بعد مقتل البريطاني محمد أموازي، الداعشي الملثم الملقب ب"الجهادي جون" الذي اشتهر بخطابه التحريضي ضد بريطانيا وتنفيذه إعدامات وحشية بالذبح طالت رهائن أجانب، كان لافتا إظهار "داعش" لذباح جديد تبث على لسانه وإعداماته رسائل تحريضية إلى الحكومة الفرنسية، وهذه المرة مع الداعشي المغربي عبد الإله حميش، الملقب بأبي سليمان الفرنسي. وظهر الداعشي المغربي، في آخر إصدار مرئي للتنظيم يحمل عنوان "عليك بهم" من إنتاج "مؤسسة الرقة" ومدته 29 دقيقة، في هيئة شبيهة تماما بتلك التي تميز بها "الجهادي جون" في أشرطته الدموية وفي المنطقة ذاتها، أي الرقة أكبر معاقل "داعش". ارتدى أبو سليمان الفرنسي زيّاً عسكريا مموها ويتأبط مسدسين ناريين، فيما حرص على إخفاء ملامح وجهه بقناع أسود لا يظهر سوى عينيه وسواداً يُشبه الهالات السوداء، كما غطى يديه بقفاز لا يُبدي سوى أطراف أصابعه العليا. الشريط الذي ظهر فيه "أبو سليمان" أظهر لياقة بدنية تحيل إلى سابق ممارسته لفنون القتال، حيث وصفه التنظيم بكونه مُدربا لداعش؛ وهو ما برز من خلال الحركات التي حاول تلقينها الدواعش فيما يشبه حصة تدريبية لطريقة القتل والذبح بالسكين في حق المدنيين في فرنسا، وهو يقول: "هذه الرسالة الموجهة إلى المسلمين الذين ما زالوا في فرنسا.. إذا أقفلوا عليكم باب الهجرة فافتحوا عليهم باب الجهاد"، وفق تعبيره. القيادي الفرنسي ذو الأصول المغربية في "داعش"، والذي سبق له أن التحق مقاتلا في أفغانستان وعاد إلى فرنسا قبل أن يسافر صوب سوريا منضما إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2013 ليتكلف بالتنسيق لاستقطاب مقاتلين من الدول الغربية، سار على نهج سابقه "الجهادي جون" بأن حرض المتطرفين في فرنسا على استهداف المدنيين باسم "الدفاع عن الدين" عبر تنفيذ ما أسماه "هجمات سريعة بأسلحة بيضاء". ووجّه الداعشي المغربي رسالته تلك عبر مقاطع مباشرة ومتسلسلة لإجهازه على ضحية قال إنه "عميل للتحالف الصليبي"، الذي كان مكبل اليدين ومعصب الفم، حيث عمد إلى تلقين داعشي كان يرافقه لأهم الأهداف في الجسم التي يمكن لأي متطرف استهدافها، قبل أن يتوجه إلى استخدام ثلاثة سكاكين مختلفة الحجم، وتوجه ضربات قاتلة إلى الضحية، في مشهد دموي ووحشي، عبر تمزيق يده اليسرى ثم ضرب عنقه فقطع رأسه وهو في وضعية "المصلوب". وتزامن إصدار الشريط الداعشي مع إصدار الولاياتالمتحدةالأمريكية لقرار يضع أبوي سليمان الفرنسي على قائمتها السوداء للإرهاب، بتهمة القيام بعمليات خارجية لفائدة تنظيم "داعش"، بصفته بقيادة الأجانب في التنظيم؛ فيما تشدد الخارجية الأمريكية، في بلاغ لها، على أنها قررت وضع حميش في قائمة الإرهاب، "لقيادته عمليات إرهابية في الخارج، وتورطه في التخطيط للعملية الإرهابية في العاصمة الفرنسية باريس والهجوم الانتحاري في مطار بروكسيل في شهر مارس من العام الحالي". وتشير التحقيقات التي باشرتها واشنطن إلى أن الداعشي الفرنسي من أصول مغربية يقود كتيبة داعشية تدعى "كتيبة طارق ابن زياد"، وتضم 300 مقاتلا في سوريا أغلبهم من الدول الأوروبية. وفيما لم تعلن السلطات الفرنسية بشكل رسمي عن وصولها إلى معلومات تفيد بتخطيط حميش لهجمات باريس في 13 نونبر 2015، تؤكد الولاياتالمتحدة تورطه، باعتباره من حاملي الجنسية الفرنسية القلائل الذين تمكنوا من الوصول إلى مناصب قيادية في "داعش"، فيما تحيل إلى سابق متابعته قضائيا بثلاث سنوات موقوفة التنفيذ بتهمة نقل المخدرات وغرامة قيمتها 48 ألف أورو.