شهدت قرية رقادة، التابعة لإقليم العرائش، حالة من الاحتقان والغليان لمدة يومين متتاليين هما الجمعة والسبت من نهاية الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن قرر السكان عدم استمرارهم في "العيش في جلباب الصمت" وإسماع صوتهم على الملأ وللجميع. الشرارة الأولى للاحتجاج تعود لل 8 من شتنبر المنصرم عندما قرر المئات من القرويين تنظيم وقفات احتجاج، بالدوار، تلتها بعد ذلك مسيرة شعبية باتجاه الطريق الوطنية بغية المطالبة باسترجاع أراضيهم السلالية.. إذ أن القرويون قرروا نصب الخيام وإنزال نسائهم وأبنائهم إلى الشارع بعد أن خسروا أراضيهم. النساء الغاضبات أحضرن أدوات المطبخ، فيما الشباب تولوا نصب الخيام دلالة على إصرارهم المكوث في الشارع حتى تستجيب السلطات لمطالبهم في استرجاع أراضيهم المنهوبة من لدن المشروع السياحي "ليكسوس"، أو على الأقل تعويضهم بما يعتبرونه "شكلا معقولا".. لكن جواب السلطات الأمنية كان هو إزالة الخيام، مع القمع وتفريق المتظاهرين. المتظاهرون جابوا أنحاء القرية معبرين عن سخطهم من الوضع، كما قاموا بقطع الطريق الرابطة بين العرائش وشاطئ "رأس الرمال"، وهيالمؤدية للقرية السياحية "ليكسوس"، كما رفعوا الأعلام الوطنية وصور الملك محمد السادس ولافتة حملت: "جماعة رقادة السلالية تطالب بحقوقها " زيادة على رفع شعارات من قبيل : "علاش جينا واحتجينا.. أرضنا ترجع لينا" و"الأراضي هرف هرف، والحقوق الله يخلف" و"علاش حنا فقرا،حيت هوما شفارا".. لكن قوى التدخل السريع كانت للجميع بالمرصاد عبر تعزيزات أمنية كبيرة قدمت من المدن المجاورة وقامت بتطويق المتظاهرين لمنعهم، هذه المرة/ من قطع الطريق الوطنية الرابطة بين طنجة والرباط عبر العرائش. السلطات اختارت مرة أخرى اللجوء للمقاربة الأمني الصرفة، فشرعت في ضرب وتفريق المحتجين.. و في هذا الصدد يقول أحد أبناء الدوار "المخزن هو من بدأ بالعنف.. لقد حاول فك الاعتصام بالقوة بعد إصرارنا على عدم مغادرة الشارع، فقامت القوات العمومية بهدم الخيام و تمزيق اللافتات, لكننا لم نتزحزح عن مكاننا، مما أغاض أحد المسؤولين ليعطي الأوامر بالتدخل والشروع في ضرب المعتصمين من نساء وأطفال وشيوخ.. وبدون رحمة". وتقول إحدى النسوة: "لقد أوهمونا أن المشروع يقف وراءه الملك، وأنه يريد أراضينا لكي يقوم بتنمية المنطقة.. لكننا انتظرنا لسنوات دون أن نرى أي تنمية تذكر، فقد أخذوا منا أراضي أجدادنا وآبائنا دون أن نرى أيا من التنمية الموعودة"، في حين صرح أحد الساكنة : " كيف يعقل أن يجبر القرويون على بيع أراضيهم بدرهم واحد للمتر.. في الحين الذي ستباع فيلاَّ واحدة من المشروع السياحي لقاء مقابل ما بين 800 مليون و مليار سنتيم..من الرّابح من هذا التعامل؟". من جهتها أدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع العرائش، ما أسمته ب "الهجوم الممنهج على الأراضي السلالية و الجماعية بإقليم العرائش"، ونددت الجمعية في بيان معمّم وموجّه للرأي العام ب "التعامل القمعي للسلطات الإقليمية مع احتجاجات الساكنة"، مطالبة ب "إطلاق سراح المعتقلين على إثر الأحداث وعلى رأسهم معاد العشيري الذي اعتقل أثناء تلقيه العلاج في المستشفى الإقليمي الأميرة للا مريم، حيث امتنع الكثير من الجرحى، بعضهم كسرت عظامه، عن تلقي العلاج مخافة الاعتقال بعد أن طوق رجال الأمن المستشفى من كل الجهات"، وطالب البيان بتقديم العلاج بدون قيد أو شرط مع تمكين المصابين من التطبيب و الشواهد الطبية التي تثبت عجزهم. وعلى نفس المنوال نددت "اللجنة المحلية للدفاع عن الحق في الأرض"، في كلمة لها نشرت إلكترونيا على الفايسبوك، بالتدخل الأمني المرصود.. مستغربة عن هذا المعطى الذي "حصل في دولة الحق و القانونو حقوق الإنسان والدستور الجديد"، حيث نددت اللجنة أيضا بمن أسمتهم ب "القوى الانتهازية والمتكالبين على حقوق الساكنة". يشار إلى أن المحطة السياحية "ليكسوس"، وهي واحدة من بين ست محطات في إطار "المخطط الأزرق" للنهوض بالسياحة المغربية، كان مبرمجا لها أن تضم وحدات فندقية من صنف 4 و 5 نجوم بطاقة استيعابية إجمالية مقدرة في 12000 سرير، بالإضافة إلى ميناء ترفيهي وملعبي غولف ب 18 حفرة، ومجمعا رياضيا ضخما.. حيث كان من المقرر أيضا أن يناهز حجم الاستثمار الإجمالي لتهيئة المحطة، الذي يمتد على مساحة على 4 ملايين و620 ألف متر مربع، مبلغ 5.6 ملايير درهم، فيما سيضخ المنعشون السياحيين حوالي 3.3 ملايير درهم أخرى. إطلالة سريعة على الموقع الرسمي للمشروع تشير إلى أن الأشغال كان من المفترض أن تنتهي في سنة 2010، لكن شيئا من ذلك لم يتم ، إذ الكثير من المشاريع لم تنجز كما أعلن عنها، لسبب أو لآخر، حسب أقوال السكان المتضررين من الوضع بأكمله.