في قلب مدينة فاس، وتحديدا جوارَ محطة القطار، أقام مهاجرون قادمون من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء "مُخيّما" منذ حوالي ستّ سنوات، يضمّ بين جنباته خياما صغيرة تأوي عشرات المهاجرين من مختلف الأعمار. في الفضاء الذي أقيم فيه هذا "المخيم"، ثمّة ما يشبه أكواخا تحت الأشجار بنيت ببقايا أثواب وقطع كارطون وبلاستيك، يقيم فيها مهاجرون عزاب من الجنسين، وآخرون رفقة أبنائهم الذين منهم مَن وُلد في هذا المكان. داخلَ هذا المخيم يعيش المهاجرون أوضاعا مزرية وحياة بدائية؛ إذ يُعدّون وجباتهم الغذائية تحت الأشجار في العراء، ويجلبون المياه من عند أصحاب المقاهي، أما المراحيض فهي آخر شيء يمكن أن يحلموا به. بعد الجريمة التي أوْدتْ بحياة حارسِ مبنى تجاري وسط العاصمة العلمية قبل أسابيع، والتي تورّط فيها ثلاثة مهاجرين من الكاميرون، اضطرَّ المهاجرون المقيمون في "المخيم" إلى التزام مخيّمهم، تفاديا للاحتكاك مع سكان المدينة الغاضبين. ويبْدو أن سلطات مدينة فاس تركتْ هامشا من الحريّة للمهاجرين سالفي الذكر، لكنَّ توسّع رقعة "المخيم" الذي أقاموه في قلب فاس يطرح السؤالَ عن كيفية تعامل السلطات معهم في حالِ رغبتْ في إخلال الوعاء العقاري حيث يقطنون، التابع للمكتب الوطني للسكك الحديدية. عبد الرحيم المرابط، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفاس، قالَ، في تصريح لهسبريس، إنَّ سلطات فاس سيكون عليها أن توفّر مأوى للمهاجرين المقيمين في المخيم، في حال أرادت إفراغه، تفاديا لوقوع أيّ ردّ فعل من طرفهم إذا جرى إفراغهم بالقوة. وتُعتبر مدينة فاس من المدن المغربية التي تعيش فيها أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين القادمين من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء، ويتعاطى أغلبهم التسوّل في ملتقيات الطرق لكسب قوت يومهم. وأوضح المرابط أنَّ "المخيّم" الذي أقامه المهاجرون غير النظاميين في قلب فاس يعتبر نقطة عبور بالنسبة إليهم؛ إذ يقضون به ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر في انتظار الانتقال إلى شمال المملكة، أمَلا في نيْل فرصة العبور إلى الضفة الأخرى للمتوسط. وأردف رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنَّ المهاجرين غير النظاميين في فاس بدؤوا يعودون إلى شوارع المدينة، بعد خفوت موجة الغضب التي خلّفها إقدام ثلاثة منهم على قتل حارس المبنى التجاري الواقع غير بعيد عن "مخيّمهم"، وسرقة محلات تجارية. وكان فرْعا الجمعية بفاس وفاس سايس قد أصدرا بيانا عقب الجريمة التي تورط فيها ثلاثة مهاجرين كاميرونيين، وتصاعد موجة العنصرية ضد المهاجرين غير النظاميين، أكدا فيه على أنّ الجريمة كيفما كان نوعها غير مرتبطة بعرق أو لون أو دين أو بلد معين، ودعيا المواطنين إلى التحلي بقيم التسامح والعيش المشترك ونبذ العنصرية تجاه المهاجرين.