غابة الشباب، ذلك المتنفس الوحيد الذي تلجأ إليه ساكنة مدينة مكناس لممارسة رياضة الجري، على مساحة تقدر بحوالي 12 كيلومترا، بقلب العاصمة الإسماعيلية، والتي كانت تعتبر في وقت سابق من بين أكبر المساحة الخضراء بالمغرب قبل أن يطالها التهميش وتأتي النار على جزء من أشجارها الشاهقة الشاهدة على حضارة عاصمة المغرب في عهد المولى إسماعيل. وبعدما كان فضاء أخضر ومتنفسا مهما للمدينة ورئتها النابضة بالحياة وملاذا لهواة رياضتي المشي والجري الخفيف، لا يكاد يخلو من المرتادين منذ الفجر حتى المغيب، أصبح هذا المنتجع الذي شهد ميلاد رياضيين مغاربة مثلوا المدينة في محافل وطنية ودولية بيتا للمتشردين ومرتعا للمجرمين الهاربين من العدالة، منتظرين مرور المواطنين الضعفاء لسلبهم ما في جيوبهم. ومع كل هذا النهش، وذاك الترامي، أعربت أمينة، وهي مواطنة من العاصمة الإسماعيلية، عن غضبها من الوضع الذي آلت له الحديقة التي اختارتها منذ سنين خلت لممارسة رياضتها المفضلة، وقالت في تصريح لهسبريس: "بينما كنت أمارس رياضة الجري الخفيف بين أشجار الحديقة الشاهقة أثارني مشهد جذوعها المنكسرة والأزبال التي شوهت مساحتها الخضراء الممتدة على كيلومترات بقلب المدينة، في غياب تام للمجلس البلدي". وتابعت المتصلة حديثها قائلة: "لا يعقل أن تصبح الغابة بهذا الشكل الشاحب المليء بالأزبال، في ظل تأخر البدء بصيانتها، بالرغم من أننا سمعنا أقاويل تفيد بأن مجلس عمالة مكناس وجماعة مكناس ووزارة الداخلية أعطت الانطلاقة لمباشرة أشغال إعادة تهيئة هذا الفضاء اليتيم". وأثار حريق اندلع بالغابة لأسباب مجهولة في يوليوز الماضي استياء الساكنة، إذ تسبب في إتلاف مساحة مهمة من غابة الشباب، والتي كادت تتوسع لولا تدخل شاحنات المطافئ التي تمكنت من إخماد الحريق في وقت وجيز. وسبق لمجلس عمالة مكناس أن أعلن عزمه إعادة تهيئة الغابة؛ وذلك في إطار شراكة بينه وبين وجماعة مكناس ووزارة الداخلية، مؤكدا أنه تم إعطاء الانطلاقة لأشغال تهيئة غابة الشباب على مساحة 12 هكتارا، وبغلاف مالي يتجاوز 30 مليون درهم. وأشار المجلس ذاته إلى أن هذه الأشغال تهم تهيئة ساحة رئيسية وبناء مسرح في الهواء الطلق بمساحة 400 متر مربع، وفضاء للعب الأطفال على مساحة 300 متر مربع، وتهيئة ممرات للراجلين، ومواقف للسيارات على مساحة 7000 متر مربع، وتهيئة ملعب رياضي. كما تهم الأشغال بناء سياج واق للغابة وتهيئة المساحات الخضراء مع أنظمة الري، وأنظمة الإضاءة والأثاث الحضري. وستمتد الأشغال على مدى سنتين لإعطاء رونق وجاذبية جديدة لفضاء حيوي بمكناس، وجعله منتزها حضريا مفتوحا في وجه الساكنة المكناسية، إلا أن "هذه الأشغال تظل إلى حد الساعة مشروعا وهميا في انتظار خروجه إلى أرض الواقع"، حسب ما جاء على لسان المتحدثة في تصريح لهسبريس.