لمْ تَن عملية تَفْكِيك واحد من أكبر مخيمات المهاجرين غير النظاميين بالمغرب لتمرّ دون أن تُثيرَ حفيظة مُختلف التَّنْظيمات المُشكِّلة للنَّسِيجِ الحقوقي في البلاد، فقد انتقدتْ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ما اعتبرتْهُ "تعرُّض هؤلاء اللاجئين لمعاملات حاطَّة بالكرامة الإنسانية، وحملات العنصرية الموجَّهة ضدهم، جرَّاء عملية الترحيل". وأوْرَدَت الجمعية الحقوقية أنها قامت بزيارة المخيم عشية تفكيكه، يوم السبت الماضي، ووقفتْ على حالة الرعب والترقب التي عاشها المهاجرون المتواجدون هناك، نتيجة إقدام السلطات، ابتداء من مساء اليوم عينه، على غلق جميع المنافذ المؤدية إليه على طول الشارع من محطة القطار حتى حي الدكارات. وفي تفاصيل الواقعة التي شَهِدَتْها مدينة فاس نهاية الأسبوع المنصرم أوضح التنظيم الحقوقي أن "العملية دفعت ما يزيد عن 100 مهاجر إلى مغادرة المخيم ليلا، وفي الساعات الأولى من صباح يوم الأحد عملت القوات العمومية على غلق المزيد من الطرق المحيطة بمكان تواجده، وقطع حركة السير بمحيط محطة القطار، بهدف ترحيل المهاجرين". ونقلَ أعضاء الجمعية من داخل مُخيم المهاجرين أنَّ تصاعد ألسنة اللهب خلق جوا من الخوف لدى الساكنة المجاورة لمكان تواجد أكواخ اللاجئين، مشيرين إلى أن "بعض المهاجرين صرَّحوا بأنه تم ملء أزيد من 10 حافلات بما يفوق طاقتها الاستيعابية، وتم ترحيلهم جماعيا في ظروف غير إنسانية، ناهيك عما صاحب عملية الترحيل من اعتداءات وإتلاف لأمتعتهم". وفي هذا السياق، قال عبد الفتاح الكريني، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع فاس سايس، إن "الطريقة التي تعاملت بها السلطات بفاس أثناء عملية تفكيك المخيم، وما رافقها من إهانات للمهاجرين، غير مقبولة"، مسجلاً أن "المهاجرين عاشوا حالة رعب، وخاصة النساء". وأضاف الحقوقي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "السلطات لمْ تُراعِ ظروف هؤلاء المهاجرين الذين يَبيتُون في العراءْ ولمْ تعملْ على تجاوزْ نظْرتها الأمنية الضيّقة في تعاملها مع هذه الفئة المُهمَّشة"، مورداً أنه أثناء إخلاء الوعاء العقاري الذي أقيم عليه المخيم تم تسجيل اندلاع حريق جرت السيطرة عليه من طرف أفراد الوقاية المدنية، ومضيفاً أن عملية الإخلاء "لم تشهد إصابات بشرية". وكشف الكريني أن "حوالي 300 مهاجر مستقر في فاس يعيشون ظروفاً صعبة" مشيراً إلى أنهم "يتخذون من العاصمة العلمية منطقة عبور نحو مدن الشمال"، وقال إن بعضهم "رحلوا إلى مدينة بني ملال وآخرون إلى سطات". وطالب الحقوقي ذاته الدولة باحترام تعهداتها والالتزام بمضامين الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالهجرة، والتي صادقت عليها، كما شدد على ضرورة ضمان الشروط التي تحفظ كرامة هؤلاء في نقلهم وإيوائهم في ظروف ملائمة.