على طول رقعة هذا الوطن العربي، وعلى امتداد المخاضات التي مر منها إنسانه من أجل التحرر والبقاء والكينونة، نواكب هذا الحراك الذي لم يفتر يوما منذ اشتعل مع أحلام النهضة العربية المؤجلة، من خلال زاوية خاصة: زاوية الكاريكاتور ومبدعيه. في هذه السلسلة ننفتح على تجارب رسامي كاريكاتور عرب سخروا ريشاتهم وفنهم للانخراط في نهضة أمتهم، غير أن حبهم لهذا الوطن لم يكن دائما ليشفع لهم ويكف عنهم الأيدي. فكثير من فناني الكاريكاتور قدموا أرواحهم فداء لريشاتهم وأفكارهم وأحلامهم، لكن الكثير منهم أيضا ألهم القراء والمتابعين وطبع ذاكرة وتاريخ الوطن العربي. في هذه السلسلة نسترجع محطات من حياة هؤلاء وفاء لهم ولفنهم النبيل.. الفنان سوداني الأصل حسن حاكم ، اسم خالد في دنيا الكاريكاتير وعالم الفن، وهو بحق الأب الروحي لكثير من فناني الكاريكاتير بالصحافة العربية. ولد حسن حاكم في قرية «شبا» في شمال السودان، ثم ترَّبى في مصر وترعرع في ربوعها المختلفة، بين مدينة أنشاص الصغيرة ومدينة القاهرة المزدحمة ، ودرس بكلية الفنون الجميلة التي تخرج منها عام 1958. بدايته لفنَّ الكاريكاتير كانت مبكرة. حيث عمل بالصحافة المصرية أثناء فترة الدراسة وأصبحت خطوطه معروفة لكل القراء والمتابعين عبر صفحات جريدة «المساء» المصرية ومجلة «المصور». حصل حاكم على جائزة مصطفى أمين لأحسن رسام كاريكاتير عام 1992. وأثناء المعرض الدولي الذي نظمه اتحاد منظمات الكاريكاتير (فيكو) بمصر عام 1996. حضر رئيس الاتحاد العالمي ونائبه وأمين الصندوق ونحو 15 رساماً كاريكاتورياً من دول أوروبية مختلفة، فوصفه رئيس الاتحاد بأنه يوازي أهرامات مصر وأنه واحد من أحسن رسامي العالم، وطلب منه أن يقبل عضوية الاتحاد الشرفية, وقد كان. يقول حاكم عن فن الكاريكاتير: «إذا كان الرجل يمشي على الأرض فذلك ليس هو الكاريكاتير. يبدأ الكاريكاتير عندما يمشي على الحائط، ورسام الكاريكاتير الجيد هو القادر على رسم أي شيء في الدنيا، لأن مخزونه الذهني والبصري يستوعب آلاف الأشياء». شارك حسن حاكم في العديد من المعارض الدولية، و اعتبره أحد المعارض ببلغاريا واحداً من أفضل ثلاثة رسامين في العالم، كما قام برسم العديد من كتب الأطفال . وعن بداياته الفنية يقول حاكم: «بدأت النشر في مجلة كان اسمها (النداء)، لكن صاحب المجلة لم تعجبه رسومي فتركتها، ويوما كنت أمر من أمام مؤسسة دار الهلال، وكان معي أخي الأكبر عباس، توقفنا وأخذت أتأمل البناية ثم قلت لأخي يومها: «سأدخل هذا المبنى وسأعمل فيه».. كانت مجرد أحلام يقظة لقروي يقف على الرصيف في مدينة كبيرة لا يعرف فيها أي إنسان.. لكن بالفعل حدث ذلك» . توفيَّ حسن حاكم عام 1998 عن 66 عاما، مخلّدا بصمة لا تمحى من ذاكرة الكاريكاتير العربي والعالمي.