حرص رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، على تفادي إثارة اسم أو شخص الملك محمد السادس، أو حتى التعليق على خطاب العرش ليوم السبت الماضي؛ وذلك في أولى خرجاته العلنية بعد خطاب العاهل المغربي بمناسبة الذكرى ال17 لوصوله إلى سدة الحكم بالبلاد. وعلى غير عادته التي دأب عليها في أغلب لقاءاته الحزبية وتصريحاته الإعلامية، تفادى بنكيران في الملتقى السنوي لأعضاء حزب العدالة والتنمية بالخارج، اليوم الثلاثاء، كما في ندوة "الهوية والانتماء المزدوج"، يوم أمس، الخوض في علاقته بالملك. وكان متابعون ينتظرون ردة فعل رئيس الحكومة بعد خطاب الملك محمد السادس الذي لمح فيه بشكل واضح إلى بنكيران وتصريحاته بشأن "وجود دولتين داخل دولة المغرب"، معتبرا إياها "تثير الاستغراب لمسها بمصداقية المؤسسات"، بيْدَ أن بنكيران لم ينبس بأي تعليق حيال التوبيخ الملكي. ويبدو أن رئيس الحكومة "بلع لسانه" أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، فبعد توجيهاته لأعضاء "حزب المصباح" بالتزام الصمت وعدم التعليق بشأن ما بات يعرف إعلاميا ب"تجزئة خدام الدولة"، آثر الصمت المطبق إزاء ما ورد في خطاب العرش الذي أمر الأحزاب بعدم الزج بشخص الملك في الصراعات السياسية والانتخابية. واختار بنكيران الحديث في اللقاءات الحزبية التي حضرها بعد خطاب الملك في "عيد العرش"، بنبرة طغى عليها غير قليل من الجدية، بخلاف عادته التي كان يبدو فيها مرحا وضاحكا يطلق النكات يمنة ويسرة، ويوزع التعليقات والرسائل المشفرة والوضاحة إلى خصومه، وخاصة حزب الأصالة والمعاصرة. وعدا انتقاده ما أسماه "الرداءة التي يقترفها خصوم "البيجيدي" في معاركهم السياسية"، خلال لقائه اليوم بمقر الحزب بالرباط، فإن الأمين العام للحزب الحاكم فضل "الانحناء للعاصفة"، واختار مواصلة خرجاته ولقاءاته الحزبية المكثفة قبل موعد الانتخابات المقبلة، لكن دون الاصطدام مع الملك. وفي معرض حديثه أمام أعضاء حزبه بالخارج، توقع رئيس الحكومة أن يحتل حزبه المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية ليوم السابع من أكتوبر 2016، مشيرا إلى "دعم الله لمعركة الحزب"، قائلا: "المعركة التي نخوضها في هذه الحياة لا نخوضها وحدنا، بل معنا الله فيها". يذكر أن خطاب العرش ليوم السبت الماضي طالته تأويلات العديد من المحللين، خاصة حول المقصود من تلميحات وإشارات الملك. وسُجل شبه إجماع على أن عبارة "ما يبعث على الاستغراب أن البعض يطلق تصريحات ومفاهيم تسيء إلى سمعة الوطن، وتمس بحرمة ومصداقية العمل السياسي"، قصد بها الملك رئيس الحكومة، بعد حديثه عن "وجود دولتين داخل المغرب".