يعد حوض المعيدر، الذي يشمل جزءا من أراضي إقليم تنغير (جماعة احصيا وجزء من جماعة النيف) وأراضي إقليم زاكورة (جماعات آيت ولال والنقوب وتزارين وأيت بوداود وتغبالت)، من المناطق التي بدأت تعاني من بوادر ظهور أزمة الماء. وتبرز هذه البوادر من خلال النقص الحاصل في الموارد المائية، وتقلص وانخفاض معدل التساقطات المطرية في السنة، مع تسجيل غياب سدود كبرى بالمنطقة التي بإمكانها أن تسهم في إنعاش الفرشة المائية وتخزين مياه الأودية. لحسن رابح، باحث متخصص في قطاعي الماء والبيئة، أوضح أن مشكلة ندرة الماء بحوض المعيدر خصوصا وبمناطق الجنوب الشرقي للمغرب عموما حقيقة معاشة بدأت في التفاقم، مضيفا "هي أزمة معقدة ومتعددة الأسباب" مستبعدا "أن يكون الجفاف وتذبذب التساقط السبب الوحيد في المشكل". واستدرك "أن سوء استغلال الإمكانات المائية المتوفرة من الأسباب القوية لهذه المشكلة التي بدأت تتفاقم من خلال عدم التوازن بين الموارد المائية والاحتياجات المحلية من هذه المادة الحيوية الأساسية، للتنمية المستدامة والمندمجة"، وفق تعبيره. الحل لتجاوز الأزمة بالرغم من بعض المنجزات التي تم نزيلها على أرض الواقع في قطاع الماء بحوض المعيدر، لا يزال هذا القطاع يواجه عدة إكراهات، خصوصا تلك المتمثلة أساسا في انخفاض الواردات المائية وتفاقم حدة الظواهر القصوى نتيجة التغيرات المناخية في مقابل ارتفاع الطلب والاستغلال المفرط للثروة المائية الجوفية وضعف تثمين المياه المعبأة. ومن أجل تجاوز هذه الأزمة على المدى المتوسط والبعيد، يرى حساين أوحساين، فاعل جمعوي بحوض المعيدر، أنه من الضروري بناء سدود كبرى وصغرى على طول الأودية التي تعرف حمولة قياسية أثناء تهاطل الأمطار، مشيرا إلى أنه بدون سدود كبرى وسدود تحويلية وبناء حواجز مائية لا يمكن حل المشكل ويمكن أن يتفاقم مستقبلا. ولفت المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن مجهودات الدولة في ما يخص قطاع الماء على مستوى حوض المعيدر تبقى محدودة وضعيفة، بالرغم من أن ساكنة هذا الحوض والتي تتعدى 150 ألف نسمة، هي الأكثر تضررا من هذه الأزمة خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن "مياه الأودية والشعاب تضيع في صحاري ما بين المغرب والجزائر، ولا يستفيد منها المغرب شيئا إلا الفيضانات والانجرافات"، يقول المتحدث. من جهته، لم يخفِ مسؤول بالجماعة الترابية لتزارين، غير راغب في الكشف عن هويته للعموم، عن أن مناطق حوض المعيدر غير معنية بالمخطط الوطني للماء، موضحا أن ذلك يتجلى في كون الجهات المسؤولة على قطاع الماء لا تعير أي اهتمام لهذه المناطق التي تضررت فرشتها المائية دون التدخل لبناء سدود كبرى تقي المنطقة شر الجفاف، موضحا أن بناء ثلاثة سدود تحويلية بتغبالت والنقوب وآيت ولال لا يمكن حل الأزمة ولا يمكن اعتبارها الحل، وفق تعبيره. وزاد المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "التغيرات المناخية أسهمت في أزمة الماء بالمنطقة؛ لكن العامل البشري أسهم أكثر من ما هو طبيعي"، مبرزا "على الدولة أن تبحث عن حلول لهذه الأزمة عبر بناء سدود ومنع زراعات دخيلة، خصوصا تلك التي تصنف في خانة الأكثر استهلاكا للمياه"، وفق تعبيره. 70 ملم معدل التساقطات المطرية وحسب معطيات رسمية حصلت عليها هسبريس من وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس، فإن معدل التساقطات المطرية بحوض المعيدر لا تتعدى 70 ميليمترا في السنة؛ وهو معدل وصفته الوكالة ذاتها بالضعيف جدا، مقارنة مع مناطق أخرى بالمغرب. وانطلاقا من هذا المعدل السنوي، شدد ميلود اوتمغرات، فلاح بمنطقة اوجيال ضواحي تزارين، على أن الدولة يجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار هذا الرقم والبحث عن حلول آنية وعاجلة لإنقاذ المنطقة من شبح العطش، مبرزا أن ملايين أمتار مكعبة من المياه تضيع كل مرة في الأودية والشعاب وأمام أنظار المسؤولين. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح مقتضب لهسبريس، أنه بالإضافة إلى ضرورة بناء سدود كبرى وتحويلية في مناطق مختلفة من حوض المعيدر يجب أيضا على الجهات المكلفة بقطاع الماء البحث عن أسباب استنزاف الفرشة المائية والتصدي لها، موردا: "أنا فلاح، ورغم ذلك على الدولة أن تتدخل لمنع أي زراعة أو نشاط فلاحي كان سببا في استنزاف الفرشة المائية خصوصا البطيخ"، يضيف المتحدث ذاته. هل تعرضت المنطقة للتهميش؟ يرى لحسن رابح، باحث متخصص في قطاعي الماء والبيئة، أن المنطقة تعاني التهميش على جميع المستويات، موضحا أن بالنسبة إلى قطاع الماء لم تتمكن مناطق حوض المعيدر من الاستفادة من أي مشاريع كبرى والمتمثلة في السدود التي يمكن أن تسهم في إنعاش الفرشة المائية وحماية أراض فلاحية من الانجراف وحماية السكان من الفيضانات، مشددا على أن الوقت حان لإعطاء هذه المناطق نصيبها من المشاريع. وشدد رابح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أنه لو بنيت سدود كبرى أو تحويلية على مجموعة من الأودية لكانت إشكالية الماء التي تعاني منه المنطقة عرفت طريقها إلى الحل، موضحا أن واد تزارين وحده يمكن أن يسهم في حل أزمة الماء بجميع جماعات حوض المعيدر، بالإضافة إلى واد غارت وواد اكفران وواد أم الرمان وتمارغين، مستدركا "أن إرادة الإصلاح هي ما تنقص مسؤولي بعض القطاعات الحيوية بالبلاد"، وفق تعبيره. وذكر المتحدث ذاته أن وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس عليها تنفيذ توجيهات الملك محمد السادس، مبرزا أن الوكالة ما عليها إلا إعداد دراسات حول المواقع التي يمكن أن تحتضن السدود بحوض المعيدر، وفق تعبيره. وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس مسؤول بوكالة الحوض المائي لكير زيز غريس أوضح أن "جهة درعة تافيلالت استفادت، في السنوات الثلاث الأخيرة، من نصيبها من الميزانية الخاصة ببناء السدود على الصعيد الوطني، سواء الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى". وشدد المسؤول ذاته، في اتصال هاتفي بهسبريس، على أن الجهة تتوفر على مجموعة من السدود الكبرى، مضيفا أن ثلاثة سدود أخرى كبرى انطلقت بها الأشغال منذ مدة، وآخر قيد الدراسة، وموضحا أن الأشغال في تقدم، خصوصا بسد واد كير قندوسة، وحقينته تبلغ 220 مليون متر مكعب، وسد تودغى بحقينة 34 مليون متر مكعب، وأيضا سد واد أكدز بزاكورة. ولفت المتحدث إلى أن وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس والوزارة الوصية على قطاع الماء قامتا بإنجاز مخطط مديري للتهيئة المندمجة للموارد المائية على مستوى حوضي المعيدر وغريس، مبرزا أن هذا المخطط في طور التحيين من قبل مصالح الوكالة ومصالح الوزارة الوصية، بتشاور مع جميع المتدخلين، من أجل تشخيص وضعية الماء واقتراح مجموعة من مواقع السدود لتلبية الطلب على الماء على مستوى الأحواض سالفة الذكر. وزاد المتحدث أنه ومن أجل إعطاء دفعة قوية للسياسة المائية ببلادنا ولتعزيز المكتسبات ورفع التحديات المرتبطة بقطاع الماء تم إعداد المخطط الوطني للماء من قبل الوزارة المكلفة بالماء بتشاور تام مع مختلف الفاعلين في قطاع الماء، في إطار اللجنة الدائمة للمجلس الأعلى للماء والمناخ. وأضاف المسؤول ذاته أن هذا المخطط يشكل امتدادا للأهداف والتوجهات والإجراءات المتخذة في إطار الإستراتيجية الوطنية للماء، التي تمت صياغتها على ضوء نتائج وخلاصات المخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للموارد المائية لمختلف الأحواض المائية بالمملكة.