سجلت حالات انضمام مغاربة إلى التنظيمات الإرهابية بمناطق التوتر، خاصة سورياوالعراق، انخفاضا ملحوظا، ما تثبته إحصائيات رسمية، منها التي يقدمها المكتب المركزي للأبحاث القضائية. ورغم أن وتيرة هذا الانضمام سجلت انخفاضا منذ قرابة العامين، إثر المقاربة الاستباقية الأمنية للمملكة، إلا أن عاملا آخر ساهم في ذلك، محددا في الاندحار العسكري ل"داعش"، أبرز تلك التنظيمات. اندحار "داعش" إشارة مهمة بعثها التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية، تهم تناقص أعداد المقاتلين الأجانب المتدفقين إلى العراقوسوريا، من مئات الأشخاص أسبوعيا، إلى ما لا يزيد عن مجموعات صغيرة منهم شهريا، وفق معطيات تؤكد وجود "صراعات بين مختلف الدرجات القيادية" للتنظيم.. "بدؤوا ترك مقاتليهم المحليين ليموتوا ويتعفنوا، حيثما سقطوا، فيما يحظى المقاتلون الأجانب بدفن لائق"، يقول العقيد رايان ديلون، المتحدث باسم التحالف. وكشف التحالف، في لقاء صحافي عقد مساء الخميس الماضي في بغداد، أن ما تبقى من المقاتلين "الدواعش" قليلو الخبرة، "يواصلون ارتكاب أخطاء المبتدئين بتفجير أنفسهم ورفاقهم عن طريق الخطأ أثناء استعداهم للمعارك"؛ فيما لفت العقيد الأمريكي إلى أنه، ومنذ بدء الحرب على "داعش"، تمّ تطهير أكثر من 84 ألف كيلومتر مربع من التنظيم الإرهابي، بها أكثر من 4 ملايين شخص، مع إعادة 2 مليون نازح تقريبا. "قوة استباقية" تراجع أعداد المتوجهين من المغاربة إلى مناطق التوتر لحمل السلاح بجانب تنظيمات جهادية يحيله مراقبون للشأن الأمني أيضا على نقاط القوة التي تتوفر عليها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المغربية، التي تعتمد على خطط استباقية لمراقبة أنشطة المتطرفين وتفكيك خلايا إرهابية تعد في السر لعمليات إرهابية فوق تراب المملكة، فمنذ العام 2002، أي قبيل تفجيرات 16 ماي 2003 الإرهابية بالدار البيضاء، جرى تفكيك 170 خلية إرهابية، فيما تم اعتقال 3137 شخصا في قضايا ذات صلة بالإرهاب، ناهيك عن إحباط 344 مشروع عمل إرهابي كان يستهدف أمن المغاربة. آخر عملية تفكيك أمني لخلية إرهابية في المغرب تمت يوم الخميس من الأسبوع الماضي بمدينة الصويرة، حيث تمكن عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تفكيك مجموعة مكونة من أربعة مغاربة، أعلنوا ولاءهم لتنظيم "داعش"، ضمن عملية أمنية عرفت حجز أسلحة بيضاء وأجهزة إلكترونية، ومخطوط يبايع فيه أعضاء الخلية أمير "داعش"، ويعلنون من خلاله الجهاد بالمغرب تحت مسمى "ولاية الدولة الإسلامية في المغرب الأقصى"؛ فيما خططوا لتنفيذ هجمات إرهابية نوعية ضد منشآت حساسة ومواقع سياحية بمدينة الصويرة. وانخفض عدد الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية بمنطقة سورياوالعراق في يناير 2014، مقابل ارتفاعه في شتنبر 2013، حسب ما جاء على لسان عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي قدر عدد المتواجدين حاليا بسورياوالعراق ب1631 مقاتلا مغربيا، منهم 865 مقاتلون رسميون في صفوف تنظيم "داعش".. أما عدد من قُتلوا في المعارك الطاحنة هناك فبلغ قرابة 558 مغربيا، أغلبهم بسوريا، في وقت سجلت عودة 211 مقاتلا مغربيا إلى المملكة، تتم محاكمتهم بقانون مكافحة الإرهاب. الأرقام تتحدث أيضا عن وجود عدد هائل من النساء والقاصرين المغاربة، ممن يفضلون الالتحاق بمعية المجندين الشباب، إذ يصل عددهم المغربيات ممن التحقن بأزواجهن في مناطق النزاع بسورياوالعراق قرابة 284 سيدة؛ ناهيك عن وجود حوالي 333 قاصرا وطفلا تتراوح أعمارهم ما بين ستة أشهر و17 سنة، فيما سجلت عودة 15 طفلا و52 امرأة إلى المغرب، في السنوات الأخيرة. الموصل والرقة ويعيش تنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف ب"داعش"، الذي أعلن تأسيسه وسيطرته على مناطق شاسعة في سورياالعراق أواخر يونيو من العام 2014، حالة غير مسبوقة من الاندحار العسكري والتراجع على مستوى مناطق سيطرته، بما فيها معقلاه الرقة والموصل، إذ أكد التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن معركة "الموصل"، التي يقودها بجانب القوات العراقية، قاربت على الانتهاء، "رغم أن المعركة النهائية ضد التنظيم الإرهابي مازال أمامها الكثير". ورغم أن "داعش" مازال يسيطر على مدن أخرى في العراق، خاصة في بعض مناطق نينوى وكركوك والأنبار، إلا أن العمليات العسكرية ضد "داعش" سجلت تقدما واضحا؛ فبعد قتال شرس في الموصل بدأ قبل نحو 8 أشهر، تمكنت القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة "داعش" من انتزاع موقع جامع "النوري"، الذي أعلن زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، من على منبره، ما أسماها "دولة الخلافة"، صيف عام 2014، لتوشك على استعادة كامل المدينة التي كانت المعقل الرئيس للتنظيم في العراق. في سوريا، كشف التحالف الدولي أن الرقة، التي يصفها "داعش" ب"عاصمة الخلافة"، تنهار من الداخل والخارج، مسجلا استمرار خسارة التنظيم الإرهابي لأراضيه وانهيار معنوياته، في وقت تمكنت فيه "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة أيضا من التحالف، من تطهير أكثر من 12 كيلومترا مربعا من الأراضي الواقعة داخل وخارج المدينة، بعد 3 أسابيع من بدء عملياتها في الرقة.