باتت الجزائر في موقف حرج وهي تستقبل الإدانات والردود الدولية والإفريقية الغاضبة مما قامت به من طرد جماعي للمهاجرين المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من ترابها، وإطلاق أوصاف عنصرية في حقهم على لسان مسؤولين جزائريين. وحرّكت هذه التصرفات الجزائرية منظمات دولية وإفريقية، أدانت الجزائر ووصفت طردها للمهاجرين الأفارقة ب"الجريمة البشعة"، مثلما قال المنتدى الإفريقي في أوربا الذي يوجد مقره ببروكسل؛ فيما أجمعت منظمات مدنية أخرى، ضمنها جمعية العمال المغاربيين بفرنسا وائتلاف جاليات إفريقيا جنوب الصحراء بالمغرب، على وصف الخطوة الجزائرية بأنها "ميز عنصري" و"خرق لمبادئ القانون الدولي". وفي تصريحات غريبة، كان فاروق قسنطيني، رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان بالجزائر، قد حذّر من عدم الاحتكاك بالمهاجرين الأفارقة في بلاده، فضلا عن اتهامه لهم بامتهان الدعارة والتسول والنصب والاحتيال والسرقة والشعوذة. ودعا المسؤول الجزائري الدولة الجزائرية إلى أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لردع هؤلاء المهاجرين، "لأن ليس لديهم مستقبل هنا"، وفق تعبيره، الذي طالب إثره الدولة ب"أن تتخذ التدابير اللازمة والعاجلة لوقف الكارثة التي سُلطت علينا". وأثارت تلك التصريحات، التي أدلى بها فاروق قسنطيني في حق المهاجرين والنازحين الأفارقة والتي وصفت بالعنصرية غير المسبوقة، استفزاز العديد من المنظمات الحقوقية، خاصة حينما اتهمهم فيها بنشر الأمراض الفتاكة في المجتمع والسيدا والأمراض الجنسية وسط المواطنين الجزائريين. من جانبها، عبّرت المنظمة الديمقراطية للشغل، التي تعد من أبرز النقابات المغربية التي تؤطر العمال المهاجرين الأفارقة بالمغرب وتدافع عن حقوقهم الإنسانية، عن استغرابها واستهجانها من التصريحات العنصرية الصادرة عن هيئة رسمية لحقوق الإنسان بالجزائر، "المفروض فيها حماية حقوق المهاجرين والحفاظ على كرامتهم". ونبّهت النقابة المغربية، ضمن بلاغ توصلت به هسبريس، إلى خطورة التصريحات الجزائرية، التي قالت إنها "قد تجعل المهاجرين مستقبلا هدفا لخطاب الكراهية وللمضايقات والعنف في المجتمع، وتكرس ثقافة التمييز العنصري ضدّهم"، معتبرة أن التصريحات تأتي" في عز احتفال المجتمع العالمي بيوم حقوق الإنسان (10 دجنبر).. وفي الوقت الذي يستعد فيه المنتظم الدولي للاحتفال باليوم العالمي للمهاجرين، الذي يصادف ل18 من دجنبر من كل سنة". ولفتت المنظمة سالفة الذكر إلى أن الخطوات الجزائرية تجاه المهاجرين الأفارقة خالفت الدلالات التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المفروض أن يضمن "حماية حقوق المهاجرين واللاجئين والنازحين والأشخاص ذوي الإعاقة والمرأة والأطفال"، حيث "تمنع النشاطات الدعائية، التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه، وحظر كل المنظمات والنشاطات واعتبار الاشتراك فيها جريمة يعاقب عليها القانون". إلى ذلك، دعت المنظمة الديمقراطية للشغل إلى ضمان صيانة حقوق المهاجرين، ووضع آليات حقوق الإنسان في صميم سياسة الهجرة واللجوء، "والعمل على نشر الوعي بالإسهامات الإيجابية التي يقدمها المهاجرون في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلدان المضيفة"، بجانب "إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي في إطار سياسة إنسانية مسؤولة". ووجهت النقابة المغربية رسالة إلى منظمات المجتمع المدني والحقوقي الجزائري تدعوها من خلالها إلى حماية حقوق المهاجرين والتضامن الإنساني ومساندة مطالبهم وقضاياهم الإنسانية والاجتماعية العادلة، منبهة من أوضاع المهاجرين الفارين من الظروف المأساويّة "التي يعيشونها جرّاء معاناتهم من الفقر والحروب والتطرّف والتغييرات البيئية وإبراز مستوى إدماجهم وإسهاماتهم في الحياة الاقتصادية في البلد المستقبل".