جراحة المنظار جراحة تتطلب الدقة والمهنية العالية، تفاديا لأية تبعات جانبية للمريض. وبما أن الاقبال عليها في المغرب بدأ يتزايد، لكونها آمنة ويسهل على المريض متابعة حياته العادية في وقت قصير، فقد ارتأينا في هذا الحوار، تسليط بعض الضوء عليها وتبديد مخاوف بعض المترددين من إجرائها. مع الاشارة الى الحالات التي يمنع اصحابها من اجرائها . ريشار أبيتان، أحد الاطباء الذين تخصصوا في هذه الجراحة وأول من قام بإجرائها في المغرب يبسط في هذا الحوار بعض جوانب وايجابيات الجراحة بالمنظار ، وأهمية التكوين المستمر للطبيب. أين تقف حدود اختصاص الجراحة الباطنية؟ تخصص الجراحة الباطية يشمل جراحة امراض الجهاز الهضمي، الغدد ، الشرايين، إلا ن التطور التقني يسير في اتجاه الجراحة بالمنظار عوض الجراحة التقليدية. ففي امريكا مثلا هناك تخصص في نوع معين من الجراحة، وهو ما يضمن النجاح للعمليات، ما دام الطبيب الجراح ملما بكل تطور في مجال تخصصه. تدخل كذلك في هذا الاختصاص جراحة المستعجلات مثل حدوث ثقب في المعدة، أو انفجار الزائدة الدودية او بعض الاصابات التي تكون نتيجة حادثة سير مثل اصابة الطحال أو الكبد أو الصدر. بعض المرضى يتخوفون من الجراحة الباطنية، كيف تبددون هذا التخوف؟ أول ما ينبغي الاشارة اليه هو أن الجراحة بالمنظار جراحة قانونية وتتم في جميع المستشفيات. وما يدفع الى التخوف هو عدم الدراية بقانونيتها، وهو ما يؤدي الى الخوف من نتائجها رغم اننا في هذا النوع من الجراحة نتفادى أي ضرر أو تبعات صحية للمريض. بالنسبة للمغرب بدأت هذه الجراحة في 1991، وكنت سعيدا بأنني أول طبيب أجراها بعد العمل بها في أوربا في 1984. هل هناك فئات معينة تمنع من إجراء هذا النوع من الجراحة؟ مبدئيا، ليس هناك ما يمنع إجراء الجراحة بالمنظار، الا أنه في بعض الحالات يستحسن الابتعاد عنها لدى المرضى الذين يعانون من ضيق في التنفس أو أجروا عدة عمليات وهذه الحالات لا تتجاوز 10% فقط. وعموما هذا النوع يخضع لتخدير خاص وجراحة خاصة يسهر عليها اختصاصيون. وتجدر الاشارة الى أننا نمتنع عن اجراء هذه العمليات في حالة السرطانات التي لا يرجى شفاؤها أو في حالات أمراض القلب الميؤوس منها. 90% من المرضى يفضلون الجراحة بالمنظار لانهم يعون مدى تطور الطب في المغرب ، وخصوصا في القطاع الخاص، وهذا التطور يتطلب استثمارا أكثر من حيث التكوين والتكوين المستمر كل ثلاثة اشهر ( في امريكا، الصين، فرنسا). ماهي أكثر الامراض التي تتطلب تدخلا جراحيا بالمنظار؟ اول هذه الامراض هناك سرطانات الجهاز الهضمي وخصوصا سرطان القولون والمرئ والمعدة والمخرج، ثم حصوات المرارة التي تصيب النساء أكثر بسبب عوامل وراثية وهرمونية وانعدام الحركة خصوصا عند ربات البيوت، الفتق، بالاضافة الى الغدد والشرايين وامراض السمنة المفرطة والتي بدأت في البروز أكثر فأكثر بالمغرب. بالنسبة لجراحة الغدد، هناك امراض الغدة الدرقية أو المبيض، ثم المسالك البولية والعروق البارزة للساق les varices ، أو في حالا ت تكون هناك عروق ناتجة عن التدخين أو وجود عروق اصطناعية. هل المقصود بجراحة السمنة، شفط الدهون؟ جراحة السمنة ليست جراحة تجميلية. ولهذا فهي غير مرتبطة بزيادة الوزن العادية. التدخل الجراحي لا يتم إلا في حالات السمنة المفرطة التي تتسبب في الوفاة من خلال ارتفاع ضغط الدم وقد تؤدي الى الوفاة اثناء النوم. فالسمنة المفرطة لا يمكن القضاء عليها إلا بالجراحة فقط . ولحد الساعة هناك اكثر من 1000 مريض أجرى عملية ضد السمنة المفرطة، 80% منها أجرتها نساء. ومن خلال معاينتي اليومية لمرضى السمنة المفرطة، والتي غالبا ما تكون مصاحبة بأمراض القلب والشرايين والضغط والسكري، فهم إما فقراء أي انهم لا يتبعون نظاما غذائيا متوازنا ، أو اغنياء لهم عادات غذائية سيئة تحاكي النمط الامريكي في التغذية. وتتم الجراحة عن طريق تضييق المعدة بوضع «خاتم » لمنع الاكل الزائد او عن طريق شطر المعدة الى جزأين والاحتفاظ بجزء واحد فقط، او ربط المعدة مباشرة بالمعي.. تطرح الكلفة المالية في هذا النوع من الجراحة مشكلا لبعض المرضى؟ الكلفة المرتفعة لا تبرر الاستغناء عنها، وكفريق طبي نقدم مجموعة من التسهيلات في الاداء، لأن العلاقة مع المريض هي الاهم وهي التي تمنح الثقة في هذا الطبيب او ذاك. بعض الجراحات غير مؤمن عليها مثل جراحة السمنة، وهناك اتفاق حاليا مع شركات التأمين لإدخالها ضمن سلة العلاجات المؤمن عليها ما دامت ضرورية ولا تدخل في خانة التجميل. سرطان الجهاز الهضمي كما ذكرتم يأتي في مقدمة الامراض التي تتطلب الجراحة. ماهو النظام الغذائي الكفيل بتجنب مثل هذه الامراض؟ أهم نقطة للوقاية هي تجنب الدهنيات، وممارسة الرياضة والتوازن الغذائي، بالاضافة الى ضرورة اجراء فحص بالمنظار للجهاز الهضمي coloscopie لمن يتجاوز 50 سنة، لأن أغلب الحالات التي ترد علينا ، نجد أن المرض في مراحله الاخيرة ويصعب بالتالي التحكم فيه والشفاء منه. نقص المعلومات وغياب الثقافة الصحية واعطاء الأولوية للصحة من طرف المريض أولا، يساهم في تفاقم عدة حالات . وهذه مهمة الاعلام بعيدا عن الترويج لهذا الطبيب أو ذاك لأن الاهم هو المتلقي والخطاب الذي نوجهه إليه للاهتمام بصحته.