خلال السنوات الأخيرة ظهرت أفلام سينمائية وسلسلات بوليسية لعب دورها شرطيات مغربيات، من أشهر هذه الأعمال الدرامية الفيلم السينمائي الأخير للمخرج فوزي بنسعيدي "يا له من عالم جميل" تلعب بطولته شرطية المرور نزهة التي تعمل في مدينة الدارالبيضاء، سلسلة أخرى شهدت نجاحا كبيرا وهي "القضية" جسدت دور البطولة شرطية تعمل في الشرطة العلمية، سلسلة "لابريكاد" البوليسية ظهرت فيه شرطية أخرى تلاحق العصابات. هذه الأعمال الدرامية ليست من وحي خيال السينمائيين والمبدعين، بل تجسيد لواقع مغربي، فالنساء ولجن عالم الشرطة منذ خمس سنوات خلت، وكل سنة يرتفع عددهن. "" بداية صعبة أسس الأمن المغربي يوم 16 مايو 1956، جاء ذلك بعد أيام من استقلال المغرب، بعد سنوات ستنشئ الدولة المعهد الملكي للشرطة بمدينة القنيطرة ،في السنوات الأولى كان دور النساء في هذا المعهد وفي الإدارات الجهوية للأمن يقتصر على السكرتارية والتنظيف أو وظائف نسائية صرف، كان قانون الإدارة العامة للأمن الوطني المغربي لا يسمح بولوج المرأة الشرطية، وقد طرأ على هذا القانون تعديل بسيط سنة 1975، لكن دخولها إلى هذا الميدان الحساس ظل غائبا إذ لم يسمح للمرأة بارتداء لباس الشرطة. المرأة الشرطية وكان أكبر تعديل عرفه قانون ولوج معهد الشرطة سنة 2001 إذ أصبح بإمكانهن ارتداء اللباس الخاص بالشرطة في المغرب، خلال تلك السنة دخل أول فوج إلى المعهد الملكي للشرطة. وقد فتح المعهد لأول مرة في وجه النساء يتعلق الأمر بعشرين متدربة. منذ ذلك التاريخ أصبح عدد النساء في كل مسالك الشرطة 1057 شرطية، على سبيل المثال يتكون الفوج الجديد ل2007 من مجموعات المتدربين الذين يتابعون تدريبهم الأساسي بالمعهد الملكي للشرطة حاليا من112 ضابطا للشرطة، ضمنهم16 عنصرا نسويا، و359 مفتشا للشرطة ضمنم44 عنصرا نسويا و2755 حارسا للأمن من بينهم142 عنصرا نسويا. كان لهذا التحول الكبير علاقة بالمتغيرات التي يشهدها المغرب على جميع الأصعدة، فمع نهاية التسعينات كان الملك الراحل الحسن الثاني دشن مشاريع إصلاحية، خاصة في الميدان السياسي، كما دخلت المرأة في عهده إلى الحكومة من خلال إسناد كتابة الدولة مكلفة بالشبيبة والرياضة إلى البطلة العالمية نوال المتوكل وإسناد منصب كتابة الدولة للطاقة إلى الوزيرة الحالية للقطاع أمينة بنخضرا، بالإضافة إلى تعيين زليخة الناصري مستشارة للعاهل المغربي، بعد ذلك شهدت الإصلاحات التي أكلمها ابنه الملك محمد السادس في منح المرأة صلاحيات كبيرة إذ خصص 10 في المائة من مقاعد مجلس النواب للنساء، كما استطاع أن يمرر قانونا للأسرة يمنح للمرأة صلاحيات كبيرة وينصفها بعد سنوات كثيرة من الظلم. وكان آخر الإجراءات التي لجأ إليها الملك تعيين سبع نساء في حكومة عباس الفاسي قبل أسابيع. المغربية تلجأ كل الميادين أمام هذه التغيرات لجأت المرأة إلى كل الميادين منها الشرطة والقضاء، وكان أول فوج من النساء في الشرطة تخرج في العام 2004، لم يتقبل المغاربة في بداية الأمر، لقد تعرضت الشرطيات إلى تحرشات كبيرة "كان الرجال يتحرشون بنا ويرفضون حتى التعامل معنا" تتذكر الشرطية أمينة، ذلك أن سكان المدن الكبرى اعتبروا وجود شرطيات تنظمن السير أمر يمس رجولتهم. إدارة الأمن كانت واعية بذلك، لذا لم تمنح النساء الشرطيات إلا الشوارع الكبيرة وسط مدن الرباطوالدارالبيضاء ومراكش "رغم ذلك تعرضن لكثير من الإهانات" تضيف أمينة. وقد لجأت الإدارة العامة في وقت لاحق إلى إجراء آخر، إذ أرفقت كل امرأة شرطي من الجنس الخشن. مع ولوج النساء إلى مسالك أخرى في الشرطة، والمكانة التي أضحت تتمتع بها المرأة في المجتمع، صارت الآن أكثر احتراما "الوضعية حاليا أحسن بكثير من البداية، المواطنون يتعاملون معنا بشكل لبق واحترام كبير" تقول الضابطة زينب. مدير الموارد البشرية عبد العزيز السامل، سبق أن صرح للصحافة المغربية أنه ورغم صعوبة البداية فإن إقحام المرأة في سلك الشرطة، يدخل في "المشروع الحداثي الديموقراطي من خلال مساواة الرجل والمرأة". وفي هذا السياق أدرجت مواد أخرى في المعهد، بالإضافة إلى مواد علمية، أصبح الشرطة يدرسون حقوق الإنسان والحريات العامة والحكامة الجيدة. يتوفر المغرب على 45 ألف شرطيا، نسبة المرأة بعد أقل من أربع سنوات من دخول أول فوج تصل إلى قرابة 3 في المائة (1057 شرطية). وتتوزع مناصب هؤلاء الشرطيات كما يلي 17 عميدة شرطة 16 ضابط شرطة مركزي 95 ضابطة 2 ضابطة شرطة 125 مفتشة مركزية 501 مفتشة أمن 315 شرطية عادية الشرطيات تطمحن حاليا في المغرب إلى تبوأ مناصب أكثر أهمية كالإشراف على الأمن الإقليمي. هذا الأمر لا يبدو بعيدا بالقياس إلى العمل الذي يثني عليه الكثير الذي تقوم به المرأة الشرطية.