمعنا بالمؤسسات التشريعية بإسبانيا قادر على جعلنا نخوض هذا التحدي ونجعل منه فضاء للحوار وتبادل الآراء وصياغة الأجوبة على كل الأسئلة والقضايا التي تطرحها شعوب المنطقتين".