اعتبر سعيد عالة، مدير مسجد ستراسبورغ، الذي كان يتحدث برواق مجلس الجالية المغربية بالخارج في المعرض الدولي للكتاب بالبيضاء، أن الأحداث الإرهابية التي شهدتها كل من باريس وبروكسيل جعلت مسلمي فرنسا وبلجيكا أمام تحد كبير يهم مستقبلهم. وأوضح عالة، في ندوة حول العمل الديني والثقافي بأوروبا، أن أحداث الرعب والإرهاب من شأنها التأثير أساسا على جيل الشباب المسلم في فرنسا وبلجيكا خاصة، في ظل تواجد أرقام مخيفة منهم في أراضي المعارك بسوريا والعراق. وتابع مدير مسجد ستراسبورغ مداخلته بأن هذه الأحداث الإرهابية جعلت مواطني دولتي فرنسا وبلجيكا يطرحون علامات تساؤل كبيرة حول الخطاب الديني الموجه لهم. وعبر المتحدث نفسه عن افتخاره بثقافة التنوع والتعدد والتسامح بين مختلف الديانات بمسجد ستراسبورغ، مشيرا إلى أنه يتميز بالحوارات المتعددة ببن مختلف المؤمنين من جميع الديانات؛ "وهو ما يتجسد من خلال صلاة المسلمين داخل كنائس بسبب حالات إصلاح بعض المساجد، وهي حالات إيجابية جدا تبرز مدى التسامح رغم كيد الكائدين"، وفق تعبيره. وقدم سعيد عالة، في مداخلته، نموذجا حول التآخي والتسامح بالمسجد الكبير لستراسبورغ، الذي أكد أنه "تجسيد حي للتسامح والمواطنة، إذ إنه مفتوح لجميع المواطنين لزيارته والتعبير عن تبادل الرؤى والاعتزاز بروح الاختلاف داخل المجتمع الفرنسي"، وأشار إلى أن الجميع يلج المسجد بالبلد الأوروبي، بينما زوجته تعرضت للمنع من دخول أعرق مسجد بفاس والدول العربية، والذي شيدته فاطمة الفهرية. من جهته، لفت يوسف نويوار، وهو باحث ورئيس جمعية ثقافية في فرنسا، في معرض مداخلته، إلى أن المساجد في فرنسا تسير من طرف جمعيات، وهو ما تنتج عنه بحسبه "علاقة تجاذب ونزاع وطموح نحو امتيازات مرجوة من ترؤس تلك الجمعيات". وأضاف المتحدث نفسه في مداخلته أن معايير اختيار الإمام تختلف من مسجد إلى آخر، وهي مرتبطة بالعلاقات، مشيرا إلى أنها غير مضبوطة ولا تعتمد على الكفاءة الدينية. هذا الأمر، حسب الباحث المغربي المقيم في فرنسا، جعل هم المسلمين في هذا البلد الأوروبي يتحول من "الحصول على قاعات للصلاة لتأدية واجبهم الديني خلال السبعينيات والثمانينيات إلى البحث عن أئمة راسخين في العلوم الشرعية وبتواصل جيد وإلمام بثقافة بلد الإقامة، وبدور تربوي وثقافي من خلال الانخراط في حوار الأديان". وتابع المتحدث نفسه بأن الهم الكبير أمام الجالية المسلمة يتمثل في التوفر على الجودة والحكامة في دور العبادة، مؤكدا أن هذا الأمر "لن يتحقق إلا بتجديد أدوار المسجد في السياق الأوروبي وإعداد دليل خاص للأئمة في فرنسا وجعله رهن إشارة المسؤولين، والتداول الديمقراطي للمسؤولية داخل جمعيات المساجد لتفادي احتكار تسيير المساجد، والابتعاد عن التسيير الأحادي الذي يكبل تحسين صورة المسلمين في الغرب". ودعا نويوار إلى استقطاب الكفاءات التواصلية من المسلمين المقيمين بالخارج، وفسح المجال أيضا للمرأة في تدبير مجال المساجد.