علي فرزات هو أحد أكبر رسامي الكاريكاتير في العالم، ومن ثم فهو قيمة عالمية لا تمتلكها سوريا ولا العرب وإنما الإنسانية جمعاء. وبما أن الطغمة الحاكمة في سوريا جاهلة جهلاء، ترتع في أمية متخلفة قياسية فإنها لا تعرف قيمة هذا الرسام واسع السمعة، وإن كانت تستطيع إرشاء الكتاب والفنانين ليرقصوا تحت الجزمات ويسبحوا بحمد من اشترى ذممهم فإنها لم تستطع شراء كرامة فرزات. وقد يشهد له التاريخ بأنه لم يكن يهادن الطغاة أبدا، لا في سوريا ولا في العالم، وربما كانت سخريته من الحاكم العربي أقوى إبداعاته على الإطلاق. في أحد رسومات الفنان الكبير علي فرزات، نرى في الصورة الأولى رساما يرسم ديكتاتورا وفي الصورة الثانية، وبعد اكتمال هيئة الديكتاتور تخرج رجله من الصورة لتركل الرسام، في سخرية سوداء من العلاقة القائمة بين الفن والطغاة. فالفن في أرقى صوره يعرف كيف يحرج كل المظاهر السوريالية في الحياة، الفن الذي يحيا إلى الأبد، كفن علي فرزات. حين اعتدى الجهلة على علي فرزات فإنهم قصدوا أصابع يده يكسرونها انتقاما منها، أصابع خمسة بحجم جيش بعتاده وعدته، أمر عجيب حقا أن يخاف الأسد من خمسة أصابع يستطيع افتراسها بأنيابه الطويلة، وللحقيقة نقول أن الأسد أكد انتماءه لحظيرة الحيوانات المفترسة، مع فارق مهم، كون الأسد في الغابة أكثر رزانة وتعقلا وضبطا للنفس. لن يذكر التاريخ الأسد وزبانيته (ليس هو من يحكم سوريا على كل حال وإنما هو واجهة لنظام أعقد وأبعد عن الإدراك)، وسيرمى في مزبلة التاريخ، أما علي فرزات فسيظل علما كبيرا موشوما في ذاكرة البشرية إلى نهاية العالم، ستظل أصابع علي فرزات تقض مضجع الطغاة بسخرية لا تحتملها نفوس الطغاة الأميين حتى وإن اشتروا ملايين الدكتورات.