عرف المجال الطبي طفرة نوعية في الآونة الأخيرة، لاسيما بالنسبة لمن يعانون زيادة في الوزن رغم إتباعهم حمية غذائية، وذلك بالنظر لما تسببه السمنة من مشاكل صحية على القلب والشرايين وارتفاع نسبة الكولسترول وغيرها من الأمراض. وتعرف السمنة، بحسب الخبراء، بمؤشر كتلة الجسم IMC) Indice de masse corporelle)، ويتم قياس هذا المؤشر بواسطة علاقة تربط وزن الإنسان (بالكيلوغرام) مقسوم على الطول بالمتر. وبحسب المؤشر ذاته، يتم تصنيف الفرد إلى شخص سليم، أو يعاني زيادة طفيفة في الوزن، أو سمين، أو يعاني سمنة مفرطة أو مرضية إذا كان مؤشر كتلة الجسم يفوق 45. أيمن بوبوح، بصفته طبيبا مختصا في الجراحة العامة، قال إن التدخل الجراحي يبقى حلا مناسبا لمن يعانون من السمنة، مقرا في الوقت نفسه بكون أطباء الولاياتالمتحدةالأمريكية كان لهم السبق في إدماج الجراحة الباطنية في حل مشاكل زيادة الوزن التي تعاني منها شريحة واسعة من المجتمع الأمريكي. وشدد الإطار الطبي على ارتباط السمنة بشكل وثيق بالنظام الغذائي التي يعتمده الفرد والمجتمع، ف"كلما كان المجتمع استهلاكيا يأكل أفراده في كل الأوقات ما اشتهت أنفسهم من أغذية مصنعة ووجبات سريعة، كلما تفشت السمنة وما يرافقها من مضاعفات وأمراض بينهم"، يقول بوبوح. الطبيب السابق بمشفى "إيريس" البلجيكي، وهو المراكم لخبرات بعدة دول من المعمور، أكد أن التدخل الجراحي لعلاج السمنة يكون إما بغرض تطويق المعدة (Anneau gastrique) أو ما يسمى ب"الخاتم" لدى عامة الناس، أو عملية تكميم المعدة (Sleeve Gastrectomy)، أو عملية تجاوز المعدة (Bypass Gastrique). بوبوح قال، ضمن التصريح نفسه، إن اتفاقا مبدئيا يجمع الطبيب الجراح بالمريض يتم خلاله إحاطة المريض بمزايا وظروف كل طريقة من الطرق الثلاث المستعملة في كل حالات السمنة والسمنة المفرطة والسمنة المرضية، مشددا على كون الإضافة الجوهرية والمهمة التي عرفتها جراحة السمنة هي أن كل هذه العمليات أصبحت تجرى بالمنظار الذي يعرف بالتدخل الجراحي المحدود، عكس التسمية الشعبية الرائجة والمعروفة ب"الفتيح بالليزر" رغم عدم استعمال الليزر بتاتا، يؤكد المختص في الجراحة العامة. وعن حيثيات العملية وظروف إجرائها، قال الدكتور أيمن بوبوح إن عملية تطويق المعدة "الخاتم" يتم خلالها وضع حلقة تشبه إلى حد كبير خاتما مصنوعا من السليكون الرخو، وتوضع على مسافة 2 سنتمتر تحت نقطة ملتقى المعدة مع المريء، وتهدف إلى حصر كمية الطعام التي يمكن تناولها عن طريق وضع حلقة قابلة للتعديل حول فتحة المعدة بهدف الشعور بالشبع وتفادي تناول الطعام بشكل مرضي وهستيري. أما عن عملية "تكميم المعدة"، يضيف بوبوح، فيتم خلالها تقليل حجم المعدة إلى حوالي الثلث، عن طريق الاستئصال الجراحي لجزء كبير منها بشكل دائم؛ إذ يصبح بالإمكان الحد من كمية الطعام المتناولة والشعور بالشبع بسرعة. الجراح السابق بالمستشفى الجامعي السويسي بالرباط اعتبر عملية تجاوز المعدة جراحة معقدة أكثر من الجراحات السابقة، وتتطلب مهارة أكثر لإجرائها؛ إذ يتم من خلالها تقسيم المعدة ويوصل القسم العلوي صغير الحجم بالأمعاء الدقيقة، وهكذا يتم تجاوز القسم الأسفل الذي لديه قدرة على الامتصاص من جهاز الهضم. وشرح الأخصائي ذاته مزايا "الفتيح العصري"؛ أي بالمنظار، بأنه يتم عبر إحداث أربع أو خمس ثقوب صغيرة على مستوى البطن عوض إحداث فتحة جراحية تقليدية كبيرة، معتبرا الجراحة بالمنظار الأفضل كلما سنحت الفرصة والإمكانيات، وذلك حفاظا على جدار البطن وقوته، وتجنبا لحدوث فتوق الجراحية أو تعفن. كما أن الجراحة بالمنظار، يضيف أيمن، تقلل من ألم ما بعد العملية ومدة الاستشفاء، وهي أكثر تحملا بالنسبة للجهاز التنفسي وتعطي للجراح رؤية واضحة أثناء إجراء العملية.