تحدّث ميمون مصدّق، ضمن الجزء الثاني من الحوار الذي منحه لجريدة "الشروق الجزائرية" بصفته "ديبلوماسيا ومخابراتيا مغربيا سابقا"، عن علاقته بالمغربي المغتال هشام المنداري.. وشرع مصدق في الحديث عن المنداري باعتباره "دخل القصر الملكي بطريقة شيطانية" قبل أن يردف: "هو ابن شهرزاد فشتالي التي كانت متزوجة بموظف ثري.. وزوجها كانت له سوابق قضائية بالمغرب بتهم الاحتيال، وكان له فندق يستعمله في الدعارة.. أمّا هشام المنداري عند اقترابي منه نفى لي كون شهرزاد هي والدته، وأورد بل أن أمه هي فريدة الشرقاوي التي كانت في القصر الملكي ومقربة جدا من الملك الحسن الثاني، وهي التي لعبت دورها في إدخال هشام المنداري للقصر". وعن علاقته بذات المغربي المثير للجدل والمغتال قبل 7 سنوات برصاصة في الرأس وسط مرآب بمالقة الإسبانية، قال مصدق بأن لقاءهما تم بباريس بناء على تكليف من "الدّيستي"، وأورد وفق ما نشره المصدر المذكور: "كانت المهمة تتمثل في التقرب من هشام المنداري واختراق محيطه.. وطبعا وافقت على ذلك بسبب تشبثي بوطني وملكه.. - في ذلك الوقت لم تكن لدي عنه (المنداري) أي فكرة فيما يخص تحركاته بباريس والتي رأيتها تحركات تخريبية وإجرامية ضد البلاد والعباد". كما استرسل ميمون مصدّق: "كان عندي رقم هاتف أحد الأشخاص بالمغرب، وكان على اتصال مع هشام المنداري في إطار تجاري كما أخبرني بذلك عام 1997.. اتصلت به وأعطاني أحد أرقام المحمول الخاصة بالمنداري.. اتصلت به.. كان حذرا ومتشككا.. وما كلمته عن الشخص الذي أعطاني الهاتف، وأيضا أعلمته أنه سبق أن تعرفت على أمه شهرزاد، رد أنها ليست أمه الحقيقية، بل هي امرأة ربته لسنوات في طفولته، ولم أناقشه في الأمر حتى وإن كنت أمتلك معلومات في الموضوع.. أعلمته بأن لي مشاكل كبيرة مع المغرب واعتذرت له لأنه لا يمكن التطرّق لها عبر الهاتف، فأعطاني موعدا في بداية مارس 2003.. التقينا في مقهى جورج الخامس بشونزليزيه باريس.. حدثته عن المشاكل التي أعاني منها، وهذا حتى يطمئنّ إلي ويعرف أنني أنا أيضا ضحية شخصيات نافذة ومسؤولين كبار في المغرب. وقد اهتمّ المنداري كثيرا بقضيتي ووعدني بالمساعدة ماديا ومعنويا، غير أنني رفضت المساعدة المادية وأعلمته أنني سأواصل معركتي القضائية مع الإدارة، وشكرته مسبقا على لطفه وعلى كل ما سيقدّمه.. ما يمكن تسجيله أنه اطمئنّ لي منذ اللحظات الأولى وتعاطف معي أيضا. وقد كان يرافقه في ذلك اللقاء ملحقه الصحفي الذي كان سابقا يعمل في الوظيفة نفسها مع إدريس البصري في منفاه ويدعى واموسى محمد". وقال مصدّق ل "الشروق" بأنه واصل مهمته في المضي قدما بعلاقته مع هشام المنداري، ونسب إليه قوله ضمن الحوار المرصود: "تعدّدت الأحاديث بيننا، وكان دائم الثورة على القصر والملك، وقد كان يتهيّأ حينها لتأسيس جمعية سياسية بإسبانيا من أجل الإطاحة بالنظام الملكي في المغرب.. اغتنمت الفرصة، سواء في تأخر المنداري أو غيابه بالمواعيد التي تجمعنا، وتناقشت مع ملحقه الصحفي الشخصي واموسي محمد.. وعلمت منه أنه رفع دعوى قضائية ضد الجنرال لعنيكري بفرنسا بسبب الاعتداء عليه ودفعه لطلب اللجوء السياسي الذي رفض من طرف السلطات الفرنسية آنذاك.. وروى لي أن والده وعائلته في المغرب ضحية ملاحقات أمنية بسببه.. اغتنمت حالته النفسية ورحت أصارحه ناصحا إياه بأن يبتعد عن المشاكل التي ستورطه أكثر وخاصة مع هشام المنداري وربما تصل الأمور للهلاك.. " وأضاف مصدّق: "بالرغم من عدم اتصالهم بي إلا أنني قمت باتصال هاتفي مع الإدارة.. بلغتهم أن الذراع الأيمن لهشام المنداري قد تم تحسيسه وتجنيده، وأنني تمكنت من تحصيل معلومات مهمة منه.. و- من أهم المعلومات التي بلغني بها واموسي، هي سفرهم إلى بلجيكا ولندن لتجنيد بعض الهاربين من المغرب، وبينهم عسكريون.. كما كشف لي عن معلومة اتصال المنداري بشخصية تجارية بلجيكية مختصة في بيع الأسلحة، وذلك من أجل تنظيم حركات تحريرية مسلحة بالمغرب وخاصة في الشمال.. والذي اتصلت به هو نفسه الشخص الذي حدثني أول مرة وكلفني بالمهمة، وبعدما نقلت له المعلومات أخبرني بأنه سيحولها حرفيا إلى الجنرال لعنيكري، بصفته المكلف المباشر بخلية المنداري والمتكونة من ثلاثة أشخاص ولا يقبل سواهم فيها وهم لطفي السباعي والساسي ورئيسهم نورالدين بن إبراهيم الذي هو حاليا مدير الشؤون العامة بوزارة الداخلية.. وهي المجموعة نفسها التي أخفقت في مهمة التقرب من المنداري". وواصل ميمون مصدّق حديثه للشروق قائلا:"طلبت من الملحق الصحفي واموسي محمد أن يحافظ على مكانته لدى المنداري ويبقى ذراعه اليمنى.. في 24 غشت 2003 توصّلت بمعلومة من واموسي.. المنداري سافر إلى إسبانيا ليلا وبرفقته امرأة من أجل تأسيس إذاعة ضد النظام الملكي.. وفي صباح ذلك اليوم اتصل بي هشام المنداري من إسبانيا ليخبرني أنه اقترب من تنفيذ مخططه ضد الملك محمد السادس.. وقد اتصل بي من يخت وأعلمني أنه بشواطئ مليلية"، كما أعقب ذلك بمواصلته القول: "أشير هنا إلى أنه لما بلّغت الإدارة عن واموسي محمد توقّفت الملاحقات لوالده وعائلته، كما أذكر أيضا أنه في 18 شتنبر 2003 كان لي موعد مع واموسي في مقهى لامارين بمونبارناس في باريس على الساعة ال 11 صباحا، غير أنني فهمت.. أن الإدارة المعنية قد اتصلت بواموسي مباشرة من دون علمي، وسبق أن بلّغت الإدارة في 15 شتنبر 2003 بتطورات المنداري في إسبانيا ولم يخبروني بتواصلهم مع واموسي.. فلم يأت صاحبي للميعاد.. وفي حدود الساعة الثالثة مساء اتصل بي هاتفيا ليعتذر لي على عدم المجيء.. أخبرني أنه لم يقدر على المجيء للموعد ولا على الاتصال بي لأنه كان برفقة الجنرال لعنيكري في شقة بفندق ريتز بساحة فوندوم بباريس.. كانا في ذلك الوقت يطلاّن من الشرفة على عملية إلقاء القبض على هشام المنداري من طرف الأمن الفرنسي في الساعة الواحدة والنصف زوالا.. ففي ذلك الحين خطّط المنداري لعملية احتيال كبيرة على عمر بنجلون.. وهذا الأخير مقرب من القصر الملكي منذ أكثر من ثلاثين عاما..". مصدّق ذكر أيضا، ودائما وفق ذات المصدر الصحفي، بأنه اقترحت أن تتم عملية إدخال المنداري للمغرب بطريقة سرية، بعد استدراجه، لتجرى له محاكمة قد تنتهي بعفو ملكي يلم القضية.. إلا أنه علق على ذلك بالتأكيد على غياب الرد بخصوص مقترحه، وزاد: "ما يوحي أن الجنرال لعنيكري كانت له خطته".. وأضاف: " يعرف عن المنداري أنه سكير وله علاقات كثيرة مع النساء، ويتردد على الكباريهات، فأمر سهل جدا أن يستغل ذلك ويستدرج مثلا إلى سفينة مغربية تنطلق به إلى الرباط، لكن كان شرطي الوحيد كان بأن يحاكم بصفة عادلة، وألاّ يتعرض للإيذاء، وهذا الذي لم يعجب الإدارة في المغرب". وحول اغتيال المنداري بمالقة الإسبانية أفيدت "الشروق" من لدن ميمون مصدّق بقوله: "فهمت من خلال تجربتي مع الإدارة المعنية أنها اكتفت بالعنصر الذهبي واموسي الذي قمت بتجنيده وتدريب.ه. لقد أدركت أن مهمتي قد انتهت ما دام الجنرال لعنيكري صار على اتصال مباشر مع العميل واموسي، واكتفيت بالتواصل مع المنداري قبل اغتياله.."، وأضاف: "توجد فتاة مغربية كان يحبها المنداري جدا، وكان ينوي الزواج منها.. وهي بنت شخصية رياضية بارزة في الدارالبيضاء وتقيم بحي كاليفورنيا الراقي.. ولا أستبعد استغلالها بطريقة استخباراتية في عملية استدراج المنداري إلى مكان اغتياله، حيث سبق أن التقى بها هناك وهي نقطة ضعفه الكبيرة بالرغم من أن له صديقات كثيرات من لبنان والمغرب وغيرهما". واختتم الجزء الثاني من الحوار الذي نشرته "الشروق" الجزائرية، الثلاثاء، بتعليق لمصدّق على اغتيال المنداري وهو يورد: "بناء على الأحداث المتتالية يظهر أن الجنرال العنيكري.. هو المستفيد من الاغتيال بما أن هشام المنداري أكد لي مرارا أنه على علم بخفاياه الكثيرة.. وأرى أنه من بين أسباب رفض خطتي، لإدخال المنداري للمغرب ومحاكمته، أن لعنيكري كان لا يريد كشف أسراره لدى القضاء المغربي، فعلاقاته السرية مع شبكات المنداري مشبوهة للغاية، والمنداري ظل يهدد أنه في حال محاكمته سيكشف كل شيء على مرأى الصحافة".