"الله وحده يعلم بحالي .. لا أستطيع أن أصف لكم شعوري .. أنا عاطل عن العمل ولدي أربعة أطفال، ووجدت نفسي في هذا المأزق"، هكذا تحدث محمد موني وهو يرثي "براكته" التي هدم جزءا منها بنفسه تحت تساقط الأمطار، حين حضرت السلطات وشرعت في هدم "براريك" "كاريان زرابة" بعين السبع في مدينة الدارالبيضاء. موني، وهو يتحدث إلى جريدة هسبريس الإلكترونية أثناء شروع السلطات المحلية في هدم "براريك الكاريان"، اليوم الاثنين، قال وقد غالبته دموعه: "لحسن الحظ وجدت أختي التي رحبت بي وقبلت أن أضع عندها متاعي وأعيش معها لبعض الوقت"، قبل أن يزيد: "لا أعرف ماذا سأعمل في ما بعد، ولا أعرف أين سنستقر بعد هدم براكتنا؟". ولم تمنع التساقطات المطرية التي تهاطلت بغزارة، السلطات المحلية التي كانت معززة بعناصر من القوات العمومية والأعوان، من الشروع في هدم "براريك كاريان زرابة"، الذي يعد من أكبر "الكاريانات" بعد "الكاريان" التاريخي "سنطرال". عدد من سكان "الكاريان" ذاته، الذين تحدثت إليهم هسبريس، عبروا عن رفضهم إفراغ محلاتهم قصد شروع السلطات في عملية الهدم، وأكدوا أن عوزهم وغياب مورد مالي وراء عدم رغبتهم في الانخراط في العملية، رغم تأكيدهم على أملهم في تحسن أحوالهم المعيشية. واستغرب هشام عسرون، في تصريحه لهسبريس، إقدام السلطة المحلية الشروع في عملية هدم "البراريك" في هذا الجو الماطر، ناهيك عن كون حالته العائلية لا تسمح له بالانتقال، خاصة أنه يعيش وأسرته الصغيرة في "براكة" والده الذي لم يستفد من العملية رغم أنه من مواليد "الكاريان". "أعيش مع والدي وأخي، ونحن 11 شخصا في "البراكة"، والآن يريدونني أن أغادرها كي يتم هدمها.. أين سيعيش والدي وإخوتي؟!"، يتابع هشام، قبل أن يضيف: "ابنتي الآن تدرس في السنة الأولى ابتدائي.. كيف ستتأقلم مع مؤسسة أخرى ومع مقررات دراسة أخرى؟". وفي الاتجاه نفسه سار مرزاق تيباري، الذي أكد أنه غير قادر رفقة العديد من الأسر على دفع المبلغ المالي المحدد لكل مستفيد، خاصة أنه عاطل عن العمل، مشددا على كون القرار تزامن مع عودة الأبناء اليوم الاثنين إلى فصولهم الدراسية بعد انتهاء العطلة. ولم تخف ملامح عدد من الوجوه عدم الرغبة في التجاوب مع السلطات، وهي تتابع عملية هدم "براريك" جيرانها، إذ صرخ عبد الواحد وهو يتحدث لهسبريس قائلا: "الله يرحم الحسن الثاني ويجعل البركة في سيدنا، نطلب منه أن ينظر إلى حال الضعفاء". وخاضت السلطات المحلية كما عاينت هسبريس حوارات مع عدد من أصحاب "البراريك" الرافضين مغادرة "المنازل" التي عاشوا فيها لسنوات عديدة، وتمكنت من إقناع البعض، وضمنهم خليل نعيم الذي عبَّر عن رضاه عن العملية، لافتا إلى أنها فرصة مواتية لإبعاد السكان عن الهشاشة، والانتقال إلى سكن لائق. إلى ذلك، أكد مصدر من السلطات المحلية بعين السبع، في تصريح للجريدة، أن العملية تهم 900 "براكة"، تضم 1226 فردا سيتم نقلهم إلى تجزئة الحمد قرب الهراويين، مضيفا أن المستفيدين سيحصلون على بقع مساحتها تصل إلى 86 مترا مربعا. ووصف المصدر نفسه هذه الفرصة ب"الذهبية"، لكون المستفيدين سيتم تنقيلهم داخل تراب الدارالبيضاء، عكس قاطني "الكاريانات" الأخرى التي سيتم هدمها مطلع السنة المقبلة، الذين سيتم، بحسبه، نقلهم خارج المدار الحضري للعاصمة الاقتصادية. وفي سياق متصل، خرجت أسر أربع "كاريانات" بعين السبع أمس الأحد في مسيرة احتجاجية، مطالبة بإعادة الهيكلة على صعيد تراب العمالة، وليس نقلها كما ترغب في ذلك السلطات إلى سيدي حجاج. ودعا عزيز ضمير، المتحدث باسم الساكنة، في اتصال هاتفي مع هسبريس، الجهات المعنية إلى فتح باب الحوار، خاصة أن عملية ترحيل السكان ستكون نتائجها وخيمة على غالبيتهم الذين يشتغلون في مهن مرتبطة بشاطئي "النحلة" و"سعادة"، مؤكدا أنهم "يرفضون التحول إلى حطب نار ويفضلون الاستمرار في احتجاجهم بطرق سلمية".