قدّمت جمعية روافد موسيقية، مساء أمس الخميس ببرج الحجوي بمدينة طنجة، تجربةً فنّية فريدة من نوعها لعشّاق "طرب الآلة"، تمثّلت في لقاءٍ تعريفي وفنّي لتقديم التجربة الفنية المسمّاة "نوبة الإصبهان". واستطاعت هذه التجربة، التي عرفت تقديم نوبةٍ لطرب الآلة كاملة ومتواصلة دون تجزيء، أو "مكرّطة" حسب "عرف الآليين"، أن تجمع بين الأدب والموسيقى والهندسة الصوتية والإخراج النهائي. وفي مجال الأدب، انبرى الكاتب عبد المجيد السملالي إلى تقديم كتابه "كأس المعاني في شرح مفردات المغاني"، شارحا عددا من المصطلحات التي ترد في أشعار الآلة، إضافة إلى سياقات تاريخية لتطوّر الآلات في هذا النوع من الموسيقى. من جانبه، قدّم الباحث والموسيقي عمر المتيوي، رئيس جمعية روافد موسيقية، شرحاً فنيا لنوبة الإصبهان، التي تجمع عددا ممّا يعرف ب"الميازين" في طرب الآلة، في عرض واحد متواصل يعرف ب"النوبة"، يستمر مدّة 6 ساعات كاملة، وذلك على غرار السيمفونيات العالمية التي تستمرّ لساعات طوال. إلى ذلك، تكفّل شكيب العبادي بعملية تنظيم أوّل حفل لأداء النوبة كاملة في منزله السنة الفارطة، قبل أن يقوم بتوثيقها على أقراص مدمجة على شكل "فيديو" كامل وآخر مختصر، إضافة إلى كتيّب مرفق. هذا المزيج الثلاثي جعل عددا من عشّاق طرب الآلة يبدون إعجابهم بالتجربة، وهو ما أثبته الحضور الكثيف بمقرّ الجمعية ببرج الحجوي، الذي التفّ حول أصحاب العمل الثلاثة للاستماع إلى تفاصيل هذه التجربة الفريدة من نوعها، قبل أن يتم تقديم شذراتٍ من النوبة أمام الحاضرين الذين هاموا مع أداء الفرقة ورددوا معها مقتطفات النوبة التي اختتمت بها السهرة. يذكر أن عمر المتيوي كان قد أشرف على تحضير وتنسيق وتدريب المجموعة الفنية التراثية "روافد موسيقية" أثناء أدائها النوبة لأول مرة في بيت العبادي بتاريخ 26 دجنبر من السنة الفارطة بجميع صنعاتها وتواشيها وإنشاداتها وتخليلاتها. كما أن اختيار نوبة الإصبهان وقع لأنها من الطبوع المؤثرة في نفوس المستمعين، والتي قام بتدوينها المستشرق الإسباني أركاديو دِ لارييا، مستعينا بالباحث ألفريدو البستاني من أجل "نقحرتها" (كتابة لغتها العربية بحروف لاتينية) والمعلم العياشي الوراكلي في أدائها وسردها؛ ليتم نشرها عن معهد الجنرال فرانكو بمدينة تطوان سنة 1956. كما أن المجموعة، بتسيير من الباحث عمر المتيوي، حسب تعريفٍ لها، ترفض الآلات ذات الأصوات المعدلة والثابتة، مثل البيان والآلات الغربية ذات الدساتين من عائلة القيثارة، التي تفرض سلالم موسيقية لا تمت بأي صلة إلى الطبوع المغربية الضاربة في عمق التاريخ.