النقوب أو بلدة ال45 قصبة تقع بالنفوذ الترابي لدائرة أكدز بإقليم زاكورة، وتشتهر بقصباتها السياحية ذات الهندسة المعمارية القديمة والأصيلة، يعود تاريخ تأسيسها إلى بداية القرن الماضي. كما أن البلدة تقع في موقع إستراتيجي مهم، يربط جماعات حوض المعيدر بجبال صاغرو بإقليم تنغير. وتتوفر هذه البلدة على مؤهلات سياحية وثقافية وتاريخية مهمة، تشكل رافدا أساسيا للتنمية بالبلدة ونواحيها في حالة استغلالها بالشكل الصحيح. بالرغم من هذه الإمكانات التي تتوفر عليها بلدة النقوب، فإنها تعيش ركودا تنمويا، في جميع المجالات، بفعل قلة الموارد المالية لدى الجماعة الترابية، وغياب رؤية إستراتيجية مستقبلية واضحة لدى القائمين على الشأن المحلي، وانسداد القنوات والآفاق الكفيلة بتحريك القطاعات الوزارية لمدهم بالمساعدة والمساهمة في تصميم وتنزيل برامج تنموية. الصحة تحتضر واقع الصحة بالجماعة الترابية للنقوب بإقليم زاكورة لا يختلف عن باقي الجماعات الأخرى بجميع أقاليم جهة درعة تافيلالت، حيث تفتقر أغلب المراكز الصحية إلى التجهيزات الطبية والأطر الطبية وشبه الطبية. المركز الصحي للنقوب من بين هذه المراكز التي تعاني غياب الطبيب؛ وهو ما يجعل المرضى يتجرعون مرارة التنقل إلى المركز الصحي بتزارين أو إلى المستشفيات الإقليمية بورزازات أو زاكورة، للاستفادة من العلاج. وخلال زيارتنا للمركز الصحي الجماعي، التقت هسبريس بإحدى السيدات التي كانت رفقة ابنتها بباب المركز للاستفادة من بعض خدماته، قالت في حديثها معنا: "كنجيو لهاد سبيطار مكنلقاوش الي اداوينا كنلقاو غير الفرملي الله اكثر خيروا هو الي كيعلجنا إلى قد والى مقد راه كنمشيو لورزازات ولا لدكتور ديال تزارين"، مشيرة إلى أن وزارة الصحة تقوم بإصلاح واجهات البناية من الخارج، وتكرس تلك المقولة "المزوق برا أش خبارك من برا"، وفق تعبيرها. وطالب المتحدثة القائمين على تدبير القطاع الصحي بالإقليم والجهة والمركز بضرورة رد الاعتبار إلى هذه المناطق، التي قاومت الاستعمار وتنتظر دورها من الإنصاف. وسبق لساكنة النقوب ومعها ساكنة باقي الجماعات الترابية المجاورة للبلدة أن حذرت وزارة الصحة من أنها ستقوم بمسيرة جماعية مشيا على الأقدام في اتجاه الرباط في حالة عدم الإسراع في تعيين الأطباء بكل من النقوب وتغبالت وآيت بوداود وأطباء آخرين بالمركز الصحي بتزارين، محملة للوزارة المسؤولية في الوضع الكارثي الذي يعيشه القطاع بسبب غياب إرادة حقيقية في إصلاحه وتوفير التجهيزات والأطر. الصرف الصحي بالرغم من المخاطر التي قد تسببها "المطامر" أو الآبار التقليدية الخاصة بالمياه العادمة بالفرشة المائية، من تلويث للبيئة والمساهمة في انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة والحاملة للأمراض؛ فإن ساكنة النقوب ما زالت تعتمد هذه التقنية في تدبير نفاياتها المنزلية، التي تعد بالمئات، في ظل غياب شبكة الصرف الصحي ومحطة التصفية. "لا شك في أن توفر شبكة الصرف الصحي تعد من مظاهر التحضر والخروج من دائرة البداوة والتخلف".. بهذه العبارة، أجاب إسماعيل، أحد سكان مركز النقوب، عن سؤال طرحته جريدة هسبريس حول غياب هذه الشبكة بالمنطقة، مشيرا إلى أن مركز النقوب أصبح مهددا بالانهيار في أي لحظة، بسبب العدد الكبير للآبار التقليدية المستعملة في التخلص من المياه العادمة، مسترسلا: "كل منزل تتوفر على ثلاث آبار، وهو أقل تقدير"، موضحا أن التربة التي توجد عليها منطقة النقوب من نوع "الصلصال" يمكن لكثرة الماء أن تؤثر عليه. من جهته، قال داود النقوبي، الرئيس السابق للجماعة: "في ولايتنا السابقة، تمكنا من الحصول على خمسين في المائة من التكلفة المالية لإنجاز مشروع الصرف الصحي، من الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة"، مضيفا "هناك شركاء آخرون، وضمنهم المكتب الوطني للماء الصالح للشرب باعتباره المسؤول المباشر على مثل هذه المشاريع؛ غير أن الجماعة، إلى حدود اليوم، تنتظر تمكينها من المبلغ المتبقي لتسريع إنجاز هذا المشروع الذي يعد من بين الضروريات بالجماعة". وطالب المتحدث جميع المتدخلين، من منتخبين وبرلمانيين وسلطات إدارية وإقليمية، بتنسيق الجهود كل من موقعه لإنجاز هذا المشروع الذي قال إنه أصبح من المطالب الملحة للساكنة. كما نبه داود النقوبي إلى ضرورة إحداث مطرح جماعي للنفايات خاص بالجماعات الترابية لحوض المعيدر، للمساهمة في حماية البيئة من التلوث، داعيا جميع رؤساء الجماعات الترابية للحوض المذكور إلى العمل على تأسيس مجموعة الجماعات الخاصة بهذا الحوض لتوحيد الجهود والعمل على تنمية هذه المناطق. السياحة تختفي وتنتظر الإنعاش القطاع السياحي يلعب دورا مهما في التنمية والتعريف بالمناطق، الشيء الذي لم يتم استغلاله بمركز النقوب الذي يتوفر على 45 قصبة سياحية بمواصفات تاريخية فريدة. أزيد من عشر قصبات صالحة للاستقبال السياحي، وأخريات في طور الترميم والإصلاح من أجل تمكين السياح المغاربة والأجانب من اكتشاف المنطقة وما تزخر به من مؤهلات ثقافية وتاريخية وطبيعية. بدوره، يعاني القطاع السياحي بالنقوب ركودا مستمرا وتراجعا ملحوظا، لأسباب أرجعها البعض إلى غياب إرادة "تنموية" لدى القائمين على تدبير الشأن المحلي بالجماعة القروية للنقوب والمندوبية الإقليمية لوزارة السياحة، من أجل التعريف بمؤهلات البلدة، من خلال عرض وصلات إشهارية وخرائط يتم توزيعها بالمجان على السياح أو وضعها بالموانئ والمطارات والمندوبيات الإقليمية والجهوية للسياحة للمساهمة في التعريف بالمنطقة. داود آيت حسو، الذي يمتلك قصبة سماها باسم المنطقة "النقب"، أوضح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السياحة تراجعت بشكل كبير خصوصا في السنوات الأخيرة، مشددا على أن المنطقة في أمسّ الحاجة إلى برنامج خاص للتعريف بها بمختلف المدن المغربية، وإنجاز وصلات إشهارية حولها بالمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية لتشجيع عشاق الثقافة والتاريخ والطبيعة لزيارة المنطقة. بدوره، طالب شكيب بوشناق، ناشط جمعوي بالمنطقة، القطاعات الوزارية المعنية بالسياحة والثقافة بضرورة تخصيص اعتمادات مالية لإعادة ترميم وإصلاح القصبات الأخرى التي ما زالت تقاوم وتنتظر التدخل لإنقاذها من الانهيار، مذكرا بأن هذه القصبات تعتبر مرآة النقوب وتعد مثالا يحتذى به في هذا المجال، وفق تعبيره. مدير المصالح بالجماعة يجيب حسن سغاني، مدير المصالح بالجماعة الترابية للنقوب، أكد أن ساكنة النقوب وآيت ولال تعاني مشاكل غياب الطبيب بالمركز الصحي الجماعي، مشيرا إلى أن المركز الصحي للنقوب كان من بين المراكز المؤهلة على الصعيد الإقليمي، لا سيما من حيث الموارد البشرية؛ ف"قد كان هناك طبيبان، والآن لم نتوفر على واحد، ما جعل المركز يعاني وتتعطل خدماته الصحية، ما دفع الساكنة إلى الخروج والتظاهر أكثر من مرة مطالبة بتعيين طبيب آخر، الشيء الذي استجابت له الجهات المختصة وتم تعيين طبيب والذي استفاد بدوره من هذا الحق، وانتقل وتم تعويضه بطبيب آخر استبشرت بتعيينه الساكنة إلا أنه مؤخرا اجتاز مباراة التخصص وتفوق فيها وبالتالي التحق بمستشفى محمد السادس بمراكش من أجل متابعة الدراسة ونيل شهادة التخصص؛ وهو ما أعاد مركزنا الصحي إلى نقطة الصفر والمعاناة"، يقول المتحدث. وعن التدابير والإجراءات المتخذة لحل هذه الإشكالية، أضاف المتحدث أنه بمجرد تلقيه للخبر سارع رئيس الجماعة إلى مراسلة المندوبية الإقليمية لزاكورة من أجل إنقاذ الوضع وتعيين طبيب آخر. وعن مشروع الصرف الصحي، أكد سغاني، في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، تمت المصادقة على اتفاقية شراكة بين الجماعة ووزارة الداخلية تروم دعم الوزارة لهذا المشروع في حدود 50 في المائة، مشيرا إلى أن الجماعة تترافع الآن من أجل توفير النصف الآخر من التكلفة الإجمالية للمشروع، موضحا أن هناك بعض الشركاء الذين أبدوا موافقتهم من أجل دعم هذا المشروع المهم وننتظر فقط تفعيل هذه الموافقة عبر توقيع اتفاقيات شراكة.