إنه رجل الفضاء الألماني أولريش فالتر، أستاذ في الفيزياء واحد من 11 ألمانيا كانوا في الفضاء حتى الآن. يشرح فالتر، في كتابه "الشيطان يكمن في تفاصيل الثقب الأسود"، رؤيته إلى بعض الأمور الكونية بشكل مفهوم، ولكنه يُطعِّم بعض مواضيع كتابه بالكثير من المعلومات التمهيدية. يسارع الأستاذ الألماني، في الفصل الأول من كتابه، إلى التنبؤ بأن الإنسان سيضع قدميه على المريخ لأول مرة في الثاني من غشت عام 2048، داعيا إلى تذكر هذا التاريخ جيدا. كان فالتر، في أبريل عام 1993، على متن مكوك فضاء كولومبيا، ويحاضر ويبحث منذ عام 2003 في مجال التقنية الفضائية وتقنية الأنظمة. يصف فالتر، في كتابه، كيف تكون الفضاء من العدم، ويشرح نظريات أينشتاين والأدلة الحالية على ذلك، متتبعا قضايا جذرية متعلقة بهذا الأمر، مثل درجة الحرارة في الفضاء والجاذبية والمادة المظلمة والطاقة المظلمة. يشرح المؤلف الألماني السبب وراء دوران أجسام سماوية، وما إذا كان باستطاعة الإنسان حقا أن يسافر من خلال ما يعرف بالثقوب الدودية، وحجم الكون، وما إذا كانت هناك حقا عوالم موازية. أكد فالتر أنه من السخف التام الاعتقاد بأنه سيكون هناك دليل، خلال السنوات العشر المقبلة، على وجود مخلوقات فضائية غريبة عن الأرض، مردفا بالقول: "إن الثقب الأسود في مركز مجرتنا درب التبانة يمتلك كتلة أربع شموس، ولكن المكان الذي يوجد فيه هذا الثقب مضغوط بشكل متناه، وأن هذا هو السبب وراء حقيقة أن هذه الكتلة ليست أبدا كرة هائلة الحجم". كما أوضح أن "الثقب الأسود الذي يمتلك كتل مليارات الشموس له أبعاد رأس إبرة!" يقول الفيزيائي الألماني، في موضع آخر، إن عمر الفضاء يتراجع "وليست هذه مزحة، بل الحقيقة البحتة، وكل ذلك مثبت علميا"، مضيفا: "أنا أيضا أكثر شبابا مما لو لم أسافر في الفضاء، ولكن الفارق لا يتجاوز أجزاء من الميلي ثانية". يشرح فالتر السبب في ضرورة وجود مجرات بعيدة جدا عن الشمس تتحرك مبتعدة عنا بسرعة تفوق سرعة الضوء، "ولكن هناك شيء واضح هو أن الضوء الذي ترسله مثل هذه المجرات باتجاهنا لا يصل إلينا أبدا؛ وذلك لأن على هذا الضوء، وبأسلوب بسيط، أن يسير ضد سرعة أكبر من السرعة التي يسير بها. وهذا هو السبب وراء استحالة مراقبة مثل هذه المجرات، وليس هناك عن هذه المجرات سوى اليقين النظري". يرى البروفيسور الألماني أن قضية درجة الحرارة في الفضاء معقدة؛ وذلك لأن مفهوم "الدفء" يفقد معناه جزئيا هناك بسبب الفراغ في الفضاء، مشيرا إلى أنه السبب في امتلاك كل مجرة في الكون تقريبا ثقبا أسود، ويقول إنه من الواضح أيضا أن "كل نجم وكل كوكب في الكون يصبح مآله يوما ما ثقب أسود". يوما ما، بحسب فالتر، سيتكوّن الكون بشكل أو بآخر من مجرد ثقوب سوداء، مؤكدا أنه يتمنى لو كان هناك سائحون كثيرون يسيحون في الفضاء، ويشاهدون بأعينهم الأرض من الفضاء، عندها يمكن فهم حقيقة أن كوكب الأرض ليس إلا حبة رمل في الكون المترامي، عندئذ سيتولد لدى المشاهد وعي بجمال الأرض وهشاشتها. وأوضح فالتر في كتابه بشكل مفصل السبب وراء اعتباره افتراضا أنه ليس هناك أكثر من 10 آلاف حضارة في مجرتنا، درب التبانة، هو افتراض واقعي، مضيفا: "أنا شخصيا أعتقد أن هذه الحضارات لا تتجاوز حفنة، بل ربما كنا وحدنا في هذه المجرة". وتابع: "مقارنة بحقيقة أن الكون مترامي بشكل لا نهائي، فإن التخمين بأن هناك مخلوقات غير أرضية توجد في مكان ما ربما أصبح يقينا"، مبرزا أن هناك أسبابا جيدة تجعل الإنسان لا يتمنى أن تزور أشكال حياة أجنبية كوكب الأرض، من هذه الأسباب أن هناك احتمالا كبيرا بأن تكون هذه الأشكال تحاول مجرد النجاة بحياتها باحثة عن كوكب يكون بمثابة موطنها الجديد. وزاد البروفيسور الألماني: "عندها لن تكون البشرية سوى عائق أمام هذه المخلوقات في مثل هذا الكوكب الجذاب، وهو ما يعني نهاية حضارتنا في ضوء التقدم التقني الفائق لهذه المخلوقات". وذكر فالتر في كتابه: "كثيرا ما يسألني الناس عما أعتقده بشأن التاريخ الذي سيضع فيه الإنسان لأول مرة قدميه على المريخ". وإجابة البروفيسور الألماني على هذا السؤال هي: "تخميني هو أن هذا التاريخ سيكون الثاني من غشت عام 2048". وبرر المتحدث اختياره هذا التاريخ بالقول إن انطلاق الإنسان من الأرض باتجاه المريخ يحتاج تركيبة بعينها من الظروف المناسبة التي تتعلق بعلاقة الأرض بالمريخ، وهذه الظروف لا تتوفر إلا كل 15 عاما، "ومن المهم جدا بالنسبة للرحلات المأهولة التي يمكن أن يتوقف الأمر فيها على كل كيلوغرام". وأشار عالم الفضاء الألماني إلى أن أول تاريخ مثالي لبدء هذه المهمة هو 18 ماي عام 2018، ثم 30 أبريل عام 2033، وتابع قائلا: "ولكن الانطلاق في 11 أبريل 2048 هو تاريخ أكثر واقعية بكثير من هذين التاريخين، يضاف إلى هذا التاريخ 114 يوم طيران حتى الوصول إلى المريخ، عليكم أن تسجلوا هذا التاريخ". *د.ب.أ