الزلزال الذي أحدثه الملك محمد السادس عشية أمس بإعفائه مسؤولين حكوميين ضرب بشكل كبير المقر المركزي لحزب التقدم والاشتراكية؛ وذلك بإعفاء وزيرين من الحزب ليكون بذلك أكبر المتضررين. وأعفى الملك كلا من محمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بصفته وزير السكنى وسياسة المدينة في الحكومة السابقة، والحسين الوردي، وزير الصحة، بصفته وزيرا للصحة في الحكومة السابق. وجاء إعفاء المسؤوليْن الحكومييْن عقب التقرير الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات، عقب التحريات والتحقيقات التي قام بها بخصوص برنامج الحسيمة منارة المتوسط، وأثبت وجود مجموعة من الاختلالات تم تسجيلها في عهد الحكومة السابقة. وأبرز التقرير أن عدة قطاعات وزارية ومؤسسات عمومية لم تف بالتزاماتها في إنجاز المشاريع، وأن الشروحات التي قدمتها لا تبرر التأخر الذي عرفه تنفيذ هذا البرنامج التنموي، مؤكدا عدم وجود حالات غش أو اختلاسات مالية. وتعليقا على ما بعد إعفاء وزراء التقدم والاشتراكية، وتأثير ذلك على الأغلبية الحكومية، قال عبد المنعم لزعر، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن "حزب التقدم والاشتراكية يوجد أمام سؤال جدوى استمراره في الأغلبية البرلمانية والتجربة الحكومية الحالية"، مشيرا إلى أن الإعفاء الملكي وغضبه على عدد من الوزراء المحسوبين على حزبي "الكتاب" و"السنبلة" ليسا مجرد تفعيل معياري للمقتضيات الزجرية الدستورية. ويرى لزعر، في تصريح لهسبريس، أن الإعفاء والغضب الملكيين "مؤشران على نفاد رصيد الثقة الملكية في نوعية معينة من النخب ومنوال معين من تدبير السياسات العمومية"، مشددا على أن "الكرة في مرمى رئيس الحكومة الذي يعود له اختصاص بناء الأغلبية". وأكد المتحدث نفسه أن "طبيعة قراءة مخرجات سلطة الإعفاء الدستوري هي التي ستحدد ما إذا كان رئيس الحكومة سيعتبر الإعفاء بمثابة مؤشر على حتمية تفعيل سلطة الإقصاء السياسي في حق الأحزاب المعنية"، مضيفا: "في المقابل، فإن الاحتفاظ بالأحزاب نفسها هو خيار مكلف للأغلبية". وأشار الباحث في الشأن الحزبي المغربي إلى أن "تدبير هذه الفرضية يخضع لمسطرة التفاوض بين رئيس الحكومة وحزب الاستقلال؛ لذلك يجب انتظار ردود الفعل الحزبية بخصوص مخرجات الإعفاء، ويمكن أن تعلن الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية انسحابهما من الحكومة"، مضيفا: "يمكن أن تكون المبادرة من رئيس الحكومة عمليا في ظل تأثيرات ما سمي بالزلزال التي مازالت في بدايتها".