يرى عدد من المتتبعين للشأن العام بجهة درعة تافيلالت أن جماعات حوض المعيدر تعد من ضمن الجماعات الترابية الفقيرة بإقليم زاكورة، كونها لم تنعم بالخيرات والمؤهلات التي تتوفر عليها لاستغلالها في إقلاع تنموي يستجيب لطموحات المواطنين وانتظاراهم، بالإضافة إلى التهميش واللامبالاة اللذين فرضا على هذه المناطق شبه الصحراوية من قبل أصحاب القرار على مستوى المركز. وبسبب المعاناة التي يتكبدها سكان حوض المعيدر يوميا إثر غياب برامج تنموية من شأنها أن تساهم في انتشال المنطقة من قوقعة التهميش، وغياب فرص الشغل للشباب، وضعف الخدمات الصحية في بعض الجماعات وغيابها في جماعات أخرى، وغياب مسالك معبدة إلى بعض الدواوير الواقعة وراء الجبال، ارتأت جريدة هسبريس الإلكترونية التقرب من هؤلاء السكان لنقل معاناتهم عسى أن تؤخذ مطالبهم بعين الاعتبار، خصوصا أن العزلة والتهميش يطالان هذه المناطق أينما وليت وجهك. التوسع العمراني وغياب التنمية تفتقر أغلب الجماعات الترابية المنتمية لحوض المعيدر "أيتولال، النقوب، تزارين، ايت بوداود، تغبالت"، البالغ عدد سكنها حوالي 100 ألف نسمة، إلى أدنى متطلبات العيش الكريم، ويتجرع أهلها مرارة الويلات نتيجة ظروف الحياة البدائية التي يعيشونها بسبب البطالة وسوء الأحوال الاجتماعية. حميد الهادي، من ساكنة المنطقة، قال في تصريح لهسبريس: "بالرغم من أن بعض الجماعات الترابية تبذل مجهودات لإقرار التنمية، إلاأن اتساع الرقعة الجغرافية للقرى ومشكل التوسع العمراني الفوضوي يعيقان وتيرة التنمية فيها"، موضحا أن "حالة النمو الديمغرافي وانعدام ضروريات العيش الكريم دفعا السكان إلى الاعتمادعلى الأرض وتربية المواشي، وهو القطاع الذي يعتبر شريان الحياة بهذه المناطق، خصوصا أمام انعدامفرص العمل في المجالات الأخرى". كريمة ايت مسعودي، ناشطة حقوقية بورزازات، تنحدر من أصول جماعة تزارين، ترى أن "في مقدمة المشاكل التي يعاني منها سكان حوض المعيدر بدون استثناء، والتي يبقى حلها ضمن الأولويات، وضعية الطرقات والمسالك المهترئة"، مشيرة إلى أن الموضوع يشكل هاجسا تعيشه الساكنة يوميا، ويتفاقم عند تساقط أولى قطرات الأمطار الموسمية. وقالت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، "على المؤسسات العمومية والمجالس المنتخبة أن تعمل أولا على ربط السكان بطرق معبدة لتسهيل عميلة تنقلهم من دواويرهم إلى المراكز للاستفادة من خدمات إدارية وصحية، وتنزيل المشاريع الاجتماعية ذات الأولوية قصد الاستجابة لجميع المطالب والطموحات"، وفق تعبيرها. تصريح المتحدثة أعلاه أكده نائب رئيس إحدى الجماعات الترابية بحوض المعيدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، موضحا أن حوض المعيدر"يعيش التهميش والإهمال على جميع المستويات، وذلك راجع بالأساس إلى السياسة غير المدروسة التي تنجز بها الجماعات مشاريعها المعدودة على رؤوس الأصابع، بالإضافة إلى غياب دور المؤسسات الإدارية في المراقبة والتوجيه والاقتراح من أجل تنزيل مشاريع يكون لها وقع إيجابي على الساكنة على المديين القريب والبعيد"، وفق تعبيره. الماء والبيئة والبطالة أبرز صالح اغريب، فلاح بمنطقة تغبالت، أن من بين المشاكل التي يعاني منها حوض المعيدر في الوقت الراهن مشكل الماء الشروب، قائلا: "في بعض الأحيان لا يجد السكان ما يروون به عطشهم نظرا إلى الضرر الذي لحق الفرشة المائية نتيجة استنزافها من قبل بعض الفلاحين ببعض الزراعات المستهلكة للماء، وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا أولا لوقف هذه الزراعات، وبناء سدود لإنعاش الفرشة المائية"، وفق تعبيره. من جهة أخرى، تعاني ساكنة جميع الجماعات الترابية بحوض المعيدر من مشكل الصرف الصحي، الذي بسبب غيابه تغرق في مستنقع المياه القذرة التي تتسرب في بعض الأحيان إلى الأزقة والشوارع، وتخلف روائح كريهة وانتشار الحشرات المضرة، وفق إفادة المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس. من جهته، قال لحسن رابح، باحث متخصص في الماء والبيئة، "على القطاعات الوزارية المعنية بالبيئة تقديم الدعم لجماعات حوض المعيدر من أجل إنجاز شبكة الصرف الصحي قصد رفع الغبن عن الساكنة المحلية، ومنع تجمع المياه القذرة على شكل برك متعفنة لتفادي تسجيل بعض الأمراض المعدية"، مشددا على أن "المنطقة في حاجة ماسة إلى إنجاز شبكة الصرف الصحي، أولا لحماية البيئة والفرشة المائية، وثانيا من أجل توفير خدمات ذات الجودة المطلوبة لسياح المنطقة". وأضاف المتحدث ذاته أن "البطالة في صفوف الشباب عرفت ارتفاعا مهولا في السنوات الأخيرة بسبب غياب فرص شغل قارة؛ ما يدفعهم إلى الهجرة القروية للعمل في مجال البناء وحفر الآبار وغيرها من الحرف التي يكسبون من خلالها لقمة عيشهم وأسرهم"، ملتمسا "ضرورة التفكير في إنجاز مشاريع كبرى بالمنطقة توفر فرص الشغل لشريحة كبيرة من الشباب لانتشالهم من البطالة والفقر المدقع الذي يئنون تحت وطأته منذ عقود من الزمن"، وفق تعبيره الأمل في العامل الجديد رغم أن تنزيل البرامج التنموية هو من اختصاصات المجالس المنتخبة، إلا أن ساكنة حوض المعيدر تعلق الأمل على العامل الجديد فؤاد حجي، الذي عينه الملك محمد السادس مؤخرا عاملا على إقليم زاكورة، لكسب رهان تجديد النموذج التنموي للحد من الفواق الاجتماعية والتفاوتات المحلية وتحقيق العدالة الاجتماعية بإقليم زاكورة عموما، وحوض المعيدر بالخصوص. وفي هذا الإطار، لم يخف لحسن اوميمون، فاعل جمعوي، أن ساكنة حوض المعيدر"تنتظر من العامل الجديد الاستجابة لبعض الملفات ذات البعد التنموي والاجتماعي، نظرا إلى حنكته الإدارية وتجربته الواسعة والمهنية في مجموعة من القطاعات، خصوصا قطاع الماء"، مشيرا إلى أن "الساكنة مستعدة لتقديم يد العون للعامل الجديد من أجل النجاح في مبتغاه"، على حد تعبيره. من جهته، أكد محمد فريكس، رئيس جماعة تزارين، أن المنطقة في حاجة إلى مشاريع كبرى من شأنها أن تغير من ملامح المنطقة من حسن إلى أحسن، موضحا أن "ميزانية الجماعات الترابية وحدها لا يمكنها أن تستجيب لانشغالات وإنتظارات المواطنين"، داعيا "كافة القطاعات الوزارية المتدخلة في التنمية إلى ضرورة إعطاء مناطق حوض المعيدر نصيبها من التنمية في جميع المجالات"، وفق تعبيره. وشدد المسؤول الجماعي ذاته، في تصريح لهسبريس، على أن "جميع رؤساء الجماعات الترابية بحوض المعيدر مستعدون للعمل إلى جانب العامل الجديد لإنجاز مشاريع تنموية واقتصادية واجتماعية وغيرها من المشاريع بالمنطقة، وإنجاح جميع المبادرات الهادفة والطموحة".