"أنا لست بحاجة لوطن لا يعترف بي"، ولست بحاجة لمنظمات مدنية تطوعية وتضامنية تجعل من إعاقتي وجها لمصالحها،"أنا بحاجة لوطن يضمني ويفتخر بي" فكثيرة هي المندوبيات الوزارية المكلفة بتنسيق ورصد وتقييم السياسات الحكومية الخاصة بالإعاقة، كما هي كثيرة التوصيات الصادرة في هذا الشأن من أجل خلق هيأت وطنية مستقلة تعمل في هذا الإطار الحساس من أجل العمل جنبا إلى جنب مع السياسات العمومية الخاصة بدوي الاحتياجات الخاصة في هذا الإطار... كما كثر الحديث عن الآليات المؤسساتية التي سوف تعمل على تمويل المبادرات الموجهة لتحسين ظروف عيش المواطن المغربي في وضعية إعاقة....كلام كثير قيل في هذا الشأن ، يكاد متتبعها يهرع للقول ماذا بعد هذا قد يطالب به هذا المواطن ...لكن جولة في العاصمة السياسية الرباط. تجعل الخجل يطفوا وجه الحقيقة. ويدمي سيلا من التساؤلات ؟؟؟ من هو المعاق بالمغرب ؟؟ ومن هو المسؤول عن هذا الوضع المزري ؟؟ وأين وضعت صكوك الإتفاقيات التي وضعت على عاتقه التزامات، متصلة بتأهيل الشخص المعاق للاندماج في الحياة العامة، وضمان حقه في التمدرس والصحة والشغل، وتجاوز المقاربة الإحسانية التي ما فتئت الطبقة السياسية تنهجها إزاء التعامل مع الاحتياجات والمطالب المشروعة للمعاق، إلى المقاربة الحقوقية التي تنبني على التدبير الحكيم والمعقلن لمجال الإعاقة؟؟ ألم يحن الوقت للكف عن ربط هذا التهميش بغياب الإمكانيات والحديث بالمقابل عن البدائل والحلول الممكنة والسريعة للإهتمام بهذا الآخر(المواطن المغربي ) في مواجهة مصاعب وحواجز متنوعة، تجرده من كرامته وإنسانيته داخل الأسرة والمجتمع. في هذا الإطار يجب التسجيل أن تعامل النسق القانوني والسياسي الإجتماعي مع وضعية ذوي الإحتياجات الخاصة كان جريئا إلى حد ما، وحضي بأولوية إن نظرنا إليها من حيث كمية النصوص القانونية الوطنية والدولية الموقع عليها من طرف المغرب، لكن السؤال يبقى مدى أجرأتها على مستوى الواقع ؟ ولماذا يوجد ذالك التخاذل من طرف صانعي القرار الإجتماعي والإقتصادي في العمل بتلك النصوص وتفعيلها؟ مع العلم أن معانات تلك الفئة من المواطنين قطعت أشواطا من التحديات والإكرهات التي امتدت إلى عمق نفسياتهم، ومع ذلك ظل التحدي والنضال سمة ذوي الاحتياجات الخاصة، أليس من المنصف اليوم ونحن(أبناء المغرب) أن نلتفت إلى ما خلفه تجاهلنا، وننفض غبار النسيان على عقولنا، وننفي سياسة البطء والإنتظارية المتحكمتان في تدبير أمور الإعاقة في برامجنا الرسمية . فمن الجميل تصفح المتن الدستوري المغربي، حينما نص على أن "الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق"، بغض النظر عن وضعيتها البدنية والصحية، وأيضا حينما يؤكد الدستور على حق المواطن المغربي في الحصول على الشغل والسكن والصحة، وباقي الحقوق التي تعتبر ضرورية لنمو وانبثاق شخصية الكائن البشري..... كما عملت مدونة الشغل في نفس المنحى حينما أسندت حقوقا إيجابية بالنسبة للشخص المعاق، سواء على مستوى فتح باب التشغيل أمامه، أو بتأكيدها على أن الإعاقة لا يمكن أن تكون سببا في الفصل من العمل.، بيد أنها ربطت ذلك بمدى توفر الشخص المعاق على المؤهلات الضرورية لذلك، الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال، ويؤدي إلى تغييب المقاربة الاجتماعية والإنسانية التي يجب أن تنبني عليها المدونة، حين الحديث عن تشغيل الشخص المعاق.... ثم ....لماذا لا يجعل الشخص المعاق متساويا مع الأسوياء في طلب الشغل، وبالتالي تعطيل تفعيل القرار الوزاري المرتبط بتخصيص نسبة قدرها 7% للشخص المعاق...؟؟؟؟ ولماذا لايتم إدماج قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات التنمية المستدامة ذات الصلة”، وإشراكه في تحقيق التنمية الاقتصادية، ومساعدته على الانفتاح والخروج من العزلة التي صنعتها له إعاقته في نظر الآخرين. كذلك أرى وأنا أستمر في جولتي بالشارع الرئيسي بالرباط مصير المعاق منعدما أمام هذا الوضع، وهذه السياسة المنتحرة والعاجزة التي لم تترك له ولباقي الأطر العليا المعطلة من حاملي الدكتوراه، دبلوم الدراسات العليا المعمقة،الماستر،الإجازة…).سوى الارتماء في أحضان الاحتجاجات اليومية أمام مقري البرلمان والوزارة المكلفة بالقطاع .....ليس كبديل...لكن كدليل ثابت على الوطن وعلى أبناء هذا الوطن، أن ذوي الإحتياجات الخاصة ينتمون لهذا الوطن....منتمون وليس معارضون....أبناء وليس غرباء ... *باحثة في تدبير الشأن المحلي بكلية الحقوق طنجة