يحظى نجوم الرياضة الوطنية بسمعة متميزة وشعبية كبيرة لدى الجماهير، تجعلهم يتوفرون على القدرة لتوعية المواطنين بإشكاليات البيئة، ورهانات التنمية المستدامة. ويوجد في المغرب العديد من الأبطال الذين حققوا إنجازات كبيرة، اكتسبوا من خلالها شهرة واسعة، تمكنهم من إشاعة رسائل ذات مصداقية، تجد لها صدى في أوساط المواطنين حول المحافظة على البيئة والتوعية بمشاكلها. ورسالة المحافظة البيئة التي يكون مصدرها بطل رياضي كبير، من خلال الحملات التثقيفية والتوعوية، يكون لها تأثير سريع، ووقع أكبر في أوساط مختلف الشرائح بالمغرب، مواطنين وهيئات مختلفة (أندية، جامعات وطنية، لجنة وطنية أولمبية، سلطات محلية...). وفي هذا الإطار تحديدا، تحرص البطلة الأولمبية المغربية لمسافة 400 متر حواجز بلوس أنجلس سنة 1984، نوال المتوكل، على الترافع "على نموذج الرياضي المواطن"، القادر على الدفاع بقوة وحماس عن البيئة، لأن ربط صورته بالقيام بمبادرات من هذا النوع سيكون له تأثير عميق، خصوصا في أوساط الشباب والأطفال. وقالت المتوكل إن الرياضي، ذا الشهرة العالمية، يجب عليه الالتزام بالقضية البيئية، وذلك من خلال رعاية ودعم الأنشطة في الفضاءات التي يرتادها الشباب والأطفال بانتظام، مضيفة أن من الواجب عليه أيضا أن يشرح لهذه الفئات العمرية أن الهواء غير النقي، والتلوث، وغياب قنوات الصرف الصحي، والضجيج والضوضاء... إلخ، كلها عوامل سلبية تضر بصحتهم وبالبيئة. وبالتالي فالعلاقة التي تجمع الرياضي بالبيئة تعتبر علاقة حميمية ومتبادلة، لأن البيئة السليمة والصحية تنتج أبطالا من مستوى عال. وأشارت النائبة السابقة لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية إلى أن "البيئة السليمة والصحية" من الطبيعي أن تنتج أبطالا من مستوى عال، بينما البيئة المتدهورة تكون لها انعكاسات سلبية على الرياضة، وتأثير أكبر على الرياضيين. الأمر نفسه أكدته بطلة العالم مرتين في مسافة 400 متر حواجز نزهة بدوان، إذ اعتبرت أن نجوم الرياضة الوطنية يمكنهم الاضطلاع بدور جوهري في توجيه الشباب، لأنهم يعتبرون الأبطال الرياضيين رموزا يحتذى بها ومثلهم الأعلى. وأبرزت رئيسة الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع أنه يجب الاستفادة من السمعة والشعبية التي يحظى بها الرياضي لدى الجمهور المغربي، من أجل التوعية بأهمية المحافظة على البيئة، والانعكاسات السلبية لتلوث الطبيعة، مشيرة إلى أنها تقوم بدورها في الترافع على ضرورة ممارسة رياضية في فضاء سليم وصحي، ومذكرة بأن الطبيعة تشكل البعد الثالث للحركة الأولمبية، بعد الرياضة والثقافة، وبأن العامل البيئي يعتبر أساسيا في اختيار المدن التي تحتضن الألعاب الأولمبية. وأفادت بدوان بأن الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع التي تتشرف برئاستها وضعت الخطوط العريضة لبرنامج رياضي أعطي الأولوية لممارسة الرياضة في طبيعة ملائمة، وبيئة سليمة، من خلال قافلات الجامعة التي حطت الرحال بمجموعة من المدن المغربية. وانطلاقا من كل هذه المعطيات، يجد الرياضي نفسه معنيا بالإشكاليات البيئية، لأنه على علم مسبق بالقيم التي تنشرها الرياضة، كثقافة الاحترام؛ وبالتالي فجميع الرياضيين، وخصوصا ذوو الشهرة الكبيرة، من الواجب عليهم نشر هذه الرسائل، لأن لديهم السمعة التي تمكنهم من القيام بذلك، يبقى فقط التوفر على الإرادة السياسية، وإشراك وسائل الإعلام، والبحث عن الأفكار المناسبة. وختمت السيدة نوال المتوكل حديثها بأن قيمتها المضافة بالنسبة للإشكالية البيئية تتمثل في انخراطها الكلي في المحافظة على مبادئ التنمية المستدامة، من خلال تبني مقاربات تحترم البيئة، تهم على الخصوص الماء، والهواء، وتدبير إعادة تدوير النفايات، والمحافظة على التراث، وإعادة التأهيل الطبيعي، إضافة إلى دفع المسؤولين إلى خلق فضاءات خضراء جديدة مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة التربية، والالتزام بالبعد الإيكولوجي. ويعتبر انخراط الرياضيين بجميع تخصصاتهم في نشر هذه الرسائل من دون شك وسيلة لتوعية وتثقيف المواطنين بالمسائل البيئية. وتضاف مثل هذه الرسائل والمبادرات إلى الأحداث الكبرى التي ينظمها المغرب، كالدورة الثانية والعشرين لقمة الأممالمتحدة لتغيير المناخ؛ وهو ما سيسمح بتأثير أكبر في السياق الحالي. *وكالة المغرب العربي للأنباء