فتح مجلس اوروبا بستراسبورغ امس الاثنين الباب على مصراعيه في وجه ثلة من العلماء والباحثين بالحقل الديني المنتمين للمغرب ولعدد من الأطر المنحدرة من فضاء الاتحاد الأوروبي لبحث مسألة «الاسلام في اوروبا: تكوين الأطر، التربية الدينية وتدريس الفعل الديني» فحول بذلك بمبادرته هاته، التي ينظمها مجلس الجالية المغربية بالخارج بتعاون مع المسجد الكبير بستراسبورغ وتحت رعاية الأمين العام لمجلس أوروبا عاصمة الألزاس إلى فضاء للتعايش والحوار بين الديانات الثلاث. ماعاشته الجلسة الافتتاحية من خلال شهادات لرجال دين ينتمون للاسلام، المسيحية واليهودية أجمعوا على ضرورة بذل مزيد من المجهودات من أجل العيش في عالم تسوده الأخوة بين معتنقي كل الديانات ، والعمل على نشر قيم التعددية والتنوع، أكده ما جاء في الكلمة الافتتاحية لرئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، حين اعتبر أن هذا اللقاء العلمي يكتسي أهمية بالغة في الإطار الاوروبي الذي بدأ يهتم ، خلال العشرية الأخيرة ، بالإسلام بالنظر لما عرفته هذه الديانة من تجدر في عدد من بلدانه من خلال تواجد جالية مسلمة مهمة. وأوضح اليزمي أن من شأن هذا اللقاء أن يكون مناسبة لبلورة مقاربة علمية وشفافة لمسألتي التربية الدينية وتكوين الأطر الدينية وتعزيز مكانتهما في الفضاء الاوروبي ، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الديانات والدول المشكلة له ، وتضبط أيضاً مرجعياته التاريخية والثقافية المتعددة ، وتنفتح على الأجيال الشابة من المسلمين من أبناء المهاجرين. وللإشارة، فإلى جانب معتنقي المسيحية واليهودية في الفضاء الاوروبي يصل مجموع عدد الجالية المسلمة في اوروربا بأكملها إلى حوالي 54 مليون مسلم ومسلمة، من بينهم ما يقارب 16 مليون مسلم ومسلمة من مختلف الجنسيات يعيشون بدول الاتحاد الأوربي إلى جانب معتنقي الإسلام من جنسيات دول الاتحاد الأوربي الذين يتوقع أن تصل نسبتهم حوالي 20 بالمائة من سكان أوربا في أفق سنة 2015 . وفي هذا السياق نبه اليزمي إلى أنه بالرغم من الانتشار الواسع للإسلام كديانة على المستوى العالمي غير أن تدريسه يبقى شأنا مهمشا مشيرا إلى أن هذا الملتقى مناسبة لإيجاد حلول له. من جابنه أشار الأمين العام لمجلس الجالية المغربية في الخارج إلى أن التقارب بين الاسلام والديانتين المسيحية واليهودية بستراسبورغ، كان مصدرا لمساندة قساوسة وأحبار لمطلب المسلمين بناء مسجد بستراسبورغ من خلال توقيعهم على نداء تم اطلاقه من أجل أن تتمع ستراسبورغ بمسجد كبير، وذلك مباشرة بعد تصديق مجلس أوروبا على توصية لدعم التربية والتكوين الديني. إن مدينة ستراسبورغ تعيش وضعا خاصا فقد جعل منها القانون التوافقي الذي تتبناه منذ فترة حكم نابليون ، مدينة لتعايش الحضارات وعنوانا لتسامح الديانات. إن عاصمة الألزاس تضم أزيد من عشرين مسجدامن اشهرها المسجد الكبير بستراسبورغ الذي سيصبح بعد الانتهاء من أشغال بنائه ، من أهم مساجد فرنسا، إلى جانب ثلاثين كنيسة، ثلاثة عشرة معبدا بروتيستانتيا، تسعة معابد يهودية وعشرة معابد بوذية ، الشئ الذي يجعل منها فسيفساء دينيا بامتياز في اوروبا العلمانية. وحسب بوصوف فإن الديانة الاسلامية أصبحت تشكل واقعا دينيا أوروبيا ، لأن جزءا كبيرا من سكان أوروبا ، سواء تعلق الأمر بالأوروبيين الأصليين أو ذوي أصول غير أوروبية ، يعتنقون الاسلام، موضحا ان الاسلام في أوروبا أصبح حقيقة لا يجب استتناؤها من التطور المستقبلي لأوروبا. وأضاف بوصوف أن الحكومات والجمعيات الاوروبية أصبحت أكثر من أي وقت مضى شديدة الاقتناع بهذه الحقيقة التي، يقول، تتطلب اعتماد مقاربة جديدة لمعالجة مسألة الاسلام كديانة أوروبية بالرغم من بعض المواقف التي تعبر عن تحوفها من الاسلام ك «وافد جديد». من جانبها شددت غابرييلا باطياني دراغوني، المديرة العامة للتربية، الثقافة والتراث والشباب والرياضة في مجلس أوروبا، على الحوار بين الشعوب والديانات والثقافات مشيرة إلى النتائج الإيجابية التي حققتها نيوشاتيل، هذه البلدة الصغيرة في سويسرا التي صوت سبعون في المائة من سكانها لصالح بناء الصوامع وهو ثمرة ، تشير دراغوني ، للعمل بمبدأ حوار الثقافات الذي تبناه المجلس الاوربي. هذا وقد تميزت الجلسة الصباحية من الملتقى برصد مسألة التربية على الفعل الديني ووضعية التعليم الديني في منطقة الألزاس لورين والدين في المدارس العمومية الأوربية من خلال تجربة ايطاليا.