أثارت الاستقالة المفاجئة لإلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، من منصب "قيادة الجرار" العديد من التساؤلات حول مستقبل "البام"، خصوصا أن العماري يعد أحد مهندسي التنظيم السياسي الذي خرج إلى الوجود سنة 2008 من رحم "حركة لكل الديمقراطيين". وبالرغم من أن العماري أكد أنه "سيبقى مناضلا في البام"، والمكتب السياسي للحزب نقل استقالته إلى المجلس الوطني للهيئة ليقول كلمته فيها؛ فإن نزول العماري من قيادة "التراكتور"، في حال ما تمت الموافقة من لدن برلمان الحزب، ستكون لها انعكاسات بالجملة على الحزب الذي اختار المعارضة في مواجهة حكومة سعد الدين العُثماني. عبد الإله السطي، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، قال، في تصريح لهسبريس، إن أي تحليل سياسي لمستقبل حزب الأصالة والمعاصرة يجب أن يتأسس على السياقات والظرفيات التي مر بها الحزب منذ لحظة تأسيسه إلى التطورات الداخلية التي يمر بها حاليا، مضيفا أن "مستقبل حزب الأصالة والمعاصرة يبقى رهينا ببروز معطيين أساسيين؛ أولهما هو التخلص من عقدة التأسيس التي ارتبطت بالحزب منذ نشأته إلى اليوم". وأوضح السطي أن الPAM "لطالما ظل يدعى بحزب السلطة، ووليد ظرفية معينة اتسمت بصعود نجم الإسلاميون، وهذه العقدة لا يمكن تلاشي ملامحها إلا بالتخلص من الوجوه المؤسسة للتجربة خصوصا على مستوى القيادة"، مشددا على أن هذا الأمر "سيعطي الانطباع بأن الحزب يمارس العمل السياسي بعيدا عن أية تبعية لأية جهة كانت، وهو ما من شأنه أن يعطي دفعة جديدة لحضور الحزب داخل المشهد السياسي، سواء في علاقته مع حلفائه من جهة أو مع غرمائه الحاليين من جهة ثانية". الباحث في العلوم السياسية أكد أن "المعطى الثاني يتعلق بمدى جاهزية الحزب على تجديد خطابه السياسي وأطروحته المذهبية والتي سيكون لها وقع آخر من خلال تأكيد الاستقلالية في توجهات الحزب"، منبها إلى أهمية إعادة خندقة موقعه داخل الخريطة الحزبية، سواء من حيث بناء التحالفات أو من حيث موقفه من باقي الفرقاء السياسيين. "كل هذا سيخلق لنا صورة ثانية من الحزب، سواء من حيث البنية المؤسسية أو من حيث الأطروحة السياسية التي يدافع عنها. وهذا ما ستكشف عليه الأيام المقبلة"، يقول المتحدث نفسه الذي أوضح أن "أي توجه في تغيير قيادة الحزب ومستويات خطابه السياسي سيعطي للحزب دينامية جديدة داخل اللعبة السياسية"، مبرزا أنه "سيجعله يحفظ مكانته كلاعب يحتوي على قاعدة انتخابية واسعة ومهمة". وأضاف الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن قوة الحزب "لا يمكن أن تتلاشى بين ليلة وضحاها؛ لكن الرهان هو كيف يمكن الحفاظ على هذه القاعدة واستثمارها من أجل لعب أدوار طلائعية داخل المشهد السياسي المغربي مستقبلا"، مسجلا أن "الاكتفاء بتغيير قائد الحزب يحمل رمزية التأسيس ثم الحكم على مستقبل الحزب بالتلاشي التدريجي، نظرا لغياب الديناميات المحركة لمسارات الحزب وفعاليته الانتخابية".