يعيش مركز تصفية الدم التابع للمركز الاستشفائي الإقليمي أبي القاسم الزهراوي بمدينة وزان حالة غير مسبوقة تنذر بكارثة في مقبل الأيام، في ظل الخصاص الكبير الذي يعرفه المركز المذكور في الموارد الطبية المختصة وقلة الموارد المالية للجمعية الساهرة على صحة هذه الفئة لتمكينها من حصص الدياليز بمراكز خاصة معدة لهذا الغرض. ويعرف المركز المذكور نقصا حادا في الأطر الطبية المختصة للتعاطي مع مرضى الدياليز، وهي الوضعية التي زادت حدتها عقب استفادة الطبيبة الوحيدة المختصة في أمراض الكلي من عطلة ولادة وغياب معوض لها؛ وهو ما يجعل صحة مرتفقي المركز العمومي على المحك. مصادر متطابقة كشفت، في تصريحات لجريدة هسبريس الإلكترونية، عن تدني الخدمات الصحية المقدمة لمرضى القصور الكلوي، البالغ عددهم أزيد من 48 مريضا، ينحدرون من مختلف الجماعات الترابية بإقليم وزان، مستحضرة في الوقت نفسه مفارقة أزيد من 4 حالات للحياة عقب تدهور وضعها الصحي بفعل غياب المراقبة وغياب إطار طبي مختص يسهر على الرعاية الصحية وأمن المرضى بصفة مستمرة"، على حد قولهم. رحلة شبه يومية من المعاناة تلك التي تخطها أقدام أناس وجدوا أنفسهم مكرهين على تجديد شحنات شرايينهم بدماء جديدة لعلها تخلصهم من عذابات "سيزيفية" أرهقت كاهلهم، في مشهد يلخص معاناة مرضى القصور الكلوي بإقليم وزان. وفي الوقت الذي يستمر المركز الوحيد في استقبال مرضى القصور الكلوي، تلك الفئة التي ربطها القدر بآلات غسيل الكلي للاستفادة من حصص "الدياليز"؛ تغيب تدخلات الجهات الوصية لتعويض الفراغ والنقص الحاصل في الموارد البشرية، إذ تكتفي الأطر التمريضية بربط من تعطلت كلياتهم إلى آلات التصفية. فيما لا يزال آخرون رهناء لائحة انتظار يترقبون فرجا قد يأتي وقد لا يبرز بالمرة. لا يحتاج المرء إلى الإنصات إليهم ليسمع ما يدور في دواخلهم من آهات، قسمات وجوههم تقول كل شيء، وتفصح التجاعيد التي رسمت أخاديد على محياهم عن معاناة قاهرة يرزح تحتَ وطأتها من هو منهم في مقتبل العمر ومن تعدت سنوات عمره سقف الخمسين أو الستين عاما على حد سواء. بالرغم من الاختلاف في الأسماء والأعمار، فهم شركاء في معاناة يعيشونها مرتين كل أسبوع داخل مركز تصفية الدم، بعد إصابتهم بالمرض المزمن، بوجوه شاحبة يقضي مرضى الدياليز قرابة 5 ساعات مربوطين إلى آلات التصفية بعدما قادهم القدر إلى المواظبة على الحضور قسرا إلى مركز التصفية لغسل الكلي "الفاشلة". المرضى في ارتفاع أسامة الباش، عضو جمعية زينب لمساعدة مرضى القصور الكلوي بإقليم وزان، قال إن بروز التنظيم الجمعوي وخروجه إلى العلن جاء بمبادرة شخصية يقف وراءها خيرة شباب وأطر المدينة، كلل بإحداث مركز يعنى بهذه الشريحة من المجتمع. واستحضر المتحدث ذاته بداية اشتغال الجمعية سنة 2009 التي كانت مقتصرة على دعم تحركات مرضى الكلي إلى مراكز خاصة من خلال توفير دعم مالي يقيهم ذل السؤال، لافتا الانتباه إلى مراسلات وتحركات على المستوى المركزي أسفرت عن إحداث مركز للتصفية يقرب العلاج من مرضى الفشل الكلوي الذين كان عددهم لا يتجاوز 6 مستفيدين آنذاك. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى ارتفاع أعداد مرتفقي المركز الصغير إلى 48 مريضا و10 آخرين بلائحة الانتظار؛ وهو ما حتم ربط اتفاقيات والبحث عن موارد مالية سواء من خلال المجلسين البلدي والإقليمي أو عن طريق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لضمان العلاج المكلف لهذه الفئة التي تعاني من الهشاشة الاجتماعية. ولأن المصائب لا تأتي فرادى، يضيف أسامة، فقد تم حرمان جمعية "زينب" الموكول إليها مهمة تسيير مركز تصفية الدم لمرضى الفشل الكلوي من المنحة المالية التي كان يقدمها المجلس الإقليمي للتنظيم الجمعوي، لتدبير حسن سير اشتغال المرفق العمومي، بناء على قرار وزارة الداخلية يقضي ببطلان الاتفاقية المبرمة لكونها لا تدخل ضمن اختصاصات المجلس الإقليمي، يورد أسامة. وأشار المتحدث إلى أن أداء مستحقات الأعوان ومصاريف التحاليل المخبرية الخارجية إضافة إلى تمكين المرضى من ثمن كازوال سيارة الإسعاف في رحلات البحث عن العلاج أو مساعدتهم على اقتناء أدوية باهظة الثمن يفوق 15 مليون من السنتيمات، مستحضرا في الوقت نفسه توفير الجمعية، عقب انضمامها إلى فيدرالية الجمعيات الناشطة في المجال الصحي، لنصف احتياجات المركز من معدات التصفية أي ما يقارب 62 مليون سنتيم. وطالب المتحدث المذكور الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوضع حد لهذا المشكل"، و"تحسين الخدمات الصحية المقدمة لهؤلاء المرضى الذين يعانون من القصور الكلوي الذي يتطلب عناية مستمرة حفاظاً على حياتهم"، من خلال توفير الأطر الصحية الكافية. كما ناشد رؤساء المجالس الترابية من أجل التعاون وتقديم الدعم المالي، لا سيما أن الأمر يهم عموم المواطنين بالإقليم الجبلي. فوق طاقتك لا تلام في المقابل، أكد مصدر من المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بوزان، في تصريح لهسبريس، أن الوضعية المرصودة خارج عن إرادة مندوبية وزارة الصحة بالإقليم، وتعود بالأساس إلى استفادة طبيبة أمراض الكلي الوحيدة من عطلة ولادة، لافتا الانتباه إلى "احتجاز" طبيب تصفية بمستشفى السمارة الإقليمي بالرغم من استفادته من الحركة الانتقالية دون أن تفلح المراسلات والأسئلة البرلمانية في تسريع التحاقه للعمل بمركز تصفية الدم بوزان. وأشار المصدر المسؤول ذاته إلى "إجراءات مبرمجة للتخفيف من لوائح الانتظار لكي تشتغل الأطر الصحية في ظروف مريحة وتوفر للمرضى ظروفا صحية ملائمة عبر توفير طبيب «dyaliseur» في مقبل الأيام"، على حد قوله.