مع اقتراب السابع من أكتوبر تعد الأحزاب السياسية المغربية العدة لدخول السباق التشريعي الثاني في ظل دستور 2011، الذي سيمنح منظموه في هذه النسخة حافزا مهما للأحزاب الصغرى لحثها على منافسة الكبار عبر خفض العتبة الانتخابية إلى ثلاثة في المائة. ويمثل قرار وزارة الداخلية خفض العتبة بمثابة هدية للأحزاب الصغرى من أجل الوصول إلى قبة البرلمان، بعد أن كان هذا الأمر شبه مستحيل مع نسبة 6 في المائة، في ظل عدم تمكن هذه الهيئات السياسية من حشد المؤيدين وإقناع الناخبين الذين لا يعرفون بوجود غالبيتها إلا مع اقتراب موسم الاقتراع. وبينما يعتبر بعض المتتبعين للمشهد السياسي أن القرار جاء لتضمن وزارة حصاد توازنا داخل قبة البرلمان، ولكسر شوكة حزبي "البام" و"البيجيدي"، فإن الأحزاب الصغرى لا تأبه بهذا المعطى الذي يبقى بعيدا عن حساباتها المحصورة في الدخول إلى المؤسسة التشريعية لأول مرة والانتقال إلى مرحلة متقدمة من الفعل السياسي، من خلال المساهمة في تدبير الشأن العام. ورغم خفضها إلى هذا المستوى الذي لم ترض به أحزاب كبرى، كما هو الشأن بالنسبة لحزبي العدالة والتنمية والاستقلال، إلا أن واقع المشهد السياسي، الذي يشهد تنافسا شديدا بين "إخوان بنكيران" و"رفاق العماري"، يقلل من فرص صغار الانتخابات في كسب الرهان، ليطرح السؤال حول قدرة هذه الأحزاب على القفز فوق العتبة الجديدة والصعود إلى منصة البرلمان. العتبة لن تغير شيئا أحمد مفيد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، استبعد أن يسفر خفض العتبة إلى 3 في المائة عن تغيير كبير في الخارطة السياسية والانتخابية لما بعد 7 من أكتوبر، مستدلا على صحة كلامه بوجود بعض المؤشرات التي من شأنها الحفاظ على معالم المشهد الحالي نفسها، في مقدمتها "تجارب الاستحقاقات الانتخابية السابقة في عهد دستور 2011، التي حافظت في محطتيها التشريعية والجهوية على النتائج نفسها بفوز حزب العدالة والتنمية بغالبية محدودة". وأكد مفيد، في تصريح لهسبريس، أن "الخارطة السياسية في أفق تشريعيات 2016 لن تخرج عن المعالم المتعارف عليها نفسها"، مضيفا أن "جميع المؤشرات تفيد بانحصار المرتبة الأولى بين حزبي "البام" و"البيجيدي"، إضافة إلى محافظة أحزاب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والتقدم والاشتراكية على مراكزها المعهودة في السلم الانتخابي". تأثير قرار تخفيض العتبة الانتخابية من شأنه حسب المحلل السياسي ذاته "تمكين الأحزاب الصغرى والمتوسطة من الدخول إلى البرلمان بعدد محدود جدا من النواب البرلمانيين لن يمكنها من تشكيل فرق برلمانية حقيقية، بل فقط المشاركة في المؤسسة التشريعية بمجموعات صغيرة"، حسب تعبيره. وتبعا لذلك، يؤكد المتحدث ذاته أن "تحسين تموقع الأحزاب الصغرى في المشهد السياسي ليس رهينا بتخفيض العتبة الانتخابية، بل بطبيعة الفعل السياسي لأي حزب"، مستطردا بالقول: "الملاحظ أن مجموعة من الأحزاب السياسية لا تشتغل طول السنة وليست لها تنظيمات على مستوى التراب الوطني، ما يجعلها بعيدة كل البعد عن منافسة الأحزاب الكبرى القوية تنظيميا". "هكذا سنقفز على العتبة" من جانبها، لا تجد الأحزاب الصغرى نفسها مستفيدة من تخفيض العتبة، كما عبر عن ذلك شاكر أشهبار، رئيس حزب التجديد والإنصاف، الذي أوضح أن تخفيض العتبة إلى 3 في المائة "لن يغير الكثير في الخارطة السياسية ولن يحقق المبتغى، المتمثل في إعطاء فرصة للأحزاب الصغرى، غير تلك الثمانية المدعمة من طرف الدولة والمهيمنة على المشهد السياسي". واعتبر اشهبار، في تصريح لهسبريس، أن "العتبة الانتخابية بمثابة "ريع سياسي" يتم اعتمادها بمنطق الإقصاء في حق الأحزاب الصغرى، بحيث لا تمكن الأطياف السياسية من الحضور وضمان تمثيلية لها في المشهد السياسي، وفي الوقت ذاته، تمنح الهيمنة لثمانية أحزاب فقط"، حسب تعبيره. "للقفز على العتبة قررنا في الحزب الدخول في تحالف انتخابي مع حزبين آخرين تحت مسمى "تحالف الرافضون" من أجل الحصول على عدد أصوات يفوق نسبة 3 في المائة"، يقول أشهبار، الذي شدد على موقف حزبه الرافض لتحديد العتبة، "لأنها لا تمكن الأطياف السياسية من الحضور وضمان تمثيلية لها في المشهد السياسي"، حسب تعبيره. *صحافي متدرب