استمعت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بمدينة مراكش، اليوم الأربعاء، للفتاة القاصر التي تعرضت لمحاولة اغتصاب بجماعة بوشان، بإقليم الرحامنة، رفقة أمها، فيما كلّف نائب الوكيل العام طبيبة نفسية برعايتها من أجل استعادة توازنها النفسي، نظرا لاهتزاز صحتها منذ تعرضها لمحاولة الاغتصاب خلال شهر يناير الماضي. وقال مصطفى لكعيشي، والد الفتاة الضحية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنه لاحظ، رفقة زوجته، تغيّر سلوك ابنتهما طيلة الشهرين الماضيين؛ "إذ أضحت تعاني من أعراض عدة، كالامتناع عن الأكل والشرب، والإحساس بالعياء، وكثرة التفكير، كما أنها لم تعد تجالس أفراد الأسرة كما كانت من قبل". وأضاف المتحدث ذاته أن "أسرته لم تكن على علم بذلك الحادث إلى أن حضر قائد الدرك الملكي بالمركز الترابي بوشان، أمس الثلاثاء، وأخبرها بما وقع وأطلعها على الشريط الذي صور لابنتهما لحظة محاولة اغتصابها"، مطالبا في الوقت ذاته القضاء بإنصافه وابنته، وخاتما تصريحه بالقول: "لو لم نكن في دولة القانون لقمت بأخذ حق ابنتي بيدي". أما فيصل الطهاري، بصفته أخصائيا نفسيا، فقد أشار إلى أن "الأشرطة الموثّقة لحالات العنف عموما تعرف انتشارا واسعا وفي غير محله، لأنه بقدر ما يعرّي ذلك على الواقع، يبقى الواقع أفظع، وما يعيشه الأخصائيون النفسيون مع الحالات التي ترِد عليهم أشدّ فظاعة مما شوهد في الشريط الأخير الذي يُعتبر جزءًا من الحقيقية فقط، نظرا لكون الأرقام التي تتحدّث عن الفتيات المغتصبات بالمغرب كبيرة". وأضاف الطهاري، في تصريح لهسبريس، أن "الآثار النفسية لدى المغتصبات صعبة جدا، لأن الحديث في مثل هذه الوقائع هو حديث عن العنف والاغتصاب والضرب والجرح وغيرها من الأمور"، مشدّدا على أن "نشر وتداول الأشرطة بشكل واسع لا يخدم الضحية وأسرتها، نظرا لكون المجتمع المغربي يميل بطبعه إلى التستر على الفضائح والحيلولة دون انتشارها، فبالأحرى أن يتم نشر شريط بالشكل الذي نتحدث عنه". وأوضح الأخصائي النفسي أن "مثل تلك الأشرطة تعتبر صعبة لدى المتلقي أيضا، حيث يعتري الآباء والأمهات الخوف الشديد، ويتساءلون عن مدى قدرتهم على ترك بناتهم أو أخواتهم أو بنات جيرانهم يتنقلن بين البيت والمدرسة لوحدهن، وهنا تصبح لمثل هذه الوقائع آثار كبيرة على كل المغاربة"، مضيفا أن "ما وصلنا إليه اليوم في مجال الجريمة والاعتداء والعنف أمر شنيع، ومن المفروض أن تتدخل جل المقاربات من أجل الردع". وعن سبل الوقاية والعلاج، قال الطهاري إن "الزجر والمقاربة الأمنية والقانونية الرادعة من شأنهما الحد من هذه الحوادث، لكن ذلك غير كاف؛ إذ المطلوب تبني مقاربات أخرى، خاصة وأن المجتمع المغربي يلاحظ، من خلال كل الوقائع الأخيرة، أننا نعيش أزمة قيم، ونحتاج إلى الرجوع إلى قيمنا وما تربينا عليه من مبادئ تعتبر المرأة في الشارع بمثابة أخت من غير المقبول السماح بتعرّضها للاعتداء، فما بالك بأن تكون أنت الواقف وراء ذلك الاعتداء". وعن تحليله النفسي والاجتماعي للشريط المذكور، قال فيصل الطهاري في ختام تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية: "وأنا أشاهد مقاطعا من ذلك الشريط، رأيت عدّة ظواهر في ظاهرة واحدة، حيث لا يمكن الحديث في هذه الواقعة عن الاغتصاب فقط، لأن الأمر مرتبط بمجموعة من الظواهر التي نتج عنها في النهاية الاغتصاب".