أبرز رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أن إطار المنتدى البرلماني المغربي الإسباني يصل الآن إلى "مرحلة النضج والثقة والتعاقد المثمر، بين أصدقاء يدركون أن التاريخ الجماعي يتأسس بالتراكم، خطوة بخطوة وفكرة بفكرة ولحظة بلحظة"، مضيفا أن هذا "التاريخ تشيده الجماعة بروح جماعية، لكن الأفراد، حين تتوفر فيهم الحكمة والتبصر والموضوعية والواقعية والعقلانية، يحدثون الفارق النوعي، فيرصعون هذا البناء التاريخي بأفعال وإشارات وكلمات، تجعل الجوار الجغرافي جوارا حضاريا، ومن الجغرافية الطبيعة جغرافية ذهنية، ومن التاريخ الكرونولوجي جوارا تاريخيا وإنسانيا، يوشح العلاقات بين الجذور والأهداف". وأضاف أن البرلمانيين المغاربة والإسبان "نجحوا في خلق لحمة جديدة وبناء جسر جديد، ينضاف إلى جسور التاريخ والجغرافيا واللغة والمجتمع، التي ظلت تجمع عاهلينا وبلدينا وشعبينا وحكومتينا"، مطالبا ببذل الجهد من أجل تقوية هذا المنتدى وخلق امتدادات فكرية ودراسية، يمكنها أن تغذيه وتنعشه. ودعا إلى ضرورة الحفاظ على "المؤسسة النموذجية لحوار برلماني إسباني مغربي، مؤسسة بعمق شعبي وشرعية ديمقراطية وبإسناد ملموس من قياديي البلدين"، موضحا أن الدورة الثالثة "تعتبر ضمانة وعنصر طمأنة للعمل المشترك الإسباني المغرب، لأوجه التعاون الثنائي، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، ودعما للأفق الاستراتيجي، الذي نتحدث عنه كلما استحضرنا موقعنا الجيوستارتيجي المتوسطي، الذي يتماس بفضله بلدانا ويتبادلان المنافع المشتركة ماديا ورمزيا". وعبر عن أمله في أن يستثمر برلمانا البلدين موقعهما الجديد على رأس الاتحاد البرلماني الإفريقي لفتح أفق للعمل والحوار مع الدول الإفريقية الصديقة حول القضايا، التي تستأثر بالاهتمام المشترك، مؤكدا أن "جوارنا مع إسبانيا يجعلنا جيرانا أفارقة للقارة الأوروبية، ويمكننا من أن نبذل جهدا مغربيا إسبانيا لنؤسس لحوار أوروبي إفريقي، خصوصا في هذه المرحلة، التي يشهد فيها العالم مخاطر ملموسة على مستوى الظاهرة الإرهابية والجريمة المنظمة العابرة للحدود، فضلا عن الأوبئة والكوارث الطبيعية والقرصنة البحرية وتهريب البشر والمخدرات". من جانبه، دعا محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، إلى استثمار الرصيد الثقافي والحضاري المشترك بين البلدين، موضحا أن هذا الرصيد أصبح مدعو لأن يلعب دوره في تجويد العلاقات المغربية الإسبانية، ويدعم "جهودنا الحثيثة والصادقة لمجابهة تحديات اليوم والغد المختلفة، وعلى رأسها التطرف الديني والإرهاب والجريمة العابرة للقارات، وتقوية اقتصادياتنا وخلق فضاء للرفاه المشترك لأجيال اليوم والمستقبل". من الجانب الإسباني، قال خيسوس بوسادا مورينو، رئيس مجلس النواب الإسباني، إن المنتدى البرلماني المغربي الإسباني يعتبر آلية "أساسية لتعزيز علاقات الصداقة القائمة بين البلدين"، موضحا أن هذا اللقاء تمأسس منذ سنة 2012، وتميز دوما ب"نقاش مباشر وصريح، يؤكد أن المغرب وإسبانيا، اللذين تجمعهما علاقات صداقة، يوليان أولوية للمصالح المشتركة والتعاون الثنائي". وأضاف أن "هناك توافقا بين البلدين" حول جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى المواضيع التقليدية المشتركة، مثل التعاون الاقتصادي والثقافي، سيناقش المشاركون في لقاء الرباط عددا من المواضيع، تكتسي "أولوية وأهمية خاصتين"، مثل السياسات الأمنية، والتنقل، والهجرة.