مَعَ دُنُوّ أجَلِ الانتخابات الجماعيّة الأولى منْ نوعها في ظل دستور 2011، والمزمع إجراؤها يوم 4 شتنبر من السنة الجارية، صعّد رئيسُ الحكومة والأمين العامّ لحزب العدالة والتنمية، القائدِ للتحالف الحكوميِّ الحالي، حدّة هجومه على خصومه السياسيين من قادَة أحزاب المعارضة، وتحْديدا زعيمُ حزب الاستقلال حميد شباط، والقيادي في حزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري. وأبْدى بنكيران، في لقاءٍ مع مستشاري حزب العدالة والتنمية اليوم بالرباط، تمسّكه بالاتهامات التي سبَق أنْ وجّهها قبْل أيام للأمين العام لحزب الاستقلال وعُمدة فاس حميد شباط، بعد أن اتّهمه بمُراكمة الثروات، وقال بنكيران موجّها خطابه لشباط: "نحن نتساءل فقط، وعليْه أن أنْ يُجيبَ من أيْن أتى بالملايير التي يملك، ولماذا أخذها وماذا صنَع بها". وفي المقابل دافعَ بنكيران عن أعضاء حزبه وقال إنّ "أيْديهم ما زالت نظيفة لحدّ الآن"، ومضى قائلا "لمْ يُتّهم أيّ واحدٍ منّا بالاستفادة من شيء غير مشروع، وأتحدّى من كانتْ لديْه أيّ معلومة عن استفادة الوزير الفلاني أو المسؤولي الفلاني المنتمي إلى حزبنا من بقعة أو صفقة غير مشروعة أو أيّ شيء آخر أنْ يُعلنَ عنها، ويكْشفَ ما لديْه للرأي العام". وذهب الأمين العامّ لحزب العدالة والتنمية في تحدّيه لخصومه السياسيين إلى حدّ التهديد بالاستقالة من منصبه كرئيس للحكومة في حالِ ثبُت تورّط قيّادي بحزبه في استغلال منصبه للاستفادة من شيء غيْر مشروع، وقال حينَ حديثه عن الاتهامات الموجهة إلى وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي باقتناء فيلّا بُعيْد تعيينه وزيرا "الخلفي اقتنى فيلّا صغيرة بما ورثه عن أبيه، وأخذ قرضا هو وزجته، وإذا أثبتَ أحدٌ عكسَ ذلك فليْس الخلفي هو من يستقيل، بلْ سأستقيلُ أنا". بمقَابل تحدّيه للأمين العامّ لحزب الاستقلال حميد شباط بالكشف عن ثروته أمام الرأي العامّ وكذا للقيادي في حزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، وفي الوقت الذي يتساءل الرأي العامّ عمّا إنْ كان ذلك يستدعي فتْح تحقيق في الاتهامات الموجّهة للخصميْن البارزيْن لبنكيران، استبْعَد هذا الأخير فتْح أيّ تحقيقٍ قضائي بهذا الشأن، قائلا "لنْ أحرّك المتابعة ضدّ أحد، لأنّ هدفي هو أن يعرف المغاربة ماذا يجري في بلدهم"، وأضاف "إذا فتحْنا باب المتابعات فلنْ يكون لديْنا متّسع للوقت لنشتغل". وردّا على الاتهامات المماثلة التي وجّهها له شباط، بمراكمة الثروة، ومطالبته بالكشف عن مصادرها أمام الرأي العامّ قالَ بنكيران: "عليْه أنْ يُجيبَ هو على الاتهامات الموجّهة إليه، أمّا أنَا فمعروف أنّني ابنُ عائلة للتجار، ولمْ أكوّن ثروتي بنفسي، وقد اخترتُ اختيارا آخر في حياتي، ولا ثروةَ لديّ، بيْنما هو يملك ثروة، وخاصّو يجاوب كيفاش دارْها". وبانفعال غيْرٍ خافٍ شنَّ بنكيران هجوما قويّا على خصمه السياسي الثاني إلياس العُماري، ووصفه ب"المشؤوم المعلوم"؛ ولمْ يتوقّف هجومه إلا بعد أن طالَ قادَة حزب الPAM الذين وصفهم ب"وجوه المافيا المفزعون"، فيما وصفَ حزبَ الأصالة والمعاصرة ب"المصيبة"، ولمْ يستثْن بنكيران من هجومه غير مصطفى باكوري قائلا عنه: "هو صديق، وقد نصحته مرارا أن يبتعد تلك المصيبة، لأنّه أشبه بالمافيا". وعلى الرّغم من وقوفه ضدّ الحَراك الشعبي الذي شهده المغرب في بدايات سنة 2011، إلّا أنّ الأمين العامَّ لحزب العدالة والتنمية نوَّه بدوْر "الربيع العربي" في فكّ كمّاشة التسلط والتحكّم السياسي التي أوْشكت أن تنطبق على المغاربة – بحسب تعبيره- قائلا "في سنة 2009 كانَ هُناك سعي حثيث ليتحكّم (الأصالة والمعاصرة) في الحياة السياسية، وأنْ تصير الأحزاب الأخرى مجرّد بيادقَ متحكّماً فيها، غير أن الربيع العربي أتَى وفضح المؤامرة، وأنقذ المغربَ، ملكا وشعْبا، وانتهى الحزبُ وماتَ سياسيا قبل انتخابات 25 نونبر 2011". ووَاصل بنكيران هجومه على حزب الأصالة والمعاصرة بالقول إنّه "لم يعد فيه إلا الجناح المافيوزي، الذين يحلمون أن يأكلوا من فتات موائد الأحزاب السياسية التي سبقتهم إلى الساحة"، وأضاف "هذا الحزبُ كان يسعى إلى بسْط تحكّمه في المشهد السياسي، وفي رقاب المواطنين المغاربة، والحياة السياسية، وكانَ يرتعدُ منه السياسيون ورجالُ الأعمال طوعا وكرها". على صعيد آخرَ، أعادَ بنكيران التذكيرَ بأنّ حزبه لا يسعى إلى منازعة الملك سلطته، وقال "يجبُ عليْنا أن نتكلم بصراحة ووضوح، نحن لمْ نأتِ لننازع الأمرَ أهله، بلْ أتيْنا لمشاركة الملك في تدبير شؤون البلاد وليس للتنازع معه، عملا بقاعدة "الوفاء للمشروعية والبقاء في مجال النصيحة". وردّا على موقفه من البيْعة، واتهامه بتغيير موقفه حينَ وصوله إلى منصب رئيس الحكومة قال بنكيران "ليس ثمّة أيّ تعارض بيْن موقفي السابق وموقفي الحالي، لسبب بسيط، وهو أنّ جلالة الملك لو أرادَ تغيير طقوس حفل الولاء لغيّرها عن طيب خاطر، وما دامَ ذلك لم يحصل، فليس لدينا أيّ مشكل".