وقفات واحتجاجات متفرقة شهدتها مدينة جرادة ليلة أمس الأحد، بعد شيوع خبر مفاده بأن السلطات المحلية تريد دفن الشابين اللذين توفيا في أحد الآبار العشوائية لاستخراج الفحم "بشكل سري" دون أداء صلاة الجنازة ومراسيمها. والتحق المئات من شباب المدينة والنواحي بعين المكان بعد توصلهم بخبر "الدفن السري" ومحاولة السلطات إقناع أسرة الشقيقين الضحيتين التي تم استدعاؤها إلى مقر عمالة الإقليم من أجل الموافقة على الدفن ليلة أمس الأحد، إلا أن شباب وساكنة وبعض أقارب الشابين أصروا على رفض ذلك واعتصموا أمام المقبرة وأمام مستودع الأموات الذي يتواجد به "شهيدا لقمة العيش". وفي تصريح لهسبريس، قال فريد الماحي، نائب رئيس فرع الجمعية المغربة لحقوق الإنسان بوجدة عضو المكتب الجهوي للجمعية بجهة الشرق، إن وفاة الشابين ضحيتي "بئر الفحم" هي "فقط النقطة التي أفاضت الكأس؛ ذلك أن مدينة جرادة تشهد احتقانا اجتماعيا منذ إغلاق المناجم لضرب الحركة النقابية بدعوى نضوب الفحم الحجري، إلا أن العديد من شباب وساكنة المدينة لا زالت تعمل في استخراج الفحم من الآبار، وهذا ما يكذب ويفند ما قالته الحكومة آنذاك، بالإضافة إلى أنها لم تلتزم بتنفيذ الاتفاقية الاجتماعية والاقتصادية التي كانت ما بين الإطارات النقابية سنة 2008 من أجل إغلاق شركة مفاحم المغرب". وأضاف الفاعل الحقوقي أن مدينة جرادة تعرف مشاكل عدة، خصوصا في ما يتعلق بالمجال البيئي من خلال تقطيع مجموعة من الأشجار بشكل مهول، وتلويث الفرشة المائية، زيادة على التلويث الناتج عن المحطة الحرارية الموجودة بالمدينة؛ مما اعتبره تدميرا للمجال البيئي، مبرزا "انتشار مجموعة من الأمراض، كضيق التنفس والأمراض السرطانية، منذ بداية استعمال مخلفات النفط والفحم الحجري الذي يأتي من بولونيا ومن جنوب افريقيا، بالإضافة إلى انبعاث غازات سامة". الماحي وجه تساؤلا إلى المجلس البلدي للمدينة والمجلس الإقليمي وجهة الشرق قائلا: "أين مدينة جرادة من البرامج التنموية؟"، وطالب ب"فتح حوار جدي وعدم مواصلة سياسة الهروب إلى الأمام والمساهمة في الاحتقان وتأجيج الأوضاع وتصعيدها إلى أمور لا تحمد عقباها". بدوره هشام حماني، ابن المنطقة أحد الفاعلين الجمعوين، قال في تصريح لهسبريس إن "ما يقع ليس وليد اللحظة، خصوصا وأن هناك مفارقة غريبة؛ حيث الدولة تقول بأن استخراج الفحم الحجري غير قانوني في حين نجدها تعطي ترخيصا من أجل ذلك، وهنا يطرح سؤال من يتحمل المسؤولية في غياب شروط السلامة لهؤلاء المواطنين الذين يشتغلون في إخراج الفحم الحجري، مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي تقع فيها مثل هذه الحوادث". وأضاف: "هناك ملفات حساسة كالأمراض المهنية، مثل مرض السيليكوز، وهو مرض تنفسي يصيب الرئتين، الذي أصاب العديد من الساكنة، خصوصا وأن معظم المصابين به لا يتوفرون على تغطية صحية، زيادة عن أمراض كثيرة ناتجة عن ثاني أكسيد الكبريت". وعن مطالب الساكنة الآنية، قال حماني: "مطالب الساكنة مشروعة وعادلة، أولها فتح تحقيق في موت الضحيتين مع معاقبة المسؤولين، ضرورة إيجاد بديل اقتصادي، سواء صناعي أو فلاحي، يحترم شروط السلامة الصحية والبيئية، مع ضرورة إيجاد حل فوري وعاجل لمشكل فواتير الكهرباء الصاروخية، بالإضافة إلى تعويض الضحايا وجبر الضرر بأثر رجعي". وسيعرف اليوم إغلاق مختلف المحلات التجارية والمقاهي لأبوابها، من أجل تعبير الساكنة عن غضبها وتنبيه السلطات المحلية إلى أن الوضع سيستمر في التصعيد في حالة عدم الاستجابة للمطالب المسطرة المذكورة أعلاه.