اختارت جمعية "روافد موسيقية" بمدينة طنجة، بتعاون مع الدكتور شكيب العبادي، الاحتفال بملتقى العبادي في نسخته الحادية عشرة، يومي 22 و23 دجنبر، بعزف نوبة رمل الماية، تحت إشراف الأستاذ الفنان عمر المتيوي. وقد أصبحت "لقاءات العبادي" ضمن الأجندة الثقافية لمدينة طنجة منذ عقد من الزمن. ويهدف هذا الحدث السنوي إلى لحفاظ على الموروث الثقافي الموسيقي عبر جمع هواة طرب الآلة لأداء أجزاء من النوبات التي تستمر لساعات طويلة دون توقف. وقال الفنان عمر المتيوي، رئيس جمعية روافد موسيقية، في تصريح لهسبريس، إن الجمعية تسعى إلى الحفاظ على الموروث الموسيقي الأندلسي المغربي، مشيراً إلى أن الاهتمام ينصب بالدرجة الأولى على موسيقى الآلة، وبالدرجة الثانية على المديح والسماح في المغرب، إضافة إلى الموسيقي الوسيطية التي تربط المغرب وإسبانيا وجنوب أوروبا عموماً. وأشار المتيوي، في التصريح ذاته، إلى أن هذه الاهتمامات كانت وراء تأسيس جمعية "روافد موسيقية" التي تحاول الاشتغال أيضاً في صناعة آلات الموسيقى، وتجميع التراث الموسيقي وكتابته بالنوتات. وأوضح الفنان المتيوي أن هذه السنة سيتم أداء نوبة رمل الماية، وتتضمن أشعاراً ومديحاً في الرسول صلى عليه وسلم بمناسبة عيد المولد النبوي، وسيتم تقديمها بشكل كامل أمام الجمهور خلال يومين، وقد كانت الجمعية قد أدت السنة الماضية نوبة الإصبهان كاملة لمدة ست ساعات. وقال الدكتور شكيب العبادي بخصوص هذه النسخة إن "الاختيار وقع هذه السنة على نوبة رمل الماية لما للمغاربة بها من علاقة خاصة، لأنها نوبة تسكن قلوبنا ووجداننا، وتعلقنا وعشقنا بها ليس له حد، فصَنْعاتُها تستظهر عن ظهر قلب وتردد على ألسنة الصغير والكبير، وحضورها قوي في جميع المناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية". وسيتضمن هذا الحفل، بحسب الجمعية المنظمة، عملاً ضخماً عبارة عن توثيق لجميع الإنشادات والمواويل المغربية الأصيلة المستعلمة في نوبة رمل الماية التي ستقدم لأول مرة على المستوى التوثيقي والفني، مبرزة أن هذا الأمر تطلب جهداً ووقتاً كبيرين من أعضاء الجمعية. وتتميز هذه النوبة بصعوبتها نظراً ل"صنعاتها" الكثيرة التي تتطلب دقة عالية في الحفظ والأداء وطول حيزها الزمني؛ إذ تعتبر أطول نوبة ضمن النوبات الإحدى عشرة. ويقصد بالنوبة تلك التجزيئات من فن الموسيقى الأندلسية، ويصل عدد النوبات حالياً بالمغرب 11 نوبة، وهي تجمع مئات الأشعار وتضم تقسيمات أقل حجماً تسمى ميازين، مفردها ميزان. جدير بالذكر أن مجموعة روافد موسيقية تأسست بطنجة سنة 1994 من قبل الأستاذ عمر المتيوي، وهي تتكون من خيرة العازفين التقليديين المحافظين الذين ينتمون لمدينة طنجة، وتكمن أصالة المجموعة في تمكنها في توجهها نحو المحافظة على التراث الموسيقي الأندلسي المغربي. وقد سعت المجموعة إلى المحافظة على التراث السمعي الشفوي كما عهد به أداءً وتقديماً عند الشيوخ الكبار، وإلى إعادة ترميم آلات موسيقية من أجل إحيائها ونفض غبار النسيان عنها، كما تعبر المجموعة عن رفضها لاستعمال أي آلة دخيلة بنيت على قواعد السلم المعدل الغربي.